اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > العنف الأسري آفة المرأة أول ضحاياها

العنف الأسري آفة المرأة أول ضحاياها

نشر في: 27 يونيو, 2015: 12:01 ص

لم تتحمل سارة البالغة من العمر (21) عاما العنف الجسدي واللفظي، الذي تتعرض له من قبل زوجها ووالدته (كنتها)، فما كان منها الا ان تترك بيت الزوجية وكل متعلقاتها. متوجهة الى بيت اهلها، مطالبة الطلاق، متنازلة عن جميع حقوقها. سارة تحدثت لـ (المدى) : نظرا ل

لم تتحمل سارة البالغة من العمر (21) عاما العنف الجسدي واللفظي، الذي تتعرض له من قبل زوجها ووالدته (كنتها)، فما كان منها الا ان تترك بيت الزوجية وكل متعلقاتها. متوجهة الى بيت اهلها، مطالبة الطلاق، متنازلة عن جميع حقوقها. سارة تحدثت لـ (المدى) : نظرا لظروف عائلتي المادية والمعيشة الصعبة، اضطررت وبسن صغير الى ترك مقاعد الدراسة والزواج باول رجل يتقدم لخطبتي، بالرغم من انه يكبرني بـ 15 عاما. مر على زواجي الان 3 سنوات، لكنني طلبت الطلاق حاليا، متنازلة عن جميع حقوقي. مضيفة: لم يعد باستطاعتي تحمل العيش معه ومع والدته، ولم يعد بأمكاني تحمل الضرب المبرح الذي اتعرض له يوميا، ولاتفه الاسباب وان اي خلاف بسيط يحصل بيننا يتحول فيما بعد الى معركة بالايدي والالسن، وهذه المرة قد امتلأ جسدي باثار الضرب الذي لم ينته لولا فقداني الوعي.

 

الضحية الاولى ؟
اما ام محمد فهي ام لثلاثة اطفال قالت: ان زوجي مريض نفسيا وبسبب ذلك نعاني من تصرفاته الامرين، فقد ادمن على ضربي واطفالي لابسط الاسباب واصغرها، بالاضافة الى السب والشتم الذي يستمر على طوال اليوم. موضحة: انها من تقوم بواجب البيت من خلال عملها في احدى العيادات الطبية، اذ تقوم باعطائه الجزء الاكبر مما تكسبه، لكن رغم ذلك يشتد قساوة، حتى حين اشتكته لاهلها. 
هشام محمد اعلامي بين لـ (المدى) انتشرت ظاهرة العنف الاسري في العراق في المدة الاخيرة، وبشكل ملحوظ، نظرا للظروف الامنية والاقتصادية التي يمر بها البلد، وتعتبر الزوجة هي الضحية الاولى بهذا العنف، والرجل في صدارة المعتدين. مضيفا: فهو احد ملامح العنف الذي يؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع باكمله وليس فقط على الاسرة، ويعتبر اكثر فتكا بالمجتمعات من الحروب والاوبئة، لانه ينخر اساس المجتمع، ولابد من معالجة هذا المرض قبل ان يستفحل، ولابد من تشريع قوانين تحد منه وتنصف المراة.
القانون في البرلمان
من جهتها قالت نائب رئيس لجنة المرآة والاسرة والطفولة النيابية انتصار الجبوري في حديث لــ (المدى) عزت اسباب العنف الاسري الى الحالة الاقتصادية والامنية التي يمر بها البلد، اضافة البطالة والحاجة والعوز تجعل رب الاسرة او الاخ او الابن في حالة نفسية صعبة. بالتالي يقوم بعكس ذلك على عائلته وزوجته بشكل خاص. مشيرا الى العنف الديني او المذهبي الذي ذهب ضحيته مئات وربما الآلاف من الايزيديات والمسيحيات، اذ تعرضن الى مآسي وكوارث انسانية، من حالات اغتصاب وبيع وسبي، بالاضافة الى التهجير.
كما بينت الجبوري: ان النزاع الذي يشهده العراق حاليا، قد ساعد بظهور الكثير من حالات التفكك الاسري بالاضافة الى زيادة حالات الطلاق، وان الحادثة الاخيرة التي حدثت في البصرة، وكيف جعلوا من النساء وسيلة لفض نزاعات عشائرية، لاذنب للمرأة فيها. وتجبر من خلالها ان تعيش كل حياتها مع رجل تكاد لاتعرفه، ولم تشاهده اصلا وبالتالي يعتبر هذا ايضا احد انواع العنف ضد المرأة. داعية الحكومة الاسراع باقرار قانون العنف الاسري، مبينة انه الان في اروقة مجلس النواب، حيث تم قراءته قراءة اولى، وستكون القراءة الثانية بعد العيد. واستدركت: سنلتقي بالقضاة ومدراء الاسرة المجتمعية، لنضع اللمسات الاخيرة لهذا القانون، الذي سيحمي المرأة ويجد لها ملاذا امنا في حالات توجه العنف ضدها، نحن كلجنة مرأة نريد ان يشرع قانون ناضج لايحتاج الى تعديلات، لاقل من 15 عاما.
العنف ضد الرجال !
واشارت عضو لجنة المراة البرلمانية : ان نسبة النساء المبلغات عن حالات العنف الذي يتعرضن له هو 30% اما نسبة غير المبلغات فهي 60%،لان المرآة قد تعلمت من امها وجدتها انها وبمجرد ان تذهب للتبليغ، ستكون سببا بانشقاق الاسرة وبالتالي تخشى من الطلاق وخسارة بيتها. كما بينت الجبوري: ان العنف الاسري لايشمل النساء فقط فهناك العديد من الرجال يتعرضون الى هذا، بعض الاباء وتعامله مع ابنائه يقسو عليهم بالضرب، وبعض الابناء ومعاملتهم غير اللائقة مع ابائهم خاصة كبار السن منهم.
ثغرات قانونية
المتحدث باسم وزارة حقوق الانسان، كامل امين في ذكر لـ (المدى) قمنا بمناقشة اسباب العنف الاسري ووجدنا ان اغلبها تكون اسباب اقتصادية، او ازدياد ظاهرة الزواج المبكر وزواج القاصرات، وعدم وجود تكافئ اجتماعي بين المرأة والرجل، اضافة الى التعصب الديني، وكذلك عدم وجود حرية للمرأة في اختيار زوجها، هذه الامور جميعها انعكست على المرأة وأدت الى ازدياد العنف الاسري. موضحا: ان هناك ثغرات في بعض القوانين ومنها المادة 24 في قانون العقوبات رقم 111 المعدل، وشرح هذه المادة لايعتبر ان ضرب الزوج لزوجته جريمة، وهذه بحد ذاتها مادة جدلية لطالما عملنا على الغائها منذ 10 سنوات، ونطالب بالغائها لان هذه الفقرة مسجلة علينا حتى في التقارير الدولية، ويجب الغائها حتى تكون هنالك محاسبة اقوى، وان الكثير من المسوحات التي سجلت هي ان كثيراً من النساء تعتقد ان هذا هو حق الرجل وهذه مشكلة كبيرة.
وبين امين ان وزارة حقوق الانسان قد شاركت في ستراتيجية مناهضة العنف الاسري، وايضا شاركت في الكثير من البرامج مع منظمات المجتمع المدني وهي شريك رئيس لانها تستطيع ان تعمل مع قادة المجتمع ومع النساء والمجتمع بعيدا عن البيروقراطية والقيود، وايضا تستطيع ان تتواصل مع قادة المجتمع ورؤساء العشائر. مضيفا: ان وزارة العدل ليس لها اي دور بهذا الخصوص بل بالعكس اقحمت نفسها في طلب تشريع القانون الجعفري، وهو قانون ينظم ويمنهج عملية العنف ضد المراة، وان وزير العدل كان يريد ان يعكس رأي دينيا ومذهبيا، بشكل يعمم المحاصصة، ويزيد عملية العنف من خلال هذا القانون، ولكن سعي منظمات المجتمع المدني، حال دون اقرار هذا القانون.
تحذيرات من التلاعب
وبشان قانون العنف الاسري اكد المتحدث باسم وزارة حقوق الانسان: ان قانون مناهضة العنف الاسري قد اقر في مجلس الوزراء ورفع قبل حوالي (3) اشهر الى مجلس النواب، لكن وصلتنا معلومات ان مجلس النواب يريد ان يغير في بعض فقرات القانون، ليس لصالح المرآة، داعيا: منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام الى ضرورة تشريع هذا القانون والاطلاع عليه قبل ذلك. مبينا: ان القانون يحتوي الكثير من الامتيازات للمرأة، على سبيل المثال فتح دور ايوائية من قبل وزارة العمل، وهذه الدورة الايوائية تصدر بقرار قاض، اذ يتم ايواء المرأة واطفالها ولمدة محدودة، لانها قد تذهب الى الشارع وتتلقفها جهات اجرامية تقوم باستغلالها واليوم واحدة من اهم اسباب تحمل المرأة واطفالها عنف الزوج، وهو عدم وجود اماكن تذهب اليها فتضطر الى ان تتحمل ضرب الرجل لها واهانته.
الحل ... دولة مدنية
بدورها قالت الباحثة الاجتماعية فوزية العطية في حديث لـ (المدى) ان الظروف التي يمر بها المجتمع تؤثر بالثقافة المجتمعية العامة وهذه الثقافة ستؤثر بالثقافات الفرعية، والآن مجتمعنا يمر بظروف غير اعتيادية وهذا اثر على بنية المجتمع وبنية العائلة، اضافة للحروب السابقة والتي اثرت بالمكنونات النفسية للفرد العراقي. مبينة: ان مسألة الزواج المبكر ينتج عنها العنف الاسري، وبطبيعة الحال عندما يكون الزواج مبكرا، تتعرض الزوجة لحالات من العنف من قبل الزوج، ولذلك نجد ان نسبة الطلاق قد ارتفعت وهذا ايضا احد انواع العنف، وكذلك انتشار ظاهرة البطالة في المجتمع يؤثر بالمنكونات النفسية للرجل وتجعله يقوم بتوجيه العنف ضد المرأة.
قانون 1959
واشارت العطية: يجب ان تعالج هذه الامور وان تكون هنالك قوانين رادعة للحد من هذا العنف الاسري وخاصة العنف الموجه من قبل الزوج والاخ والأب وحتى الابن احيانا تجاه الأم. مستطردة: لابد من تعديل الدستور لصالح المرأة، وان تلغى العشائرية والطائفية، وان تكون كل هذه المكونات مرتبطة بسلطة مركزية وقانون يقدم الحماية لمختلف الفئات الاجتماعية، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعشائرية، وبدون ذلك لايمكن ان تحل هذه المشكلة، ونحن بحاجة الى بناء مجتمع مدني ودولة مجتمع مدني، وضرورة ان تكون هنالك سيادة للحد من تأثير الانتماءات الفرعية، ويجب ان نعمل على ترسيخ المواطنة.
مبينة: كان هناك قانون للعنف الاسري شرع عام 1959، لكنه همش الآن. كما ان تفكك المنظومة القيمية للمجمتع اثر في الاتجاهات كافة. مطالبة الدولة ان تتحمل مسؤوليتها تجاه الارامل والايتام واطفال الشوارع، لان هذا يدفعهم للعنف وخاصة العنف الاسري ومنع زواج القاصرات والزواج خارج المحكمة. 
تباين قانوني
من جانبه قال الخبير القانوني طارق حرب، في حديثه لـ (المدى) ان طبيعة المجتمع العراقي والعادات الشرقية والظروف الاقتصادية والامنية تساعد على العنف الاسري، وتخلق انسانا غير مستقر، وهذا الانسان غالبا مايخرج عن قواعد الاخلاق. موضحا: يجب ان يكون هنالك تثقيف على مسألة ان العنف الاسري مسألة غير مقبولة، لادينيا ولاقانونيا ولا اخلاقيا، واذا ماوصلنا الى هذه الثقافة من الممكن ان نقطع مرحلة كبيرة، في محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها.
وبشأن العقوبة التي نص عليه القانون اشار حرب: ان العقوبة تختلف حسب الجريمة المرتكبة وحسب العنف الواقع، وان بعض القضايا عندما تصل للقتل، تبتعد عن العنف الاسري، وتذهب الى الجنايات وتصبح جريمة كالجريمة التي ارتكبتها أم وقامت بقتل ابنتها وولدها هذه الجريمة احيلت الى محكمة الجنايات وهي المحكمة المختصة بالعنف الاسري، ولم تعتبر جريمة عنف اسري وانما اعتبرت جريمة كبيرة اخذت طريقها الى الجنايات.
واسترسل حرب: كل جريمة تختلف عقوبتها بحسب الفعل الواقع، وتبدأ من الغرامة وصولا الى الاعدام، وانا لا اؤيد تشريع قانون للعنف الاسري، لان كل قانون سيترتب عليه اضرار، كقانون مكافحة الاتجار بالبشر الذي اقره مجلس النواب، كانت احد بنوده من يخطف امراة بقصد بيعها لاستغلالها بالدعارة يعاقب بالسجن المؤبد في حين ان قانون العقوبات يعاقب بالاعدام بمجرد الخطف، وانا اخشى ان تكون العقوبة فيها خفيفة فكلما كانت العقوبة شديدة، كلما ردع الانسان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram