الكتل النيابية كلها بلا استثناء متفقة على تمرير قانون العفو العام ، بوصفه ورد ضمن وثيقة الاصلاح السياسي كجزء من متطلبات تحقيق مشروع المصالحة الوطنية المنقرض نتيجة اخضاعه لمزاج صاحب القرار في السنوات الماضية ، ملف المشروع انتهى به المطاف لدى الدفانة ، في المناسبات الوطنية يقرأ عليه الساسة سورة الفاتحة ، فيما يراه آخرون ومنهم نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي مشروعا مهما قادرا على توطيد السلم الاهلي وتجاوز اخطاء المرحلة السابقة ، فضلا عن فتح صفحة جديدة بالانفتاح على قوى خارج العملية السياسية بامكانها ان تقدم خدمات كبيرة لمساعدة الحكومة الحالية في حربها ضد الارهاب وتحرير المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش .
ممثلو الكتل النيابية في الحكومة، صوتوا على مسودة مشروع قانون العفو العام بالاجماع ، لم تبرز اعتراضات داخل الكابينة الوزارية ، فارسلت المسودة الى مجلس النواب لتطرح على جدول اعمال جلساته المقبلة ، برلمانيون وبطريقة العزف المنفرد على القانون أبدوا اعتراضهم على بعض المواد ، لانها من وجهة نظرهم تجاهلت المحكومين المدانين بارتكاب جرائم ارهابية بموجب معلومات قدمها المخبر السري ، والحصول على اعترافات المتهمين بالاكراه وتحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي ، فصدرت بحق الابرياء احكام بالسجن تصل الى عشرات السنين ، نواب آخرون نفذوا صولة استباقية ضد المشروع ، مشددين على اهمية اجراء المزيد من التعديلات على مواده لمنع تكرار اطلاق سراح ارهابيين مدانين بارتكاب جرائم بحق ابناء الشعب العراقي ، للحد من محاولة تكرار تجربة اقرار العفو العام السابق .
اعتادت الكتل النيابية على ضمان تحقيق مكاسبها في تمرير التشريعات، ترتفع الحماسة الوطنية حتى تصل الى ذروتها حين يتضمن القانون منافع فئوية فيكون التصويت باغلبية المنتفعين . العفو العام خضع لسجال بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان ، فكان مصدر خلاف فشل الجميع في تسويته ، فجاء ضمن وثيقة الصلاح السياسي كشرط ملزم ، لابد من تنفيذه ، من يتجاهله خائن ، ومن يطالب بتشريعه يقدم خدمات جليلة للارهابيين . على هذا الايقاع المتصاعد في تبادل الاتهامات تعود معزوفة العفو العام الى الواجهة من جديد ليسمعها العراقيون باصوات نشاز تحتاج الى مايسترو خبير لضبط اللحن لتستجيب له الاذن البشرية .
في ثلاث دورات تشريعية ابتكرت القوى السياسية العراقية قاعدة التوافق لتحقيق الصفقات ، لم تعتمد حتى الان خريطة طريق ترسم ملامح اتفاق ثابت حول القضايا الخلافية ، تجاهلت تشريع قانون الاحزاب وتشريعات اخرى تنظم الحياة السياسية في العراق تعزز نظامه الديمقراطي ، في ظل تصاعد حالة التناحر بين الاطراف المشاركة في توقيع وثيقة الاصلاح السياسي ، حذر نائب من ائتلاف دولة القانون من تمرير المشروع ، اعترض النائب وهو يوم كان يشغل منصبا امنيا رفيعا ، سلم الى دولة عربية معتقليها المتهمين بارتكاب جرائم ارهابية بتوجيه اميركي ، فاثبت ممثل الشعب ، بانه خير من يجيد أداء معزوفة العفو العام وغناء "كصيد" البادية .
معزوفة "العفو العام"
[post-views]
نشر في: 26 يونيو, 2015: 09:01 م