TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معزوفة "العفو العام"

معزوفة "العفو العام"

نشر في: 26 يونيو, 2015: 09:01 م

الكتل النيابية كلها بلا استثناء متفقة على تمرير قانون العفو العام ، بوصفه ورد ضمن وثيقة الاصلاح السياسي كجزء من متطلبات تحقيق مشروع المصالحة الوطنية المنقرض نتيجة اخضاعه لمزاج صاحب القرار في السنوات الماضية ، ملف المشروع انتهى به المطاف لدى الدفانة ، في المناسبات الوطنية يقرأ عليه الساسة سورة الفاتحة ، فيما يراه آخرون ومنهم نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي مشروعا مهما قادرا على توطيد السلم الاهلي وتجاوز اخطاء المرحلة السابقة ، فضلا عن فتح صفحة جديدة بالانفتاح على قوى خارج العملية السياسية بامكانها ان تقدم خدمات كبيرة لمساعدة الحكومة الحالية في حربها ضد الارهاب وتحرير المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش .
ممثلو الكتل النيابية في الحكومة، صوتوا على مسودة مشروع قانون العفو العام بالاجماع ، لم تبرز اعتراضات داخل الكابينة الوزارية ، فارسلت المسودة الى مجلس النواب لتطرح على جدول اعمال جلساته المقبلة ، برلمانيون وبطريقة العزف المنفرد على القانون أبدوا اعتراضهم على بعض المواد ، لانها من وجهة نظرهم تجاهلت المحكومين المدانين بارتكاب جرائم ارهابية بموجب معلومات قدمها المخبر السري ، والحصول على اعترافات المتهمين بالاكراه وتحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي ، فصدرت بحق الابرياء احكام بالسجن تصل الى عشرات السنين ، نواب آخرون نفذوا صولة استباقية ضد المشروع ، مشددين على اهمية اجراء المزيد من التعديلات على مواده لمنع تكرار اطلاق سراح ارهابيين مدانين بارتكاب جرائم بحق ابناء الشعب العراقي ، للحد من محاولة تكرار تجربة اقرار العفو العام السابق .
اعتادت الكتل النيابية على ضمان تحقيق مكاسبها في تمرير التشريعات، ترتفع الحماسة الوطنية حتى تصل الى ذروتها حين يتضمن القانون منافع فئوية فيكون التصويت باغلبية المنتفعين . العفو العام خضع لسجال بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان ، فكان مصدر خلاف فشل الجميع في تسويته ، فجاء ضمن وثيقة الصلاح السياسي كشرط ملزم ، لابد من تنفيذه ، من يتجاهله خائن ، ومن يطالب بتشريعه يقدم خدمات جليلة للارهابيين . على هذا الايقاع المتصاعد في تبادل الاتهامات تعود معزوفة العفو العام الى الواجهة من جديد ليسمعها العراقيون باصوات نشاز تحتاج الى مايسترو خبير لضبط اللحن لتستجيب له الاذن البشرية .
في ثلاث دورات تشريعية ابتكرت القوى السياسية العراقية قاعدة التوافق لتحقيق الصفقات ، لم تعتمد حتى الان خريطة طريق ترسم ملامح اتفاق ثابت حول القضايا الخلافية ، تجاهلت تشريع قانون الاحزاب وتشريعات اخرى تنظم الحياة السياسية في العراق تعزز نظامه الديمقراطي ، في ظل تصاعد حالة التناحر بين الاطراف المشاركة في توقيع وثيقة الاصلاح السياسي ، حذر نائب من ائتلاف دولة القانون من تمرير المشروع ، اعترض النائب وهو يوم كان يشغل منصبا امنيا رفيعا ، سلم الى دولة عربية معتقليها المتهمين بارتكاب جرائم ارهابية بتوجيه اميركي ، فاثبت ممثل الشعب ، بانه خير من يجيد أداء معزوفة العفو العام وغناء "كصيد" البادية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram