ما مر بالعراق من مآس، بفعل الطائفية والإرهاب وتحكم المتخلفين والمفسدين، لا يمكن ان يقارن بما حل باالسعودية من حيث الكم والنوع. كل ما فعله الإرهاب هناك يعتبر "بالريش" مقارنة بالعراق. فمن هو المطالب بـ "كسر المجرشة" قبل غيره: الفنان السعودي ام العراقي؟ لقد كسرها ناصر القصبي على رؤوس دعاة الظلام وسفك الدماء. لا يتصور بعضكم ان خروجه وهو يهز "عجيزته" مرتديا نصف دشداشة، امر هين في بلده الذي لا سلطة فيه على جماعة الامر بالمعروف. لقد مس امرا يعد مقدسا وخطا احمر بالنسبة للمجتمع السعودي. وهذا هو الذي ينقص فنانينا ومثقفينا بشكل عام.
ما كان "سيلفي" سينجح هذا النجاح لو انه اكتفى بالتأشير على عيوب الجيران دون ذكر عيوب بيته. وما كان سينجح مطلقا لو ان في نفس كاتبه او بطله خلية طائفية او حزبية واحدة. وقبل ذلك كله كشف ظهورهما في اللقاء التلفزيوني بعد اول ثلاث حلقات عن تواضعهما وفهمهما لحدود دورهما. لم يدعيا انهما مفكران او سياسيان بارعان او حتى مثقفان. ولم يجهدا نفسيهما في البحث عن مفردات "مرصرصة" ليقول لهما فلان او علان: "عفية". واقعيان يعرفان حدودهما جيدا.
في حلقة "سيلفي" الثانية التي تناوشت الدواعش بحرفية عالية شغل المقطع النهائي ملايين الناس: عندما طلب الابن من "أبو سراقة" ان ينتظر لحظة قبل ان يذبح اباه، صاح ضيفي العراقي الذي كان يشاهد الحلقة معي: خربت. لكنه عندما رأى ان الابن طلب ان يجّز رأس ابيه بيديه، صاح: هذا هو الشغل المضبوط.
سألته: لماذا اعتبرتها خربت؟ رد علي: بصراحة تصورت انه سيقول للجلاد اذبحني مكانه وعندها يصبح العمل لا يسوى فلسا. وهاي منين اجت ابالك؟ يا خويه مو ربعنه، الله يسلمهم، شغلهم كله هيج .. يحولونها على غفلة درما "حزبية" او "دينية" بحجة غرس قيم "التضحية والايثار" في المجتمع!
قلت له لا تخف على "سيلفي" لان السيناريست خالد الحربي لو انقلبت الدنيا سوف لن يشغل نفسه "بزرعات حميّد" ويتخيل نفسه مرشدا دينيا او ناصحا سياسيا من وزن "ميكافيلي". شلون؟ ثق انه لن يضيع ثانية واحدة ليفكر بالذهاب لرئيس وزراء السعودية، او حتى ملكها، ليعلمه أهمية الظهور في خطبة اسبوعية "مباركة" كل اربعاء بذريعة ان الشعب بحاجة ماسة اليها! رسالة الحربي والقصبي أكبر من ذلك بكثير.
قراءة عراقية في "سيلفي" سعودية
[post-views]
نشر في: 29 يونيو, 2015: 09:01 م