هبّة مضحكة وهبّة مكدّرة، وغالباً مُفجعة. هذه هي حالنا مع سياسيينا الذين يحلو للبعض أن يصفهم بـ "سياسيي الصدفة"، كنايةً عن أنهم، كما أظهرت التجربة معهم، لا في العير ولا في النفير من السياسة وفنونها وقواعد لعبتها، فقد فشلوا في إدارة الدولة على مدى 12 سنة متواصلة، بل انهم محوا كل أثر تبقّى للدولة.
أما الهبّة المضحكة فآخر موجة منها ما تضمّنه تصريح لأحد نواب القائمة الوطنية من تحميل الولايات المتحدة مسؤولية الفشل في تشكيل جيش عراقي "يستطيع القيام بمهامه في حفظ الأمن لمواطنيه والمحافظات"!. هذا الكلام يُشبه النكتة، فما من عراقي لا يعرف أن الطبقة السياسية المتنفذة، والنائب صاحب التصريح واحد من أفرادها، هي التي تتحمل المسؤولية كلهاعن الفشل الذريع في بناء مؤسسة عسكرية وأمنية قادرة على حفظ أمن المواطنين والدفاع عن سيادة البلاد واستقلالها، بل هي تتحمل كامل المسؤولية عن كل ما جرى منذ سقوط الموصل قبل سنة ونيف وعن كل ما أدى الى ذلك السقوط المهين لكل عراقية وعراقي، والى سقوط ثلث البلاد تحت احتلال التنظيم الإرهابي داعش، وما رافق ذلك من ويلات ومحن وفجائع قلّ نظيرها على مدى قرون.
هذه الطبقة السياسية هي التي صمّمت عملية سياسية ما كان لها إلا أن تؤول الى دولة فاشلة بجيش وشرطة وجهاز استخبارات ليس في وسعهم حفظ الأمن في مدينة صغيرة. وهذه الطبقة هي التي أفسدت الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية برمّتها وأفسدت مؤسسات الدولة جميعاً، وفي مقدمها الجيش والشرطة والاستخبارات.. هذه الطبقة هي المسؤولة عن تحويل المدير النزيه والوطني في المؤسسات والدوائر المدنية والقائد العسكري والأمني المماثل الى عملة نادرة.
أما الهبّة المكدّرة فمثالها ما جاء في تصريح مثير للذعر لأحد نواب دولة القانون.. على كل السوء الذي نحن فيه كان من الصعب علينا أن نتصور أن نائباً من كتلة معينة يهدّد معارضي زعيم كتلته بقطع أياديهم!.. النائب المذكور كان يعلّق على ما وصفها هو بـ "تحركات خبيثة" يقوم بها "متآمرون ومتخابرون مع دول إقليمية" لتقديم رئيس كتلة دولة القانون ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي الى المحاكمة.. النائب قال مُنذراً ومُتوعداً أن كتلته "ستقطع الأيادي التي تُريد النيل من نائب رئيس الجمهورية"!!
هذا كلام خطير للغاية، ما من علاقة له بالسياسة السوية، يعكس روحاً عدوانية لا تتورع عن القيام بأي شيء عندما تتمكن من السلطة، تُذكّر بالروح التي كانت لدى صدام حسين وأمثاله من الطغاة.
شخصياً اعتقد أن كثيرين من أفراد الطبقة السياسية المتنفذة، بمن فيهم مخالفون ومعارضون للسيد المالكي، يستحقون الإحالة إلى محاكم وطنية وأخرى دولية لمساءلتهم ومعاقبتهم عن سياسات خاطئة انتهجوها كانت لها عواقب وخيمة، وعن جرائم كثيرة ارتكبوها بصورة مباشرة أو غير مباشرة في حق الشعب العراقي على مدة الإثنتي عشرة سنة الماضية.
ليس السيد الماكي إلهاً لا يحق لأحد التفكير بمحاكمته أو الدعوة اليها، ولا خصوم المالكي ومعارضوه ملائكة لتنزيههم عن كل خلل.. السياسي عليه توطين نفسه حتى على تلقي "هدايا" مزعجة كالبيض والطماطم.
هبّات سياسيينا!
[post-views]
نشر في: 29 يونيو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
ياسيدي لاتستغرب لمنطق هذا النائم عفوا النائب لهكذا تصريح صدقني ان جميع القوى المتواجدة على الساحة العراقية هذا هو منطقهم بقطع الاعناق وقطع الايدي والارجل واللسان فلا تستغرب ياسيدي الفاضل فلا يفهموا غير هذه اللغة الوحشية وعليه لابد للشعب اذا كان فيه عرق ين