اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كان منعزلا!!

كان منعزلا!!

نشر في: 29 يونيو, 2015: 09:01 م

ثمة شيء في سلوك الجماعات المتشددة ، إنهم يكرهون الفرح، ويحاربون كل اساليب المرح ، وهم ايضا لايحترمون حرية المجتمع، يقول ذلك الكاتب الايراني آصف بيات في كتابه الممتع "الحياة سياسة" ، وهو يعرض كيف ان حملة معاداة المرح ظهرت مع الحركة الوهابية في السعودية ، والتي يقول الكاتب انها مرت بثلاث مراحل ، الاولى منعت فيها بيع الآلات الموسيقية، وفي الثانية سعوا الى توسيع التغطية الجغرافية لضوابط منع اللهو ، ثم بعد ذلك انشأوا هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان طبيعيا ان تسعى جماعات اخرى بإعلان الحرب على مظاهر الفرح، ففي اواخر الثمانينيات عملت التنظيمات الدينية في الجامعات المصرية على وقف الحفلات والمسرحيات وعلى مضايقة الفتيات، وقد منعت الاتحادات ذات التوجه الاسلاموي الافلام والموسيقى الشعبية لانها اعتبرتها غريبة عن الثقافة الاسلامية، اما في ايران فقد حارب المحافظون ، كل من رغب في تحويل المرح الى قضية ديمقراطية، فقد تم النظر الى صور اللهو واللعب والتسلية ، على انها امثلة لعدم الاخلاق والتسيب واضاعة الوقت ، حتى ان رجل دين محافظ مثل محمد تقي يزدي كتب صراحة : " ان اخطر شيء يهدد مستقبل البلاد هو ان تقام مراكز ثقافية بدلا من دور العبادة " ، بل ذهب البعض الى ان الاختلاط في الجامعات والمدارس من اشد الانحرافات ومن الاشياء الخطيرة على المجتمع التي تهدد الصحة الاخلاقية.
بالامس نقلت الينا وسائل الاعلام ان الارهابي الذي فجر جامع الصادق في الكويت كان منعزلا وانطوائيا، وكأنها وقعت على كنز ثمين من المعلومات، فمنذ متى ياسادة واصحاب النظرة المتشددة يؤمنون بان الفرح و السعادة حق مكتسب للناس جميعا؟ منذ متى لم نسمع كلمة افرحوا؟ منذ متى واحزابنا الدينية تؤمن أن الفرح شيء ليس لأهل هذه البلاد؟
كأنما الحزن فرض من فروض العيش، في العراق الذي تتولى اموره احزاب تنتمي الى الاسلام السياسي ، اصبح المواطن مجرد رقم في نشرات الاخبار متنقلا من تشريد إلى موت، ومن ظلم إلى ظلام اكبر، ومن مفخخة الى عبوة توضع بعناية فائقة، ومن اشلاء ممزقة الى مقابر جماعية.
في حكاية الخوف من المرح والفرح ، هناك الكثير مما يمكن التوقف عنده.. كيف تعدّ الجريمة مجرد صولة لتطبيق مفاهيم دينية؟ كيف تجد مبررا للفتك بإنسان أعزل، وأنت تشعر بأنك حققت انتصارا على أعداء خارجين على إرادة الدين؟
الاختلاط حرام بقرار حكومي، الاحتفال باعياد الحب مدنس، الضحك قلة ادب، الموسيقى من عمل الشيطان، وشاهدنا كيف صالت بعض مجالس المحافظات صولة رجل واحد على اصحاب محال كانوا يبيعون لعبا ملونة، في الوقت الذي تدخل فيه هذه المدن سجل المحافظات الاكثر نهبا للثروات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    الموسيقى والرقص والغناء هدايا الهيه لكل شعوب العالم-----لكل شعب اناشيده الخاصه والرقص يختلف من شعب الى شعب اخر-----الموسيقى والرقص والغناء علاج لامراض الروح والعقل والعاطفة----انظروا للشعوب التي منع عنها التفريح بصورة اغانى او رقص او موسيقى وعلى سبيل المث

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: 21 عاماً في محبة المدى

 علي حسين إسمحوا لصاحب هذا العمود أن يحتفل مع زملائه بدخول العام الحادي والعشرين لصحيفة (المدى)، وأن يعترف علنًا أنه لم يكن يعرف قواعد اللعبة الديمقراطية جيدًا، ولا يفهم أنظمتها الجديدة التي تشكلت...
علي حسين

الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية

فاضل ثامر عندما بدأت جريدة المدى في الصدور، بعد الاحتلال وتحديدا في 5/8/2003، كنت ضمن كادر محرريها المحدود، حيث اتخذت لها مقراً متواضعاً في شارع فلسطين.. وبقيت أعمل في الجريدة تحت إشراف رئيس تحريرها...
فاضل ثامر

الـ (المدى).. أيقونة الصحافة العراقية

د.قاسم حسين صالح اوجع مفارقة بتاريخ العراقيين هي تلك التي حصلت في التاسع من نيسان 2003،ففيه كانوا قد حلموا بالافراح بنهاية الطغيان، فاذا به يتحول الى بوابة للفواجع والأحزان.فللمرة الأولى في تاريخهم يفرح العراقيون...
د.قاسم حسين صالح

الـ (المدى) وملاحقها

رفعة عبد الرزاق محمد لا ريب ان من مظاهر نجاح (المدى) في مسيرتها الصحفية الفائقة، إقبال قرائها على الاحتفاء بملاحقها الاسبوعية، اذ كان كل يوم في الاسبوع مخصصا لملحق معين. و بسبب ازمة الصحافة...
رفعة عبد الرزاق محمد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram