بهذا العنوان السهل والبسيط أقيم مهرجان فني على مساحة خضراء كبيرة ومفتوحة بمحاذاة مرسمي ، حضر الناس من كل مكان ، من مدن بعيدة وقرى قريبة ليعيشوا أربعة أيام وسط كل ما هو جميل وممتع ، نُصبت المسارح وهُيئت قاعات للعرض وقامت الأكشاك والمقاهي والمطاعم الصغيرة لتستقبل الناس وسط خضرة المكان وما يحيطه من مياه وأشجار وأرصفة مرتبه وجميلة .
وأنا أهمُّ البارحة برسم لوحة جديدة ، سمعت صوت الموسيقى من نافذة المرسم ، فهيأت نفسي للذهاب ولم أحتج سوى خمس دقائق أمشيها كي أكون وسط المكان . أحيّي بعض المعارف هنا وهناك واتجول لمشاهدة فعاليات أيام الصيف . أبتدأت بورشة الكرافيك الطباعية التي أقامها ثلاثة فنانين لبعض الشباب الراغبين في ذلك حيث نصبوا خيمتين كبيرتين ، واحدة للعمل والطباعة حيت تكدست أدوات الحفر وعلب الأحبار على مجموعة من الطاولات والخيمة الثانية كانت مخصصة لعرض الأعمال التي نفذها هؤلاء الشباب بتقنيات أيضاً مختلفة منها التقليدي ومنها أضافة ووضع بعض المفردات على الكلائش مثل أوراق الأشجار والخيوط وغيرها .
أنهي دورتي هنا لأدس رأسي وسط مجموعة من الناس يتجمعون حول حلقة كبيرة واذا بي أرى ممثلين يقدمون عملاً كوميدياً يتابعه الجمهور وهم يحتسون مشروباتهم المفضلة . مشيت قليلاً وأذا بيافطة صغيرة من الخشب تشير الى فريق رسم الكرافيتي ، سحبت نفسي الى هناك لأتطلع الى الأعمال والمكان وسط رائحة الألوان البخاخة وقد نصبت هناك مجموعة من الجدران الخشبية أخذت أشكالا عديدة لهذا الغرض والكل منشغل بالرسم والكتابة عليها .
أردت العودة الى المسرح الكبير الذي توسط مكان الاحتفال لاستمع الى بعض الأغاني والموسيقى وأذا بي ألمح من بعيد رجلا في الستين من عمره قد اتخذ من باحة جانبية خضراء مكانا لعمله وهو يرسم ويلون مجموعة من أحواض السباحة ، وقد رسم على كل بانيو أو حوض عملاً مختلفاً ، اتجهت الى الرجل وحييته وقلت له أن عمله هذا هو أكثر ما أثار اعجابي هنا . ثبَّت هذا الفنان أحواضه بشكل عمودي ووضعها بجانب بعضها لتشكل دائرة بقطر عشرة امتار تقريباً يمكنك أن تتأمل الأعمال من داخل الدائرة أو خارجها ، وقد وظّف الفنان في هذه الأعمال لمحات معينة من أعمال مشهورة وبنى عليها أعماله مثل (لوحة الصرخة) لأدوارد مونك وبعض مفردات الرسام كيث هارنغ وكذلك التقنيات الطباعية بالأسود والأبيض . ودَّعته بمحبة وهو يبتسم بوجهه المشرق وملابسه التي تغطيها بقع الأصباغ ومضيت أبحث عن جهة أو زاوية جديدة للفرجة أو متعة أخرى ملونة والناس تتقاطر على المكان من كل جانب سواء بالسيارات أو الدراجات الهوائية أو مشياً كما فعلت أنا .
هذه هي السنة التاسعة التي يقام فيها مهرجان الصيف وفي نفس الأيام بالضبط ، وقد بدأ عدد الحضور والمشاركين يزداد مع مرور السنوات ومعرفة الناس بمكان المهرجان ، أذ بلغ هذه السنة ثلاثين ألف زائر ومشارك حيث يحق للجميع أن يساهموا في الفعاليات سواء تلك التي ذكرتها أو غيرها الكثير ، يتجمع الناس هنا للمتعة أولاً ومشاركة بعضهم بأشياء وتفاصيل تنمّي لديهم روح الابتكار والابداع والتواصل ، أنه سومبوزيوم حقيقي ولقاء يعكس روح الناس وحاجتهم دائماً لخلق أيام جميلة ناصعة حيث يكون الأكل والشرب ممزوجاً بالفن والابداع وكأنهم يحيون التقليد القديم الذي وضعه اليونان للسمبوزيوم ، وهذه الكلمة تعني باللغة الأغريقية القديمة ( نأكل ونشرب معاً ) . هناك قضيت نهاري وجزءا من المساء أيضاً وعدت بعدها الى المرسم ، الموسيقى تصاحب خطواتي التي تغادر المكان ، ومع كل خطوة جديدة يخفت صوت الموسيقى ويبتعد خلفي لكن متعتي بالمكان والفعاليات لم تذهب أو تخفت حتى هذه اللحظة.
أيام الصيف
[post-views]
نشر في: 3 يوليو, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...