اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > حمائم فائق حسن تبحث عن السلام مجددا

حمائم فائق حسن تبحث عن السلام مجددا

نشر في: 4 يوليو, 2015: 09:01 م

ألوان جميلة مبهجة وفرحة، متناغمة بشكل فني مموسق، تشير الى عظمة الانسان وسموه، أيدٍ مرفوعة الى السماء بزهو تطوف حولها حمائم السلام البيضاء التي تحتضن العراق فرحاً، في وسط الجدارية ثمة شابة مزدهرة باسمة ترفع يديها بعنفوان وتطيّر حمامتين في فضاء الحرية

ألوان جميلة مبهجة وفرحة، متناغمة بشكل فني مموسق، تشير الى عظمة الانسان وسموه، أيدٍ مرفوعة الى السماء بزهو تطوف حولها حمائم السلام البيضاء التي تحتضن العراق فرحاً، في وسط الجدارية ثمة شابة مزدهرة باسمة ترفع يديها بعنفوان وتطيّر حمامتين في فضاء الحرية الذي حده في الجانب الاخر جواد سليم بنصبه الخالد. ومن حولها جندي وعامل ومزارع، وثمة نساء مدينة بأثواب مكشوفة ملونة. أسفلها كان الاطفال يمثلهم طفلا ينظر صوب الجهة الاخرى من العمر فهو يلعب ويحلم. نعم انها جدارية الثورة التي تحولت الى جدارية فائق حسن، التي ما عادت كما كانت شكلا ومضمونا.
(لو بيدي كان فلشتها)
الجدارية، مصنوعة من آلاف قطع السيراميك الصغيرة الملونة،المقاومة للاجواء العراقية وخاصة حر الصيف الذي لايرحم/ لكن رغم ذلك باتت الوان الجدارية باهتة فهي لم تنل العنايةوالترميم الكافيين لبقاء ديمومة ورونق الالوان. التاريخ التشكيلي العراقي يعتبرفائق حسن مبتدع الوان لوحاته ان لم يكن الاول بهذا المضمار ... لذا كان الجدارية مثار لرؤية والتمعن النظري، مؤخراً قام الفنان التشكيلي فهد الصكر بطرق الجدارية على النحاس حيث قال عن تلك التجربة. أعتقد كما هي نظرتي الى شناشيل بغداد وتسجيلي لها على شكل لوحات نحاسية بغية أرشفتها قبل أن تغادرنا كان الهدف من تدويني لهذه الجدارية التي دوّن فيها فائق حسن الكثير من المرموزات التي تعني شرائح المجتمع العراقي، أردت أن أحتفظ بها لوحة قبل أن تغادرنا ذات لعنة، وهذا الأهمال دليل على رحيلها مبكرا .وهنا أعلمك لم أرسمها مرة واحدة ، وكل اللوحات غادرت العراق من خلال مقتنيها ؟
الصكر اضاف : أزعم أنها لم تلق الأهتمام الذي يحق لها كوجود جمالي ومعماري في ذات الوقت، لم تلق الأهتمام من الذين يعنيهم الأمر، وهنا لا أعني فقط " أمانة بغداد " وهي المعنية الأولى بذلك، لكن وزارة الثقافة هي من عليها تقع مبادرة أحتواء هذا العمل الكبير لرائد من رواد الحركة التشكيلية بالعراق،مستذكرا: حوار مع فائق حسن قبل وفاته عندما رأى شكل الجدارية وما يحيطها قال " لو بيدي كان فلشتها"
مهارات فائق حسن
تشير المعلومات الى انه في نهاية عام 1958 كلّف الزعيم عبد الكريم قاسم، الفنّان والمعماري رفعة الجادرجي والذي كرم مؤخرا، بجائزة تميّز للانجاز المعماري مدى الحياة، لعام 2015، بتصميم ثلاثة نصب في بغداد لتخليد ثورة 14 تموز؛ وهي نصب الجندي المجهول الذي ازيل فيما بعد وحل اخر بدلا عنه. ونصب الحرية الذي صمّم له الجادرجي يافطة هائلة من المرمر، وعلى سطحها مصبوبات جواد سليم البرونزية. النصب الثالث الذي سمي أولاً "جدارية الثورة"، لكن قصيدة شعرٍ بدلّت الاسم لينسب النصب إلى مصممه الفنّان فائق حسن ويصبح "جدارية فائق حسن".
عن الساحة وما تعنيها ذكر الشاعر ريسان الخزعلي : نصب الحرية الذي أُنشئ قبل سنوات من انشاء الجدارية، شاع صيته بين الاوساط الثقافية والاجتماعية بطريقة تفوق ما كان عليه الامر مع هذه الجدارية. وما كان صيته ليشيع لولا اهميته الابداعية، الفنية والجمالية، اساساً..، وهكذا لم تثر هذه الجدارية الكثير من الاهتمام والانتباه، رغم ان الانتباه اليها يأتي من خلال موقعها، حيث تجمع لعمال المساطر صباحاً يكونون على جانبيها وهم يحلمون بالحصول غلى فرصة عمل بأجور يومية، يمنحها لهم المقاولون والمتعهدون، بعد اختبار دقيق لقوّة ايديهم واجسادهم، تضاف الى ذلك مهارات الفنان فائق حسن في تجسيد موضوع الجدارية، حيث انكسار قفل (القفص) وانطلاق الحمامات عالياً بتداخل مع هتافات ولافتات الشعب لهذا الانطلاق. وهكذا توحّد التشكيلي مع الشعري في رقصةٍ جماليةٍ واحدة مشتركة حتى يومنا هذا.

فاصلة : الجدارية تحملت من الإساءات والاهمال والعبث الكثير. حتى وصل الى حد نكران وجودها البارز قي قلب بغداد، والموازي لأهمية نصب الحرية ، الجدارية تحمل خصوصية الشخوص والرموز التي احتفظت بروحها الوطنية. لكن الفهم السياسي / الديني للجدارية ابقاها في موقع اتهام جاهز لكل تغيير. وخاصة براءة الحمامة التي اعتبروها شعارا سياسيا. الجدارية الان تائهة وسط وجوه تبحث عن لقمة اليوم تحت حرارة الشمس، وبين وجوه تخزرها بنظرات حاقدة تمر من زجاج سيارات رباعية الدفع، تهمل الاجساد الحية لشخوص الجدارية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram