اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > فضائيات عراقية ترهق المشاهد الرمضاني

فضائيات عراقية ترهق المشاهد الرمضاني

نشر في: 6 يوليو, 2015: 12:01 ص

ما أن ينتهي شهر رمضان حتى تبدأ الفضائيات العربية بالإعداد لدورة برامج شهر رمضان المقبل، والتسابق في كسب المشاهد، من خلال إعداد خطة عمل مهنية علمية، يتم فيها تقسيم وتحديد ساعات البث اليومي وفق جدول زمني مدروس اجتماعيا. حيث يتم العمل على اختيار برامج و

ما أن ينتهي شهر رمضان حتى تبدأ الفضائيات العربية بالإعداد لدورة برامج شهر رمضان المقبل، والتسابق في كسب المشاهد، من خلال إعداد خطة عمل مهنية علمية، يتم فيها تقسيم وتحديد ساعات البث اليومي وفق جدول زمني مدروس اجتماعيا. حيث يتم العمل على اختيار برامج ومسلسلات محددة تبث في أوقات تكون ملائمة للفئات التي تخاطبها تلك البرامج والمسلسلات. إضافة إلى البحث عن أفكار جديدة ومثيرة لبرامج ترفيهية وتثقيفية في ذات الوقت، تشد المشاهد إليها وتجعله يترقب وقت بثها. مثلما يتم اختيار وإنتاج المسلسلات الدرامية بدقة عالية، التي تتناول في الغالب ما هو إشكالوي ومثير على كل الصعد، الاجتماعية، والتاريخية، والدينية. 

 

 
بالنتيجة النهائية تتصدر هذه القنوات أولوية المشاهد العربي في كل مكان، إضافة إلى المردود المالي الذي سيجنى من خلال الإعلانات التجارية التي تبث في أوقات عرض البرامج والمسلسلات التي تراهن عليها تلك القنوات، وتبثها في وقت الذروة لتكون المحصلة كسب أكبر عدد من المشاهدين، مع مردود مالي وربحي جيد جدا.
أما الفضائيات العراقية فتجدها تتندر قبل شهر أو شهرين وبالكثير ثلاثة أشهر قبل حلول شهر رمضان، وتبدأ بالإعداد لدورة برامج رمضانية، حيث تأتي أغلب فقراتها وبرامجها متسرعة، وسطحية، وتهريجية، مملة إلى أبعد حد يمكن تصوره. ولو تفحصنا كم المسلسلات العراقية التي عرضت من على القنوات الفضائيات، لعدنا إلى النتيجة المعروفة أن الدراما العراقية مازالت دون مستوى الطموح ولا يمكن لها أن تشد المشاهد العراقي فكيف الحال مع المشاهد العربي ؟! 
 
النقد التلفزيوني
الكاتب والروائي ناطق خلوصي تحدث عن الدراما قائلا: ونحن نتحدث عن اشكالات الدراما التلفزيونية حالياً لا يمكن تجاهل عنصرين أساسيين من عناصر عملية الإنتاج الدرامي ونعني بهما التمويل والتسويق حيث تعاني الدراما التلفزيونية العراقية من ضعف التمويل، أو غياب ضوابط صرف ميزانية الانتاج، مع غيباب عملية التسويق أصلاً ، فالقناة التي تنتج عملا دراميا انما تنتجه لنفسها ولا تمتلك القدرة على تسويقه .
مبينا: كان النقد يواكب عملية انتاج وعرض الدراما التلفزيونية بشكل مستمر فقد كان الصديقان الشهيد قاسم عبد الأمير عجام وامين قاسم خليل يواصلان ملاحقة الأعمال الدرامية نقديا في "طريق الشعب" وكان الصديق مجيد السامرائي يلاحقها في جريدة "الجمهورية" التي كنت أواصل الكتابة فيها ولم يفلت عمل درامي من ملاحقتي النقدية في الفترة بين أواخر عام 1983 واوائل عام 2003 . أما الآن فان النقد انحسر كثيرا .. 
 
الممثل العراقي متشنج !
الشاعرة سلامة الصالحي ترى ان برامج رمضان على القنوات العراقية هذا العام غلب عليها الجانب الترفيهي الساذج احيانا والمندس احيانا اخرى. في محاوﻻت لكشف حقيقة جهل المجتمع وضحالة معلوماته ولكن تبقى البرامج ذات الطابع السياسي هي التي تستأثر باهتمام المشاهد مثل (سحور سياسي) او (مسؤول صايم) وغيرها وهي تضع المسؤول تحت المجهر او احيانا بطريقة استعراضية تثير السخرية.. وبشأن المسلسلات العراقية والدراما بينت : انها ﻻتزال حبيسة المحلية ولم ترتفع الى المستوى اﻻقليمي على اﻻقل كالقنوات العربية وبقي اﻻداء المتشنج للمثل العراقي يقف عائقا امام اقناع المتلقي مقارنة بالدراما المصرية والخليجية واللبنانية والسورية...وعن برامج المسابقات ذكرت الصالحي: اما برامج المسابقات فربما حققت بعض الشيء في جلب فرحة بسيطة لعدد محدود من الناس. ولكن تبقى الحرب واوضاع البلاد الصعبة تحكم قبضتها على اﻻداء العام للانسان ابداعا وحياة.
 
الموصل وداعش
الكاتب المسرحي صلاح حسن قال: اغلب البرامج التي عرضت في رمضان مرتجلة وفارغة من اي محتوى وهي عبارة عن ضحك على الناس خصوصا البرامج والمسلسلات التي تسمى كوميدية، اما ما يسمى بالمسلسلات الجادة فهي تفتقر الى النص الجيد والمخرج الجيد، ولا تساوي المبالغ التي صرفت عليها
مضيفا : هناك خلل نفسي واجتماعي قبل ان يكون خللا فنيا شاهدناه في هذه البرامج واستسهال غير معقول يعني كله (خَبز) استخفافا بعقل المشاهد. لم تعرض هذه الفضائيات اية قضية كبيرة لها علاقة بوضعنا الحالي ، الموصل سقطت بيد داعش منذ اكثر من سنة ولم تظهر عنها حتى لو تمثيلية قصيرة.
 
حرارة رمضان لاتحتمل 
اما الكاتب والاعلامي حيدر الحيدر فقد ذكر: بالرغم من اني لست بذلك المشاهد المتابع لبرامج رمضان من القنوات العراقية الا اذا كنت مرغما بعض الاحيان .. وهذا الارغام دفعني لمشاهدة بعضها فوجدتها مستنسخة عن اخواتها في الرمضانات الماضية .. ولا اريد هنا ان اخصص قناة دون اخرى فاغلبها منشغل في تفاهات لا فائدة منها. مضيفا: هي تحاول جاهدة ان تلحق بما وصلت اليه القنوات العربية، ولكن دون جدوى مهما صرفت من اموال طائلة في هذا السبيل . وان كان يستوجب من كلمة في مخاطبة هذه القناة او تلك ، فالكلمة هي ( كفاكم ضحكاً على ذقون المشاهدين فحرارة هذا الرمضان لا تحتمل هذه السخافات).
 
mbc
الناقد الفني سامر المشعل ذكر: اتسمت الاعمال الدرامية التي طالعتنا في رمضان بالسطحية وعدم ملامستها لحاجات واهتمامات المشاهد العراقي، كونها اعمالا تبتعد عن الحرفية والصنعة الدرامية التي تفك ازرار الدهشة والمتابعة المشوقة، لذلك اشاح المشاهد العراقي بوجهه عنها الى متابعة القنوات العربية كقناة (mbc).. اما بخصوص البرامج الرمضانية فهي الاخرى وقعت في خانة الاسفاف والمقالب السمجة، وبدل ان توفر مادة للترفيه والترويح للمواطن، اتخذت هذه البرامج من الفرد العراقي مادة للاستهزاء والسخرية والاستخفاف بعقليته، واحيانا تدخله في متاهات الرعب والتخويف في سبيل اضحاك الاخرين على حالة الهلع الذي تنتابه، على شاكلة برنامج" هندس" وبرنامج"مقلب خطوبة".
 
كرامة الفقراء والنازحين
بدوره ، قال الاعلامي عامر صادق ان البرامج التي عرضت على القنوات العراقية تكاد تكون متشابهة ومستنسخة لكن بطرق مختلفة في رمضان خاصة، فهي مقتصرة على المواعظ الدينية : تلاوة القران قبل موعد الافطار، وعلى المسلسلات والبرامج الترفيهية بعد الافطار. مستدركا: لكن الذي يثير اشمئزازي واشمئزاز اغلب المواطنين تلك البرامج التي تستخف بمشاعر المواطنين والفقراء خاصة مثل البرنامج التي تعرض موائد مليئة بالاكلات المنوعة ونحن لدينا اكثر من نصف الشعب (جوعان) وهذا البرنامج على سبيل المثال لا الحصر وهناك برامج تعري المواطن الفقير وتسلب عفته ولا تحفظ كرامة الفقير وتهينه بتقديم الهدايا وتصوير اموره الشخصية وتصور البلد بابهى واجمل حالات انحطاطه. 
وعن جدوى البرامج الاخرى وما عالجته من قضايا قال صادق: افتقارنا لبرامج جدية ارشادية اجتماعية تعالج هموم الناس بشكل واقعي كما كنا نراها في برامج الثمانينات مثل (الاسرة والمجتمع ، برنامج حذارِ من اليأس ، العلم للجميع ...الخ) من تلك البرامج البناءة والصالحة في رمضان وغيرها من الاشهر .. نهاية نستنتج (وهي وجهة نظر شخصية) بان اغلب قنواتنا الفضائية تفتقر للبرمجة وحسن الاختيار واضمحلال في اداء المقدمين خاصة اذا ما قارنتها ببرامج الاجيال السابقة.
 
فاقدة الشرعية
الكاتب والناقد الفني خالد ايما بيّن ان كل ما يقال يجب ان يقال بوضوح، هناك أزمة حقيقية ليس في الدراما فقط ،وإنما في مختلف ميادين الحياة، وعليه لا بد من نجلس ونفتح باب الحوار لكي نضع النقاط على الحروف ان كانت هناك نقاط أساسا، ما يحدث لنا اليوم من قلق وخوف واضطراب وفوضى وفساد وإرهاب ودمار وخراب وتصفيه جسدية، وانهيار قيم الجمال، لاسيما وان التخلف الفكري والثقافي يجتاح المجتمع العراقي بفعل تخلف التعليم ودخول ثقافات غريبة تدعو الى قطع الراس وإلغاء الآخر وارتفاع الصوت الطائفي، وهيمنة المقدس وما يحمله من تابوات لايمكن تجاوزها اشبه بالخطوط الحمراء. مستطردا: كل هذا ادى الى عدم استقرار السوق والتراجع في المستوى الإنتاجي للفن عموماَ، وعليه اجد الدراما العراقية في رمضان (2015) من اسوأ اعوام الإنتاج الدرامي العراقي هناك نكسة حقيقية في كل ما يقدم الآن من زرق ورق وتهريج لا يمت للفن بصلة لأنه فاقد الشرعية .ولكن ما يؤسفنا حقا ما تم عرضه في شهر رمضان هذا العام كونه لا يتعدى املاء للفراغات ليس هذا فحسب بل ولا ينسجم ومستوى شهر رمضان واجوائه الايمانية، ناهيك انه يشكل اساءة سافرة للشعب العراقي.
 
ثورة الشباب والإخوان
الصحفي والناشط المدني ابراهم احمد قال: الحقيقه ان اغلب القنوات العراقية لم تكن موفقه في البرامج التلفزيونية في شهر رمضان حيث ان اغلبها برامج استعراضيه لم تكن هادفه وبعضها يجرح المواطن البسيط. مضيفا: هناك برامج اخرى تتبناها جهات سياسيه من اجل مكاسب لا اكثر واغلبها ينتهج اسلوبا شعبويا ساذجا في التعامل مع المشاهد.
وبين احمد : كان من المفترض ان تعرض برامج خاصة عن الظرف العصيب الذي يمر به البلد وان تكون للدفاع على الطبقات المحرومه وان تفسر الواقع بشكل حياتي ومهني. متمنيا: لو تتعلم الفضائيات العراقية من الاعلام المصري وكيف كان قادرا وبامتياز على تسقيط اعلى اعلام عربي وهو قناة الجزيرة الفضائية حيث تمكن بمهنية عالية من اسقاط الماكنه الاعلامية لقناة مثل الجزيرة عندما حدثت ثورة الشباب على حكم الاخوان وايضا تمكن الاعلام المصري من اقالة وزير العدل المصري عندما وقف بحيادية من مطالب عمال النظافة في حق تعيين ابنائهم . اخيرا اقول ان العراق لا يوجد فيه اعلام مستقل وحيادي وهذا نتيجة عدم وجود قوانين تنظم العمل الاعلامي في العراق حيث لم يكن هناك انتاج جيد على مستوى البرامج الناحجه في بناء مجتمع مدني .
 
 
 
فارزة

مرة اخرى تسقط اغلب الفضائيات العراقية في فخ برامج شهر رمضان سواء أكانت على مستوى المسلسلات التي تقلصت هذا العام ام البرامج الترفيهية والمسابقات. في السنوات الماضية كانت هناك شكاوى من البيئة التي يتم فيها تصوير تلك المسلسلات الدرامية وانعكاساتها السلبية على العمل الدرامي بشكل عام. لكن الآن تغير الحال، وكل الأعمال صورت وأنتجت داخل العراق، لكن الحال ذات الحال. والممثل هو ذات الممثل، الذي لايجيد التعامل أو التمثيل بتلقائية. فكل شيء مفتعل ومفكك ومرتبك. وحتى لو كان هناك بعض من الممثلين الجيدين فقد ضاعوا وسط الكم السيئ. مع بروز مسألة جديدة قديمة هي ضعف الكتابة الدرامية ،فأغلب الأعمال كانت مكتوبة بصورة سيئة مفككة لايوجد ربط صحيح بين بعض أحداثها وخاصة الرئيسية منها، إضافة إلى ابتعادها عن مشاكل المجمتع العراقي الحقيقية والرئيسية، التي إن تم تناولها فسيكون بشكل خاطف ومسفه.
أما ما يخص البرامج الترفيهية والمسلسلات الكوميدية، فهي الأخرى وقعت في فخ التكرار الساذج، والتهريج والسطحية. ولم نجد فكرة ناقدة بشكل بنّاء ومتحضر لمشاكل المجتمع العراقي والظروف الصعبة التي يعانيها الفرد العراقي. الشيء الآخر إن هذه البرامج والمسلسلات اعتمدت على وجوه وأسماء معينة، فتجدها تتناوب الظهور في كل القنوات الفضائية العراقية، إذ لم تتكلف أو تتكفل أية فضائية، بالبحث عن أسماء ومواهب جديدة، يمكن لها أن تنطلق عبر دورة برامج رمضانية. الحال الذي يؤشر إلى عدم وجود رؤية أو آلية عند هذه القنوات في الكشف والبحث عن أسماء ومواهب جديدة.
كذلك الحال مع برامج المسابقات التي باتت عبارة عن بوابة "شرعية" لسرقة رصيد الشخص المتصل، وذلك من خلال التعاون بين الفضائيات وشركات الهاتف النقال، حيث يتم صرف نسبة جيدة للفضائيات من إيرادات الاتصالات الهاتفية لهذه البرامج.
مع كل هذا أصرت الفضائيات العراقية على زيادة قلق وإزعاج المواطن العراقي، الذي يحاول نسيان معاناته وهمومه، الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والسياسية، بشكل خاص والتخلص من التراشق السياسي بين الكتل البرلمانية ولو لفترة وجيزة لاتتعدى الشهر. بل راحت هذه القنوات تصر على زيادة القلق والإزعاج، من خلال استضافة البرلمانيين وتقديم الوجه الآخر لهم. البعض تناول مهنة البرلماني قبل أن يكون، وآخر تناول أسرار حياته الشخصية ماذا يحب، وماذا يكره، وبكم يشتري بدلته، وهل يجيد الطبخ الخ. وثالث جمع بين برلمانيين متخاصمين وراح يفكك قنوات النزاع والخلاف في مقهى بغدادي، ورابع جمع ممثلين عن الكتل الكبيرة وراح يشرح ويفصل خلافاتهم الشخصية وخلافات كتلهم، وللأسف شهدت هذه البرامج تجاوزات وسجالات لا تقل عن تراشقاتهم الإعلامية والسياسية في كل يوم، الأمر الذي زاد الطين بلة كما يقول المثل الشعبي. وكاد الوضع يتفجر بسبب تصريح في أحد تلك البرامج.
وسط كل هذا الكم، نجد أن هناك إصرارا وتعمدا من قبل الفضائيات، على تغييب الثقافة والمثقف والأديب والفنان والأكاديمي عن البرامج الرمضانية، لابل حتى البرامج الثقافية التي كانت تقدم ضمن الدورات التلفزيونية اختفت. وإذا تساءلت أو سألت أحد المعنيين بالأمر، فسيكون الجواب ان أجواء الشهر لا تتحمل برامج ثقافية أو أدبية، وإن المشاهد يريد أن يضحك ويفرح، وكل ظنهم أن ما يتم عرضه يدخل البهجة والسرور في نفس المتابع العراقي. وهذا تسطيح لمنظومة العقل العراقي وتسفيه لاهتماماته الحقيقية، وجعلها اهتمامات ببرامج تهريجية لا تقدم سوى الملل والقرف لمن يشاهدها.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram