استذكر نادي الشعر في اتحاد الادباء والكتّاب العراقيين وضمن منهاجه الثقافي السبت الماضي الشاعر الراحل عبد الأمير جرس الذي ولد في بغداد منتصف العقد الستيني من القرن الماضي، وتخرج من كلية الآداب قسم اللغة العربية. ظهرت مجموعته (قصائد ضد الريح) عام 1993
استذكر نادي الشعر في اتحاد الادباء والكتّاب العراقيين وضمن منهاجه الثقافي السبت الماضي الشاعر الراحل عبد الأمير جرس الذي ولد في بغداد منتصف العقد الستيني من القرن الماضي، وتخرج من كلية الآداب قسم اللغة العربية. ظهرت مجموعته (قصائد ضد الريح) عام 1993 فكان لها صدى في الوسط الثقافي. كشف مقدم الجلسة الشاعر علاوي كاظم كشيش عن وجود علامات بارزة في التجربة الابداعية العراقية بانها تعمل وفق المضيء والمطفئ أي الأدب الجيد والرديء ولم تعد معادلة القديم والجديد موفقة في الكثير مما ترتب عليها من ذائقتنا ونظرتنا للابداع. لافتاً الى ان الجلسة ليست بصدد تأبين الشاعر جرس وانما لإيقاد شمعة جديدة لمبدع، فالتأبين يعني ان ندفنه في شعره، ونسدل الستار على مسرحه.
الشاعر عمر السراي بين انه اختار نصاً نثرياً من مجموعة الشاعر جرس ليقرأه على مسامع الحاضرين وهو بعنوان (هموم يومية) مشيراً الى ان تراث جرس الشعري وخاصة قصائده ذات الشطرين مازالت تسير على قدم وقلب بين الأدباء.
فيما اطلق الناقد علي الفواز على المناسبة وصف الاستعادة. مبيناً "اننا منهجياً حين نتحدث عن تجربة شعرية او جيل او تاريخ ثقافي يمتد من زمن لزمن، تقتضي المسؤولية والمنهج التعريف بجميع التجارب التي تشكلت ملامحها في هذه المرحلة، وبالشكل الذي يجعل المتلقي يتعرف على خصوصية وسمات هذه التجارب." وقال: عبد الا مير جرس واحد من الاسماء الشعرية التي جاءها الموت مبكراً، مثلما جاءها المنفى مبكراً. لافتاً الى ان الكثير من الشعر العراقي قد قتله المنفى الذي يعد اغتراباً وضياعاً للعمر الشخصي وللوثيقة الثقافية، و للاسف ان منظومة السلطة العراقية بشكل عام كانت من القسوة والتضييق فجعلت العقل الثقافي متشظياً على مساحات واسعة من العالم. مشيراً الى ان جرس كان يختلف عن الآخرين فقد كان يعاني من مشكلات نفسية وصحية انعكست على حياته في وقت مبكر لدرجة حولت الهم الشخصي الى وجودي وانساني وشعري. موضحاً ان جرس لم يكن يفكر بالمنفى كهاجس للحرية كما كان يفكر الآخرون في ظل الاجواء الساسية المقلقة والمرعبة مما دفعهم للهجرة طلباً للمكان المعرفي والجمالي، في حين ان جرس غادر الى المنفى متأخراً في عام 96 ولم يكن ذهابه الى كندا شعرياً او وجودياً وانما من اجل معالجة جسده المعاق الذي افقده اطمئنانه الشخصي وبالتالي تحولت قصيدته الى تورية لهمومه الشخصية. وقال: لقد مات بطريقة هي اقرب الى السذاجة. فهذه الدراجة الهوائية التي هي اشبه باللعبة اليومية للاطفال، شاءت الصدفة ان تتعثر برصيف الشارع فسقط جرس، وكان سقوطه على رأسه ليكون سبباً لموته.
في مداخلتها ، بينت الدكتورة إرادة الجبوري ان الشاعر جرس يعد من شعراء الهامش، ولكنه كان يقاوم الفقر والجهل والمرض من خلال سخريته، محاولاً كسر الأبوية الذكورية العالية في كل شيء. موضحة انه كان ضحية هذه الابوية السياسية والثقافية والاجتماعية والتي دمرت علاقاته بمن يحب، ولم يدمره المرض. وهذه الابوية الذكورية العالية هي التي كانت سبباً حقيقياً لهجرته.
من جانبه ، وصفه الناقد فاضل ثامر انه من الشخصيات التي عاشت على هامش رفضها للحرب. مبيناً ان الشاعر جرس بدأ بكتابة القصيدة العمودية لكنه انتقل الى قصيدة النثر مثل الكثير من الشعراء، وكان ذلك فرضا من التزامات الحرب وضغوطها في الدولة المؤدلجة التي حاولت ان تشجع نوعاً من الشعر الذي يلمع صورة النظام. وهناك العديد من الشعراء سقطوا في هذا الفخ طمعاً في منصب او جاه. لكن الشاعر عبد الأمير جرس رفض ذلك عن طريق المواربة فكانت قصيدة النثر ملاذه.