محمد عزيز أباظة ( 1899 - 1973)، شاعر مصري يعد رائد الحركة المسرحية الشعرية بعد أحمد شوقي. كتب لنا اباظة عشر مسرحيات تعد من المسرحيات الشعرية المهمة التي اثرت المسرح العربي في تلك الحقبة الزمنية التي كان للمسرح فيها اثر واسع على الحركة الادبية بصورة ع

محمد عزيز أباظة ( 1899 - 1973)، شاعر مصري يعد رائد الحركة المسرحية الشعرية بعد أحمد شوقي. كتب لنا اباظة عشر مسرحيات تعد من المسرحيات الشعرية المهمة التي اثرت المسرح العربي في تلك الحقبة الزمنية التي كان للمسرح فيها اثر واسع على الحركة الادبية بصورة عامة والحركة المسرحية بصورة خاصة . واباظة كان له وعي متكامل بتاثير المسرح انذاك لذا عمد ان يكون التراث والشخصيات التاريخية المحور الاساس في متناوله الفني والفكري فكتب للمسرح اولى مسرحياته (قيس ولبنى)، وقد صدرت عام 1943وتعد أولى مسرحياته، وتعتمد قصتها على أحداث قصة العاشقين المعروفين قيس ولبنى ورغم انه قد استمد موضوعها وفكرتها من مسرحية مجنون ليلى لشوقي الا انه قد اتخذ معالجة درامية اخرى اختلفت عن ماهو متعارف عليه في التراث فحاول ان يعيد لبنى لقيس في نهاية المسرحية دعوة منه الى جعل الحب سعادة بعيدة عن اليأس والحزن الذي كان يرتبط بهذه الاسماء ، ثم كتب مسرحية (العباسة)، وقد صدرت عام 1947، وفيها يصور الصراعات السياسية والشخصية التي حفل بها عصر الرشيد من خلال العباسة أخت الخليفة، وزوجة جعفر البرمكي فقد حاول اباظه ان يرسم لنا ذلك التاثير الاجتماعي المرتبط بصورة او باخرى في السياسة الداخلية للدولة باكملها فالحب احيانا قد يكون شرارة تشعل على اثرها حرائق تنخر اسس الشعوب فزواج اخت الرشيد من البرمكي جعل الرشيد ينكب البرمكي والبرامكة جميعا. ثم مسرحية (الناصر) عام 1949 وقد تناول فيها عصرًا من عصور الأندلس الزاهرة في عهد عبد الرحمن الناصر ، صراع دموي بين ولديه الحكم وعبد الله الذي تآمر مع الفاطميين المعادين للناصر. وتستغل الجارية منى ابنة أحد الامراء الاسبان هذا الجو المشحون بعوامل السخط والفرقة لتكيد للناصر لتقويض اركان الخلافة لمصلحة الاسبان، ثم هناك (شجرة الدر) 1950التي تقدم لنا معالجة درامية لمأساة الملكة شجرة الدر بعد وفاة زوجها السلطان في أيام عصيبة خلال الغزو الصليبي لمصر، ومسرحية (غروب الأندلس)، وقد صدرت عام 1952 والتي تحدث فيها عن حروب الاندلس وانتصارهم وهزيمتهم بصورة درامية ، ثم (شهريار) عام 1955، وفي هذه الأخيرة يطرح عزيز أباظة معالجة جديدة لقضية شهريار، فهو يضع إلى جوار شهرزاد أختها دنيا زاد، التي تنازعها حب شهريار، وأولى الأختين ترمز إلى المعرفة السامية على حين ترمز الأخرى إلى الاثارة ؛ لتستمر المنافسة ويخرج منها شهريار في النهاية بما يشبه التصوف الأخلاقي. ثم هناك أيضًا (أوراق الخريف) سنة1957 وموضوعها الحب الذي يستيقظ بعد عشرين عام فقد عالج اباظه في هذه المسرحية الصراع القائم بين المشاعر وواجب المراة كأم وزوجة, حيث تثور الزوجة على واقعها بعد عشرين عاما لترفض زواجها وتهجره لتعود الى حبها قبل عشرين عاما لكن يستوقفها عن ذلك الفعل رفض ابنتها لكل ماتحاول الوالدة فعله . ثم (قافلة النور) سنة 1959 وتدور أحداث مسرحية «قافلة النور» حول انتشار الدعوة الإسلامية بين أهل الحيرة. أما زمانها فهو السنة السابقة للهجرة. ، ثم (قيصر) سنة 1963 وهي المسرحية الوحيدة التي استمدها من غير التاريخ العربي الإسلامي وفيها يقدم لحظة حاسمة من التاريخ الروماني، استقى أحداثها من روايات بلوتارك لتاريخ يوليوس قيصر، وتحدث فيها عن بروتوس الذي هو ابن غير شرعي لقيصر، والمسرحية برمتها تتحدث عن صراع نفسي في داخل بروتوس بين عاطفة البنوة والإيمان بالجمهورية. ثم هناك مسرحية (زهرة) سنة 1968، وهي آخر مسرحيات عزيز أباظة استمد ملامحها الدرامية من مسرحية فيدرا الاغريقية ويصور لنا اباظه في هذه المسرحية ان زهرة هي ضحية وان كانت اهواؤها هي التي تقودها ومها كان الانتصار فلابد ان تكون هنالك هزيمة في جانب من جوانب النفس الانسانية.
ومن كل ماتقدم نجد ان الشاعر عزيز أباظة يمثل مرحلة مهمة في تاريخ المسرح الشعري العربي بصورة عامة والمصري بصورة خاصة .مع الحفاظ على الصورة الشعرية المتكاملة داخل الحدث الدرامي المتمثلة بالفخامة والرصانة والتي كان لها الدور الاكبر في انتشار مسرحياته في تلك المرحلة.