يعيشون حربا نفسية ...يقضون شهورا من الانكفاء على الكتب والمحاضرات والمرشحات والملازم ..يقاومون الحر وغلاء الدروس الخصوصية وقرارات وزارة التربية المزاجية ..وفي النهاية تحل اللحظة التاريخية ويدخلون قاعات الامتحان املا في الحصول على معدلات تنقلهم الى ضفة تحقيق الاحلام او على الاقل الخلاص من عبء أمده اثنا عشر عاما ، فالدراسة في بلدي تكاد تكون عبئا على الجيل الحالي بدءا من الطرق الخاطئة في ايصال المواد الدراسية الى اذهان الطلبة مرورا بالظروف السياسية التي باتت تتحكم بسنوات الدراسة واساليب نجاح الطلبة وصولا الى مرحلة الحسم وهي الامتحانات الوزارية التي لم تعد تمثل انتقالة حقيقية الى مستقبل جديد اعتمادا على جهد الطالب ومقدرته الفردية بل اصبحت عملية مساومة يخضع لها الطالب قبل ان يطأ عتبة قاعة الامتحان عندما تصبح اسئلة الامتحانات المنتظرة بضاعة عند الطلب ..
في السابق ، وقبل ان تغزوالساحة شبكات الانترنت واساليب التواصل الاجتماعي والهواتف النقالة ، كنا نسمع عن احتجاز اعضاء لجان وضع الاسئلة الوزارية في اماكن لايعرفها حتى اهاليهم لحين انتهاء الامتحانات والتزامهم السرية الكاملة في الحفاظ على الاسئلة بعيدة عن التسريب ..الآن ، تحولت الاسئلة الى بضاعة مطلوبة لمن يدفع اكثر وتلاشت السرية وقيم الحفاظ على نظافة العملية التربوية من الفساد ..وهكذا ، حاز الاثرياء والقادرون على الدفع ايضا الاولوية في تحصيل المعدلات وتراجعت حظوظ العاكفين على مطالعة الكتب طوال اشهر وفي ظروف لاتليق بطالب يخوض مرحلة مصيرية ...
يقول البعض انه تمت السيطرة على تسريب الاسئلة –في مادة اللغة العربية بالذات –عبر تغيير محتوى الاسئلة اكثر من مرة واضطرار الطلبة بالتالي الى الاجابة على الاسئلة البديلة وهي اكثر صعوبة من الاسئلة الاساسية المنتقاة من المرشحات ، وهكذا اصطدم الطلبة بحجر صعوبة الاسئلة فغادر بعضهم القاعة مؤجلا وكتب الآخرون مايسرته لهم ذاكرتهم من معلومات وفي جو مشحون ومستفز ...
ومايزال مسلسل تسريب الاسئلة مستمرا والوضع النفسي لطلبة الامتحانات الوزارية في تراجع خطير بينما هناك من تصله الاسئلة على طبق من ذهب ليحصل على مستقبل غيره احق منه به ، فهل ستظل المكاسب محصورة بابناء الاثرياء والمسؤولين سواء في الامتحانات الوزارية او البعثات كما حصل مع نجل مسؤول الجامعات الاهلية همام عبد الصاحب الذي تم ارساله الى رومانيا لدراسة الطب بمعدل قدره 57 % مع تخصيص سيارة شخصية له !...
لن نتساءل عن السبب الذي اصبحت فيه الدراسة في بلدي عبئاً على الجيل الحالي فقد ادرك ابناؤنا انهم يرهقون انفسهم محاولين ان يصنعوا لهم مستقبلا في زمن ضياع الذمم واختلاط المفاهيم ، وحين يكتشفون انهم يتفرجون على مكاسبهم وهي تغادرهم الى من هم اقل استحقاقا لها ..يصيبهم الاحباط وتتساوى الامورلديهم وتتحول الامتحانات الوزارية وسنوات الدراسة كلها الى عبء ثقيل وليس الى فنار مضيء في الظلام ...
بكــالـــوريــا
[post-views]
نشر في: 6 يوليو, 2015: 09:01 م