لمجرد ذكر إسمه، تستجمع الذكريات بعضاً من عبق تاريخ العراق المخبوء على جنبات مدرجاته الحافلة بالقِدم وفوق سقفه الصابر 49 عاماً لهول المصائب ، ووحدها حمامات السلام تلوذ في ساحته ينشد هديلها " صباح الوفاء" لأجيال من الزمان غَفت أرواحها عند سوره العتيد تحصي أنفاس الجماهير اللاهثة للفرح خلف خط مرمى المشاعر يُجيد هياجها سحر الكرة!
إنه ملعب الشعب، أيقونة الكرة العراقية مُذ لامست أرضه قدما هدّاف مونديال 1966 واسطورة الكرة البرتغالية أوزبيو في افتتاحه التاريخي العام نفسه بقي صديقاً عزيزاً لجميع العراقيين والعرب الذين تغنوا به وصار مضرباً للامثال الخليجية يوم كانت تطلعاتهم تتحسر لرؤية نموذج مشابه له في ملاعبهم الترابية!
اليوم يستحق ان يقف الجميع من اجل إكرامه لا التخلي عنه ، فهو الشاهد على تتويج ابطال الدوري طوال سنوات المسابقة 41 عاماً ولما يزل عامراً بالخضرة والحيوية والهيبة وسط جماهيره الوفية التي لم يشوّه علاقتها به "نفر ضال" غاب عن وعيه وراح يُحطم مقاعده كأنها تسببت في استفزاز متابعتهم لإقصاء فريقهم البطل وهو يتخلى عن اللقب طواعية.
ملعب الشعب رمز كروي يحق لأسرة الكرة ان تتمسك بإقامة احتفالية اختتام موسمها على أديمه وتعلن من قلب بغداد أن الشعب آمن وسعيد في ملعبه وسيوقد شموع الختام مُستذكراً رجالاته النجباء على مرّ الدهور أمثال عادل بشير وجميل عباس وحامد فوزي وعمو بابا وعبدالقادر زينل وعبد كاظم وأنور جسام ورعد حمودي وحسين سعيد وأحمد راضي وراضي شنيشل ويونس محمود وغيرهم ممن قادوا اللعبة في شتى الظروف وأحسنوا صنعاً لماضيها وحاضرها.
ليكن يوم السبت المقبل يوماً استثنائياً في تاريخ اللعبة عندما يلتقي عميد الأندية "القوة الجوية" مع ضيف الموسم الحالي المثابر "نفط الوسط" للمنافسة على لقب الدوري الممتاز 2014-2015 . يجب ان تستنفر الجهود كلها من اجل الاحتفاظ بنسخة جميلة من وقائع الختام، ولا يسمح لأي شخص أن يعكّر مزاج الحاضرين بتصرفات طائشة تفسد طابع اللقاء وتؤزّم المباراة وربما تخرجها عن السيناريو المرسوم لها باعتبارها شاهداً دامغاً على براءة ملعب الشعب من تُهم الاتحادين الدولي والآسيوي اللذين دائماً ما يُلقيانها جُزافاً كذريعة لإبقاء الحصار الدولي الى ما لا نهاية.
لتكن قوات حماية المنشآت الرياضية في قمة الجاهزية على مستوى الافراد للسيطرة على أية خرقات قد تبدر من مشجعي هذا الفريق او ذاك، ومهما تصاعدت حدّة التنافس لابد ان تتصاعد همة رجال أمن الملعب لفرض الاستقرار وضوابط التشجيع النظيف في المدرجات وقطع الطريق امام نهازي الفرص اصحاب النوايا الشريرة ومنعهم من تنفيذ مآربهم في تحريك نوازع الشغب لدى الطارئين على الجمهور والتعامل معهم بحزم وفقاً للقانون.
سيكون ملعب الشعب مصباحاً كبيراً في ليل بغداد يُضيء جميع جوانبها المعتمة في رؤى (فيفا) ومن سار على منهج ترصده السلبي لظروف بلدنا، وستكتب الجماهير رسالتها الواثقة بشرعية المطلب العراقي برفع الحظر الفوري عن ملاعبنا، وهي مسؤولية كبيرة نتوسم ان تؤديها اللجنة المنظمة لكرنفال ختام الموسم على خير برغم مشقة المهمة أمنياً وإدارياً وفنياً.
من دون شك فإن إدارة ناديي القوة الجوية ونفط الوسط تدركان أهمية إخراج المباراة الى برّ الأمان ، فلاعبو الفريقين يتحملان المسؤولية الأكبر إذا ما اخفقا في اشاعة روح التنافس الرياضي، فالمكسب الحقيقي ليس بحمل اللقب في هكذا مباراة مصيرية مع إنه طموح الجميع لتتويج رحلة العطاء ، بل المكسب في احترام حكم المباراة ورفع الضغط عنه للحيلولة دون ارتكابه أخطاءً فادحة ربما يُشعل أحدها فتيل أزمة بين الجمهور لا يُسيطر عليها لا سمح الله، لذلك نراهن على ثقافة اللاعبين لتدارك الهفوات بمساعدة الملاك التدريبي سواء بالنسبة للجوية المعروف بحكمة مدربه عباس عطية واجتهاده في تخطي المطبات المفاجئة قبل وصوله الى مدرج الختام، أو لمدرب نفط الوسط عبدالغني شهد الذي ستشكل المناسبة فرصة لمصالحة جمهوره وتأكيد أحقيته ليكون رقماً لافتاً بين اعداد المدربين الشباب حالياً ويتمسك بحلوله الفنية فقط لتعويض الفرص من دون اللجوء الى ردّات الفعل المنفعلة على وجوه الحكام.
أكرموا الشعب
[post-views]
نشر في: 8 يوليو, 2015: 09:01 م