TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كي لا تُصبح اسطوانة الغاز حلاً ترقيعياً

كي لا تُصبح اسطوانة الغاز حلاً ترقيعياً

نشر في: 11 يوليو, 2015: 09:01 م

قد يكون الإجراء الذي أقدمت عليه وزارة النفط أخيراً بزيادة سعر إسطوانة الغاز بنسبة 25 بالمئة، واحداً من الحلول الترقيعية لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، بحسب ما وصفه أحد أعضاء مجلس النواب، لكن هذا الإجراء ليس شرّاً مطلقاً في نهاية المطاف.
ليس صحيحاً أن تبقى الدولة البقرة الحلوب التي ينتظر الجميع أن تدرّ عليهم الحليب كامل الدسم، مثلما ليس صحيحاً أن تحتكر الدولة كل الثروة لتتحول الى وحش اسطوري كلّي السطوة والجبروت، وإلى مفرخة للدكتاتوريات المتوحشة.
يُباع الغاز الآن، مثل خدمات عامة ومنتجات أخرى، بأقل من كلفة إنتاجه، وهذا مصدر استنزاف لموارد الدولة. الصحيح أن تقدّم الدولة خدماتها ومنتجاتها إلى المجتمع بسعر فيه هامش ربح لها ليس كبيراً ولكن ليس بالخسارة.. من المؤكد أن إجراءً كهذا يزيد من كلفة الحياة على الفئات الفقيرة والمعدمة في المجتمع، لكن يمكن حلّ هذه المشكلة بإيجاد نظام لمساعدة كلّ من هم تحت خط الفقر. وشرط هذا بالطبع أن يكون منزّهاً من كل شكل من أشكال الفساد الإداري والمالي، كما هو حاصل الآن، على سبيل المثال، مع مخصصات الرعاية الاجتماعية التي يستحوذ على نسبة كبيرة منها فاسدون في الجهاز البيروقراطي وخارجه، فيما يُحرم منها عشرات الآلاف من العوائل التي تمسّ حاجتها إليها.
علاوة على هذا يتعيّن على الدولة أن تتخذ من الإجراءات الموازية التي من شأنها ألا تجعل من زيادة سعر الغاز أو أية سلعة أو خدمة حكومية مجرد حلّ ترقيعي، فثمة حاجة مثلاً الى تفعيل عملية استيفاء رسوم الجمارك وتأشيرة دخول الأجانب الى البلاد والضرائب، وبخاصة ضريبة الدخل وضريبة العمل التجاري وسواهما.
ومع هذا كله وقبله، يقتضي، للتخفيف من الأزمة المالية التي تعاني الدولة منها، الحدّ من الامتيازات المقدّمة الى الفئات الأغنى في المجتمع والدولة، وبالذات كبار الموظفين العموميين الذي يحظون بمنافع وخدمات مجانية لا حصر لها. فالوزراء والنواب ومن هم في درجتهم وكل أصحاب الدرجات الخاصة يحصلون هم وأفراد عائلاتهم والعاملون في خدمتهم على البنزين لسياراتهم الحكومية والخاصة وعلى الغاز والكهرباء والماء والرعاية الصحية وسواها من السلع والخدمات مجاناً تقريباً، فضلاً عن مخصصات الإيفاد الداخلي والخارجي ومخصصات الأعمال الإضافية التي لا تؤدى في الغالب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram