قد يكون الإجراء الذي أقدمت عليه وزارة النفط أخيراً بزيادة سعر إسطوانة الغاز بنسبة 25 بالمئة، واحداً من الحلول الترقيعية لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، بحسب ما وصفه أحد أعضاء مجلس النواب، لكن هذا الإجراء ليس شرّاً مطلقاً في نهاية المطاف.
ليس صحيحاً أن تبقى الدولة البقرة الحلوب التي ينتظر الجميع أن تدرّ عليهم الحليب كامل الدسم، مثلما ليس صحيحاً أن تحتكر الدولة كل الثروة لتتحول الى وحش اسطوري كلّي السطوة والجبروت، وإلى مفرخة للدكتاتوريات المتوحشة.
يُباع الغاز الآن، مثل خدمات عامة ومنتجات أخرى، بأقل من كلفة إنتاجه، وهذا مصدر استنزاف لموارد الدولة. الصحيح أن تقدّم الدولة خدماتها ومنتجاتها إلى المجتمع بسعر فيه هامش ربح لها ليس كبيراً ولكن ليس بالخسارة.. من المؤكد أن إجراءً كهذا يزيد من كلفة الحياة على الفئات الفقيرة والمعدمة في المجتمع، لكن يمكن حلّ هذه المشكلة بإيجاد نظام لمساعدة كلّ من هم تحت خط الفقر. وشرط هذا بالطبع أن يكون منزّهاً من كل شكل من أشكال الفساد الإداري والمالي، كما هو حاصل الآن، على سبيل المثال، مع مخصصات الرعاية الاجتماعية التي يستحوذ على نسبة كبيرة منها فاسدون في الجهاز البيروقراطي وخارجه، فيما يُحرم منها عشرات الآلاف من العوائل التي تمسّ حاجتها إليها.
علاوة على هذا يتعيّن على الدولة أن تتخذ من الإجراءات الموازية التي من شأنها ألا تجعل من زيادة سعر الغاز أو أية سلعة أو خدمة حكومية مجرد حلّ ترقيعي، فثمة حاجة مثلاً الى تفعيل عملية استيفاء رسوم الجمارك وتأشيرة دخول الأجانب الى البلاد والضرائب، وبخاصة ضريبة الدخل وضريبة العمل التجاري وسواهما.
ومع هذا كله وقبله، يقتضي، للتخفيف من الأزمة المالية التي تعاني الدولة منها، الحدّ من الامتيازات المقدّمة الى الفئات الأغنى في المجتمع والدولة، وبالذات كبار الموظفين العموميين الذي يحظون بمنافع وخدمات مجانية لا حصر لها. فالوزراء والنواب ومن هم في درجتهم وكل أصحاب الدرجات الخاصة يحصلون هم وأفراد عائلاتهم والعاملون في خدمتهم على البنزين لسياراتهم الحكومية والخاصة وعلى الغاز والكهرباء والماء والرعاية الصحية وسواها من السلع والخدمات مجاناً تقريباً، فضلاً عن مخصصات الإيفاد الداخلي والخارجي ومخصصات الأعمال الإضافية التي لا تؤدى في الغالب.
كي لا تُصبح اسطوانة الغاز حلاً ترقيعياً
[post-views]
نشر في: 11 يوليو, 2015: 09:01 م