أتمنى، فقط، واعرف ان التمني بضاعة المفلسين امثالي، ان يتخذ ساستنا قراراتهم دون الرجوع الى طهران او انقرة.
وأتمنى، واكرر من باب التمني، أن يكف أهل هذه البلاد عن رفع لافتات "الشيطان الاكبر" فشوارع طهران استبدلت "الموت لاميركا" بلوحات فنية لبيكاسو وهنري ماتيس، لا شيء يدعى مفاجأة في هذا العالم الذي يتطور بين ثانية واخرى. عندما وصل روبرت مكنمارا وزير الدفاع الأميركي الى هانوي للقاء الجنرال جياب كان الامر صعب التصديق، لكن الفيتنامي النحيل صاحب النجمات الاربع، كان متواضعا وغير متعجرف. لم ينس حكمة معلمه الصيني شوان لاي عندما قال يوما لهنري كسينجر "نحن دولة حديثة التكوين" فاعترض الأخير قائلا "لكنكم حضارة عمرها آلاف السنين" فكان الرد واضحا "صحيح. لكن هذا يفيد في شحن همم الناس في الداخل، لكن لا معنى له في محادثات تحدد مصير البلاد".
يقول مايلز كوبلاند صاحب الكتاب الشهير لعبة الامم "ليس بين القواعد السياسية الصحيحة الالتفات الى الماضي بل النظر دوما الى المستقبل لتفقد طريقك"، لكننا نعود الى الماضي، لان اصحاب الحاضر لا يريدون ان يستخلصوا منه الدروس والعبر.. اليوم ظريف يجلس مبتسما امام الشيطان "كيري" ، يفاوضه لينتزع منه اتفاقا لوضع طهران في نادي الدول النووية، والسلطان اردوغان يغض الطرف عن جنود "الخليفة"، فيما بلاد ما بين النهرين يراد لها ان تختار اي صور يمكن ان تملأ بها ساحات المدن، الزعيم الايراني، ام السلطان التركي؟.. نحن ياسادة منذ عقود نعلم ابناءنا اننا امة الصمود والتصدي، لكننا في وسط الطريق لم نعرف الفرق بين دولة القانون ودولة العدالة، فاخترنا الاسهل، الهتاف لاتفاق ظريف وكيري.
للأسف نجد اليوم أن هموم العراقيين ومعاناتهم وضعت كآخر سطر في أجندة الساسة العراقيين، فهم يحتدون ويتعاركون من اجل البحرين وتحت أنظارهم يعيش أكثر من ربع العراقيين تحت خط الفقر، يحاربون من اجل استمرار نظام بشار الأسد ويتفرجون على الناس وهم اسرى احتياجاتهم، يزعقون في الفضائيات من اجل حرية الرأي في السعودية، ولا يحترمونها على ارض بغداد أو البصرة، سياسيون لا يرون خلاص العراقيين من أزماتهم ومحنهم إلا في بحث الملف النووي الإيراني وحل أزمة الصومال.
طبعا لا أحد يمكن له أن يصادر حق ايران في ان تدافع عن مصالحها القومية، ولا اعتقد ان مهمتنا الانتقاص من سعي تركيا الى لعب دور كبير في منطقة الشرق الاوسط، ولكنني أسأل ساستنا الافاضل، لماذا يرتضون ان يلعبوا دوما دور التابع؟ ولماذا يظهرون العقوق ونكران الجميل للعراق الذي افقروه وادموه ؟
رجاءً.. دعونا نتمنى
[post-views]
نشر في: 14 يوليو, 2015: 06:01 م
جميع التعليقات 3
بغداد
مقال في غاية الدقة شكراً لك يا ايها الكاتب المبدع علي حسين . ملاحظة:- الفرق بين ايران وبين العراق إن ايران حكومة ودولة تمتلك السيادة وأما العراق فاقد السيادة والمتسلطون هم مرتزقة وخونة وعملاء هم مجرد ورق تواليت كلينكس لا يحلون ولا يربطون فالأحسن ان يوق
ياسين عبد الحافظ
مادام الحال هذا ،ولو اخذنا بنظر الاعتبار تاريخ ال100 سنة الاخيرة، منذ تشكيل العراق بعد الحرب الاولى،يتضح لنا صعوبة التوصل الى صيغة توافقية تجمع المكونات العراقيه، ذلك لغياب الارادة للاتحاد والاسباب عديدة، والحل يكمن بطرق عديدة، 1- ان تترك التفاعل الكيما
خليلو...
ألأستاذ علي حسين تحية طيبة وعيدك مبارك إن كنت إتعيد : نحن وايران ورثة تاريخ بكل ما تعنيه الكلمة من مدلولات فكرية هم عندهم سعدي وحافظ الشيرازيين مئآت غيرهم لا اريد سرد أسمائهم عليك لا أشك بدرايتك بهم ونحن عندنا ابو الطيب ومئآت مثله والجواهري الكبير ومئآ