TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تبا للاسكنجبيل

تبا للاسكنجبيل

نشر في: 15 يوليو, 2015: 09:01 م

شهر رمضان انتهى من دون التوصل الى حسم قضية خلافية شائكة حول تناول شراب الاسكنجبيل، فهناك من يدعو الى الابتعاد عن تناوله لاحتوائه على "منكرات" بحسب تعبير حاملي شعار تبا للاسكنجبيل، الطرف الآخر واجه آراء الخصوم بسخرية مصحوبة بتنديد واستنكار، بذل جهودا مضنية على مدى شهر كامل للدفاع عن مشروب شعبي يعود تاريخ ابتكاره الى مئات السنين، لم يتعرض خلالها الى هجمة عدوانية تخفي وراءها نعرات مذهبية مريضة تحاول شق وحدة الصف العراقي طبقا لوجهة نظر المدافعين عن الشراب التاريخي.
الاسكنحبيل مولانا الجليل، مكوناته الخل والسكر والنعناع، له فوائد كثيرة لا تعد ولا تحصى يعرفها من تناوله وعرف فاعليته في طرد الغازات بكل انواعها، فضلا عن الشعور بالاسترخاء بازالة "الدوخة" واوجاع الرأس، اشكالية الخلاف بين الفريقين حول الاسكنجبيل استندت الى حقيقة انه يوفر حالة من الاسترخاء، وهي لاتحصل الا بشرب الخمر اجلكم الله، والخمور بكل انواعها الروحية والكحولية بالمفرد المختوم او المعبأة بطريقة هبهب بصفائح معدنية، اي "تنكات"، من الكبائر لعن الله شاربها وبائعها وحاملها ومستوردها وصانع مزتها وفاتح محال تعاطيها في البارات والنوادي الاجتماعية.
في شهر رمضان تضاعف الاقبال على شرب الاسكنجبيل، في معظم المدن العراقية، وانحسر تناول ماء الشعير المستورد المعروف باسم البيرة الاسلامية المستورد من دول الجوار، باستثناء من يستخدم ماء الشعير باضافة نصف ملعقة شاي من خميرة الخبز الى العلبة للحصول على الاسترخاء المنشود، فنجحت التجربة بعيدا عن مراقبة جمعيات ومنظمات مكافحة تناول الخمور في البلدان الاسلامية.
اضافة خميرة الخبز الى العصائر ابتكار يعود تاريخه الى اعلان تبني الحملات الايمانية ليتوجه ابناء الشعب الى الاهتمام بالآخرة وترك الدنيا الفانية وملذاتها، في ذلك الوقت المعارضون السياسيون غادروا البلاد وانتشروا في المنافي، خوفا من بطش الحزب الحاكم، فتبلورت معارضة جديدة، تعتمد خميرة الخبز لمواجهة قرارات السلطة الجائرة، ثم اسفر نضال معارضي الداخل عن اجبار السلطة على التخفيف من اجراءاتها الايمانية فسمحت بفتح النوادي شريطة اخفاء قناني المنكر عن الانظار.
الخلاف حول الاسكنجبيل، يكشف عن انقسام مجتمعي، تغذيه جهات لطالما اعلنت تحريم كل مظاهر الحياة المدنية، تبنته ايضا قوى سياسية تدعي امتلاكها قاعدة شعبية واسعة بامكانها مواجهة الامبريالية والصهيونية لمنعها من تصدير منكراتها الى المدن الفاضلة، اشكالية الاسكنجبيل تستحق اقامة ندوات فكرية يشارك فيها كبار الباحثين والدارسين للتوصل الى اتفاق نهائي لحسمها، لتدارك تداعياتها الخطيرة على المجتمع لتفادي تشرذمه وتشتته، حفاظا على تماسك الوحدة الوطنية، باصدار قرار تاريخي اما يحرم او يسمح بتناول الاسكنجبيل، وغلق الباب امام اندلاع ازمة محتملة، خارج ارادة الموقعين على وثيقة الاصلاح السياسي، رباط السالفة، في اجتماع عقده تحالف لاختيار رئيسه تحدث المشاركون عن فوائد شراب الزبيب والاسكنجبيل، وتجاهلوا "مأسسة" تحالفهم، اقبض ياعراقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram