TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حملة اليــد البيضاء

حملة اليــد البيضاء

نشر في: 21 يوليو, 2015: 09:01 م

موقف لا يُحسد عليه ذلك الذي مرَّ على رئيس الاتحاد الدولي المستقيل خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في زيوريخ أمس الاول الاثنين عندما قام الممثل البريطاني لي نيسلون بنثر حزمة دولارات عليه كإدانة صريحة عن حجم ما وصل إليه الفساد المالي في (فيفا) أثنـاء قيادة بلاتر.
مَن شاهد حجم الارتباك والذهول وعلامات الخوف على وجه العجوز بلاتر وهو يحاول أن يستجمع دهاءه وخبرته الطويلة في العمل الإداري المحترف في تجاوز تلك الإهانة امام حشد وسائل الإعلام التي كانت تنقل الحدث على الهواء مباشرة سيعلم قساوة النهاية من أعلى هرم السلطة الكروية العالمية هو الخروج بفضيحة تضرب على أوتار السمعة والنزاهة الشخصية بعد ان استجاب لجبروت وشهوة المال وتجاهل تاريخه الذي إنهار فجأة ليصبح مضرباً للامثال والسخرية!
وبغض النظر عن حقيقة كون الرجل شريكاً حقيقياً في كل ما كُشِف عنه من تلاعب بالاموال وصفقات ورشى ، إلا أنه سيبقى المسؤول الاول كونه يمثل رأس القيادة التي تديـر وتخطط وترسم السياسة العامة لأكبر منظمة مستقلة ادارياً ومالياً وتستحوذ على ثروة هائلة تعادل مجموع ميزانية دول عدة في العالم ، وبالتالي فإن كل ما يحدث من خلل وخرق وانتفاع شخصي له أو لأي موظف بإمرته وفق معادلة الانتصار لأصحاب مشروع دفع الرشى على حساب الرافضين لها أو غير المتمكنين من تحمل أعبائها سيضعه بالتأكيد تحت طائلة المحاسبة القانونية والأخلاقية.
درس مجاني مع صورة في غاية الوضوح لنهاية كل الداعمين للفساد والمتسترين عليه أو حتى المتغاضين عنه تحت ذريعة عدم المشاركة به لابد أن تتجسد امام مفاصلنا الرياضية والمسؤولين عنها في مراجعة الذات اولاً وتطوير أدائهم والبحث عن الثغرات والمسالك التي تشجع وتنمي وسائل الكسب غير المشروع وتطيح بسمعة الرياضة العراقية وطموح تطورها على الصعيدين الداخلي والخارجي.
الحديث عن وجود شبهات فساد في الكثير من معاقل ادارة الرياضة العراقية هو هاجس الشارع الرياضي سواء بإدراك وارادة مخططاً لها أو نتيجة تهرّي الاجراءات الادارية التي سمحت بحدوث خروقات مالية ضمن غطاء قانوني ساعدت على هدر الاموال وتوجيهها بعيداً عن الغاية وسلكت الطريق نحو جيوب المنتفعين أو الاسراف والتبذير غير المبرر بدلاً من توظيفها في خدمة التنمية وبناء جيل رياضي قادر على تغيير الموقع البائس للرياضة نحو آفاق جديدة ومكانة مرموقة تتناسب وحجم الإنفاق المخصص لها من بلــد يمتلك ثروات هائلة وإرثاً ثقافياً وتاريخياً مُشرِّفاً.
المسؤولية تقع على الجميع بدءاً من وزارة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية ومفاصها والإعلام الرياضي والجماهير من اجل البدء بحملة (اليــد البيضاء) لإدانة الفساد ومحاربته بكل الوسائل المتاحة والمطالبة بتشكيل لجان متخصصة تأخذ على عاتقها مراجعة كل القوانين والصلاحيات والاجراءات الادارية لعموم البيت الرياضي التي من شأنها ان تكون حاضنة ومشجعة على تنمية الفكر الباحث عن الاستغلال والتربّح غير الشرعي وإيجاد بديلٍ عنه نظاماً متخصصاً يُقلل الفرص امام اصحاب النفوس الضعيفة ويحافظ على الاموال ويساعد على المتابعة والمراقبة، وقبل كل هذا يُشعِر المعنيين بالأمر أنهم أمام قــوة القانون وعيون كل الرياضيين.
باختصار.. بلاتر قال في رده المتوتر على حادثة نثر الدولارات عليه ( أمي كانت تقول دائماً إن هناك اشخاصاً لم يتعلموا الأدب ويبدو أننا صادفنا اليوم واحداً ممن عنتهم والدتي الراحلة .)
وبغضِّ النظر إن كان تصرف الممثل لي نيسلون صحيحاً أم لا ، لكنه ضرب بكل ما تبقى من هيبة رئيس دولة كرة القدم العالمية.. فإن كلماته الأخيرة لن تمحي من سجلات تاريخ ما حصل له .. ونحن أشد ما نخشاه أن تستمر فوضى الفساد وضياع الأموال من قِبـَل أطراف وعناوين مسؤولة في رياضتنا ليظهر لي نيلسون بملامح عراقية ويؤدي الطقوس نفسها على رؤوس الفاسدين !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

 علي حسين يريد تحالف "قوى الدولة " أن يبدأ مرحلة جديدة في خدمة الوطن والمواطنين مثلما أخبرنا بيانه الأخير الذي قال فيه إن أعضاء التحالف طالبوا بضرورة تشريع تعديلات قانون الأحوال الشخصية، التي...
علي حسين

قناديل: انت ما تفهم سياسة..!!

 لطفية الدليمي كلُّ من عشق الحضارة الرافدينية بكلّ تلاوينها الرائعة لا بدّ أن يتذكّر كتاباً نشرته (دار الرشيد) العراقية أوائل ثمانينيات القرن الماضي. عنوان الكتاب (الفكر السياسي في العراق القديم)، وهو في الاصل...
لطفية الدليمي

قناطر: كنتُ في بغدادَ ولم أكنِ

طالب عبدالعزيز هل أقول بأنَّ بغداد مدينةٌ طاردةً لزائرها؟ كأني بها كذلك اليوم! فالمدينة التي كنتُ أقصدها عاشقاً، متلهفاً لرؤيتها لم تعد، ولا أتبع الاخيلة والاوهام التي كنتُ أحملها عنها، لكنَّ المنعطفَ الخطير والمتغيرَ...
طالب عبد العزيز

الزواج رابطة عقدية تنشأ من دون وسيط كهنوتي

هادي عزيز علي يقول الدكتور جواد علي في مفصله لتاريخ العرب قبل الاسلام ان الزواج قبل الاسلام قائم على: (الخطبة والمهر وعلى الايجاب والقبول وهو زواج منظم رتب الحياة العائلية وعين واجبات الوالدين والبنوة...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram