TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَنْ الأولى بالوصاية الدولية؟

مَنْ الأولى بالوصاية الدولية؟

نشر في: 24 يوليو, 2015: 09:01 م

زميل وصديق قديم، هو من الإعلاميين السعوديين المرموقين، كتبَ إليّ صباح الخميس مستغرباً ومستنكراً، ضمنياً، التصريح الأخير لنائب رئيس الجمهورية ورئيس حزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي، الداعي إلى وضع السعودية تحت الوصاية الدولية.
الزميل والصديق قال في رسالته الإلكترونية "مع حبي لبلدي العراق الذي أحبه كثيراً هو أولى بأن يُوضع تحت الوصاية الدولية حسب معايير المالكي"، وقد أجبته بما اجتهدت بأنها دوافع السيد المالكي في إطلاق دعوته تلك، وهي في ما أرى دوافع سياسية شخصية وحزبية في المقام الأول لا تتعلق بقضية الإرهاب وتفاقمه فقط، وإنما أيضاً بالتطورات الإقليمية والدولية الأخيرة، بينها الاتفاق بين ايران ومجموعة خمسة زائداً واحد والذي تحفّظت عليه السعودية ودول الخليج، وبأحداث اليمن وسوريا الراهنة وما إلى ذلك.
بعد ساعات قليلة من تسلّمي رسالة الزميل والصديق السعودي جاء في الأخبار أن وزارة حقوق الإنسان (العراقية) دعت في بيان بشأن موجة التفجيرات الإرهابية الأخيرة في بغداد الى إجراء تحقيق دولي في هذه الجرائم. قلت في نفسي وأنا اقرأ البيان أن الدعوة الواردة فيه تتّسق مع فكرة الزميل والصديق السعودي بان العراق أولى بأن يوضع تحت الوصاية الدولي "حسب معايير المالكي"، فبيان وزارة حقوق الإنسان اعتراف صريح بعدم قدرتنا على مواجهة الإرهاب والتحقيق في جرائمه.
أنا أيضا أعتقد أن العراق في حاجة الى الوصاية الدولية، وأظن أن وضع بلادنا تحت وصاية الأمم المتحدة أو التحالف الدولي أفضل للشعب بما لا يقاس من إبقائه تحت وصاية طبقة سياسية لم تعمل خيراً لبلادها وشعبها ولن تعمل، وهي بذلك شديدة الشبه بنظام صدام الذي ظنّنا أن مجرد الخلاص منه سيُفضي بنا إلى جنة عدن المفقودة، فإذا بنا نكتشف أننا لم نتحرك قيد أنملة بعيداً عن ذاك الجحيم، بل إن بعض العراقيين يقولون علناً اليوم إن الأوضاع في عهد نظام صدام، خصوصاً على صعيد الخدمات العامة، كانت أفضل، وإن الفساد الإداري والمالي الذي يدمّر دولتنا الحالية ويتسبب في تفاقم الإرهاب، كان في أدنى مستوياته، وإنهم بينما كانوا يتعاملون مع صدام واحد فهم يخضعون اليوم لاستبداد وظلم مئة صدام وصدام، هم قادة الأحزاب والكتل والائتلافات والميليشيات وغيرهم من المتنفذين في السلطة.
أنا أؤيد وضع البلاد تحت وصاية دولية لضمان ألا تحدث الأمور العجيبة الغريبة التي نشهدها اليوم، واليكم واحداً منها:
أول من أمس صرح نائب محافظ بغداد، جاسم البخاتي، بأن "ما يدعو للعجب هو تأخر مشروع كاميرات المراقبة في الشوارع، ذلك المشروع الستراتيجي الذي يحفظ بغداد وأهل بغداد"، عازياً سبب التأخير إلى "التقاطعات السياسية وعدم التفاهمات وحتى لا يُحسب هذا المنجز لفلان وفلان". والسيد البخاتي لا يكشف بهذا سرّاً في الواقع، ففي مرات عدة قال محافظ بغداد علي التميمي مثل هذا الكلام!
القوى السياسية المتنفذة في حكومة بغداد ومجلس محافظتها والمتنافسة في ما بينها على السلطة والنفوذ والمال تعرقل نشر منظومة الكاميرات في شوارع بغداد وساحاتها وأحيائها والسبب يعود إلى عدم رغبة بعض هذه القوى في أن يُحسب المشروع لصالح جهة بعينها!.. وإذا عُرِف السبب بَطُل العجب كما يقال، ولابدّ لمن لا يعرف أن يعرف أن التحالف الوطني (الشيعي) هو المتنفّذ في حكومة بغداد ومجلسها، كما في مجلس النواب الاتحادي والحكومة الاتحادية، وأن المقصود بعدم الرغبة في حساب مشروع الكاميرات لصالح جهة معينة هو أن أطرافاً في التحالف الوطني (دولة القانون والمواطن وبدر خصوصاً) لا تريد للمشروع أن يُجيّر لصالح التيار الصدري الذي منه المحافظ علي التميمي!
زميلي وصديقي الإعلامي السعودي: للأسف الشديد انك على حق في أننا الأولى بوضعنا تحت الوصاية الدولية، فهي ستكون أرحم بنا من هذه القوى السياسية المفتقدة للرحمة والضمير والوطنية، بحسب ما ينطق به مثل منظومة الكاميرات، وهو ليس سوى واحد من مئات الأمثلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ام رشا

    مقال رائع ..صحوة متأخرة كثيرا ولو انها خيرا من ان لا تصحوا ابدا....

  2. رمزي الحيدر

    هذا هو الكلام الصحيح ، أن الشعب العراقي ليس قادر على إزالت هذه الأحزاب الطائفية التي جلبت الخراب والفساد الى العراق، وكما طالب سابقاً مساعدة العالم على إزالت صدام ،فحان الوقت الان مطالبت العالم والامم المتحدة من التخلص من هذه الكارثة.

  3. خليلو...

    لا والله لا تحت الوصاية الدولية وإنما نسلم ارضا وساسة الى بريطانيا لإعادة صياغتنا كما خلقناه أول مرة نعيده مع الاعتذار الشديد الى كل أولئك الذين وانا منهم كانوا ينزلون الى شارع الرشيد نذرعه هاتفين بالسقوط للاستعمار ووضعنا في خلاصنا منه الحبل في عنق

  4. ابو اثير

    كان بألأحرى بالمالكي أن يطلب بعرض نفسه على الوصايا الطبية المختصة بالحالات النفسية وذلك لكونه أخذ يمر بحالات هستيرية سريرية من ألأنفعالات السياسية وحصل ذلك معه خاصة بعد عدم حصوله على الولاية الثالثة التي أفقدته زمام السيطرة على تصرفاته وتصريحاته وحركة تنق

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram