TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "سمكرة" تعديل الدستور

"سمكرة" تعديل الدستور

نشر في: 25 يوليو, 2015: 09:01 م

أمام الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية شوط طويل للتوصل الى اتفاق تطبيق بنود وثيقة الاصلاح السياسي ، بوصفها الخطة الوحيدة المتاحة لضمان استقرار البلاد ، وتسوية الخلافات القائمة طبقا للدستور ، لمنع خروج الشياطين من التفاصيل ، فتتوفر لها البيئة المناسبة لنشاطها ، وحينذاك لاينفع القول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
التحالف الوطني بقواه واحزابه الدينية الشيعية صاحب نظرية "المأسسة" بعد مرور سنوات على تشكيله لم يتوصل بعد الى اتفاق يحسم اختيار رئيسه الجديد بدلا عن السابق وزير الخارجية الحالي ابراهيم الجعفري ، الرجل طيلة سنوات توليه رئاسة التحالف الشيعي الحاكم بحسب وصف شركائه طرح مبادرة اجراء عملية اصلاح شاملة على خلفية مطالبات اطراف في الحكومة السابقة بسحب الثقة عن رئيسها نوري المالكي ، عقدت عشرات الاجتماعات ، وشكلت اللجان التحضيرية ، وكان العراق في ذلك الوقت لا يعاني ازمة مالية لاحتفاظ الاسواق العالمية بسعر ثابت للنفط ، ضاعت فكرة "المأسسة" ، أما ورقة الاصلاح فانتهى بها المطاف في ادراج النسيان ، اثناء مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية اعتمدت وثيقة الاصلاح السياسي عسى ان تمنح العراقيين بارق أمل ، يجعلهم يتخلون عن توجيه لعناتهم للديمقراطية ليس بوصفها نظاما للحكم ، وانما وسيلة احتجاج على تسخيرها لخدمة المصالح الحزبية ، العراقيون عاشوا تجربة السنوات الماضية على امل وعود دولية ومحلية في بناء وارساء دولة المواطنة ، واقامة نظام ديمقراطي ، يعتمد صناديق الاقتراع لتحقيق مبدأ التدول السلمي للسلطة، تحدوا المصاعب وخاضوا اكثر من تجربة انتخابية تشريعية ومحلية ، لكنهم لم يلمسوا على ارض الواقع تطبيق واحد من تلك الوعود ، الساحة السياسية شهدت نشاطا ملحوظا لقوى دينية ، استطاعت نتيجة الدوافع المذهبية ان تحقق تمثيلا واسعا في البرلمان ، منحها حق تشكيل الحكومات المتعاقبة فعجزت عن تنفيذ برامجها لاعتمادها على التوافق في توزيع المناصب والمواقع ، لضمان مشاركة المكونات العراقية في صناعة القرار .
الحكومات من الفئة التوافقية عجزت عن استثمار الثروات الطائلة في اعادة البنية التحتية المدمرة ، ورافقها فساد مالي واداري جعل العراق طبقا لتقارير منظمة الشفافية الدولية يحتل المرتبة الاولى في قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم ، ولطالما اعلن الساسة الحاجة الى تعديل اكثر من عشرين مادة دستورية ، وشكلوا لجنة تتولى تعديل الدستورية في الدورة التشريعية قبل السابقة ، فشلت في انجاز عملها فظل التوافق سيد الموقف ، وهذا الخيار لم يتحقق داخل التحالف الواحد فكيف يحصل تعديل الدستور ، الاجابة عن هذا السؤال الشائك يتطلب افتتاح ورشة سمكرة تاخذ على عاتقها تعديل الدستور "المضروب بجم" على حد تعبير العاملين في ورش تصليح السيارات، مادامت الاوضاع الامنية تعكس تداعياتها على الاداء السياسي ، سيبقى الكثير من العراقيين يلعنون الديمقراطية ليس بوصفها نظاما للحكم ، وانما مرحلة شهدت خروج الشياطين ، تحتاج الى قوى مؤمنة بإقامة دولة مواطنة في الاحلام .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram