جلست أمامي في المكتب وبدأت تسرد لي مشكلتها بكل صراحة ووضوح. قالت الطالبة بعد ان ترقرقت الدموع في عينيها:
- بدأت قصتي في العطلة الصيفية للعام الماضي، حين سافرت امي مع ابي وجدتي للعلاج خارج العراق.. وتركتني مع إخوتي الصغار برعاية عمتي، وهي نصف أ
جلست أمامي في المكتب وبدأت تسرد لي مشكلتها بكل صراحة ووضوح. قالت الطالبة بعد ان ترقرقت الدموع في عينيها:
- بدأت قصتي في العطلة الصيفية للعام الماضي، حين سافرت امي مع ابي وجدتي للعلاج خارج العراق.. وتركتني مع إخوتي الصغار برعاية عمتي، وهي نصف أمية. كنت اشعر بالملل والكآبة ، فهي المرة الاولى التي افارق فيها امي. بدأت اتسلى على الانترنت واتجول في عدة مواقع.. واطيل الحوار في غرف الدردشة، ولأنني تربيت تربية فاضلة فلم اخش على نفسي . تعرفت يوما على شاب، وبدأت اطيل الحديث معه بحجة التسلية وقضاء ساعات الفراغ . ثم تحول الامر الى لقاء يومي ، وطلب مني ان يحدثني على (الماسنجر) فوافقت . كنا نتحدث لساعات طويلة حتى الفجر. خلال حديثي معه تعرفت على حياته وتعرف هو على حياتي. عرفت انه شاب لعوب يحب السفر وجرب انواع الحرام . كنا نتناقش في امور مفيدة في الحياة.. وبلباقتي غيرت مجرى حياته ابتداءً بالصلاة والالتزام . بعد فترة وجيزة صارحني بحبه لي ، خاصة انه قد تغير وتحسن سلوكه.. وبقناعة تامة منه اكد ان حياته السابقة كانت طيشا، وانتهى هذا الطيش بعد ان وجدني . ترددت في بادئ الامر، لكني وبعد تفكير لايام اكتشفت بانني متعلقة به، وكانت اسعد اوقاتي عند اقتراب موعد اللقاء به على ( الماسنجر). طلب مني أن نلتقي. وافقت بشرط ان يكون في مكان عام ولدقائق معدودة فقط ليرى صورتي . وفي يوم اللقاء استطعت ان افلت من عمتي بحجة زيارة صديقتي.. بدأ قلبي يرتجف حين حان موعد وصوله حتى رأيته وجها لوجه. تحاورنا لدقائق، وقد ابدى اعجابه الشديد بي وانني اجمل مما تخيل. تركته وعدت الى منزلي تغمرني سعادة لا تطاق.. اكاد اطير من الفرح.. لدرجة ان معاملتي لاخوي قد تغيرت، فكنت شعلة من الحنان معهم.
وبدأنا في اسلوب آخر من الحوار. وعدني ان يتقدم لخطبتي فور رجوع اسرتي من السفر.. ولكني رفضت وطلبت منه ان يتمهل حتى أنتهي من الدراسة. تكرر لقاؤنا اكثر من مرة، وكنت في كل مرة اعود محملة بسعادة وفرحة تملأ قلبي . في هذه الفترة كانت اسرتي قد عادت من الخارج بعد ان فشلت رحلة العلاج ومع بدء السنة الدراسية طلب مني اللقاء فرفضت لانني لا اجرؤ على خيانه امي. لكن تحت اصراره وقوله انه يحمل مفاجأة سعيدة لي وافقت.
في الموعد المحدد تقابلنا وإذا به يفاجئني بأنه اشترى لي حلقة الخطوبة. سعدت كثيرا وأخبرني أنه آن الاوان ليزور اهلي. كنت ارفض بحجة المدرسة. في نفس اليوم وفي لحظات ضعف استسلمنا للشيطان.. لحظات جميلة وكئيبة بعد ان انتهينا.. لا اعرف كيف اعبر عنها ولا ارغب في تذكرها، وجدت نفسي فتاة اخرى ليست هي الفتاة التي تربت على الفضائل والاخلاق.. ثم اخذ يواسيني ويصر على خطبتي وباسرع وقت. انهيت اللقاء بوعد مني ان افكر في الموضوع.. ثم احدد موعدا للقائه باسرتي. رجعت الى منزلي وانا مكسورة ، حزينة. عشت أياما لا اطيق فيها ان ارى أي شخص.. تأثر مستواي الدراسي كثيرا. كان يكلمني كل يوم.. ليطمئن على صحتي.. وبعد اسبوعين تقريبا.. تأكدت ان الله لن يفضح فعلتي.. والحمد لله بدأت أستعيد صحتي واهدأ تدريجيا، واتفقت معه على ان يزور اهلي مع والدته في نهاية الشهر ليخطبني للزواج. بعد فترة وجيزة تغيب عني اسبوعاً.. وقد كانت فترة طويلة بالنسبة لعلاقتنا، فكيف يغيب بدون عذر؟ اتصلت به بالموبايل فلم يرد على محادثتي. بعد يومين وجدت في بريدي رسالة منه، مختصرة وغريبة، لم افهم محتواها. طلبته على الموبايل مرة ثانية لاستوضح الامر. رد والتقيت به بعد ساعة من الاتصال.. وجدت الحزن العميق في عينيه. حاولت ان افهم السبب.. دون جدوى.. وفجأة انهار بالبكاء. اعتقدت أن سوءا حلّ بأحد افراد أسرته. .حاولت ان اعرف سبب حزنه ، ثم طلب مني الرجوع الى بيتي. استغربت وقلت له ان الموعد لم يحن بعد للعودة ، ثم طلب بعدها مني ان انساه.. لم افهم.. وبكيت واتهمته بانه يريد الخلاص مني.. ولكن فوجئت باقواله. لن انسى ما حييت وجهه الحزين، وهو يقول انه اكتشف مرضه بعد ان فات الاوان.. أي مرض؟ أجابني انه مصاب بالايدز .. وقد علم بذلك مؤخرا وبالصدفة !
أنا في حيرة من امري ياسيدي : هل انتقل المرض الي ؟ هل استطيع ان اواجه اهلي بهذه المصيبة.. ساعدني .. ارجوك !
.. لكن نحن نتساءل في ختام هذه السطور.. من المسؤول عن هذه الضحية ؟ لقد نشأت في اسرة شريفة ومستقرة وعفيفة.. ولكن يبقى ان نقول لكل فتاة.. احذري وصوني نفسك .. ولا تصغري الكبائر، فكل خطيئة تبدأ صغيرة ولكنها تكبر مع الايام .. احسبي ليوم تكونين فيه ضحية مثل هذه الفتاة الحزينة التي ماذا تفعل وهي تنتظر المصير المجهول !