اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > التحول الجنسي في مسرحية (بتول).. صرخة في وجه الواقع العراقي

التحول الجنسي في مسرحية (بتول).. صرخة في وجه الواقع العراقي

نشر في: 28 يوليو, 2015: 12:01 ص

عندما ننجب الذكور تتوالى الفرحات فرحة تلو أخرى ، وعندما تخفت الفرحة بالذكورة ننسج فرحة جديدة للانثى ، ذلك القنديل الذي سيضئ باحة الدار ذلك الصوت الذي سوف يهمس من خلف الباب بـ(من الطارق ) . والقدر كان هو الطارق هذه المرة عندما صرخ بوجه الانوثة واخفاها

عندما ننجب الذكور تتوالى الفرحات فرحة تلو أخرى ، وعندما تخفت الفرحة بالذكورة ننسج فرحة جديدة للانثى ، ذلك القنديل الذي سيضئ باحة الدار ذلك الصوت الذي سوف يهمس من خلف الباب بـ(من الطارق ) . والقدر كان هو الطارق هذه المرة عندما صرخ بوجه الانوثة واخفاها تحت رداء الرجولة حتى لاتباع (بتول ) في سوق السبايا .تمخض القدر على يد (علي عبد النبي الزيدي) لتولد هذه المسرحية من رحم شكوى السبايا وهن يصرخن بصوت الموت ...سنشكوك اليك ياالله ....ويعلو الصوت ..سنشكوك اليك ياالله ..هذه العبارة التى رددتها بتول وهي تفترش سجادة الصلاة والابواب تطرق من خلفها لتتحول بعدها الانوثة الى رجولة اللحى والشوارب وينطفئ قنديل باحة الدار ويحل الظلام بدل النور، يختفي الحب تحت ارض الخوف وتتناثر الدموع بين طيات سجادة الصلاة وصوت طرقات الباب تعلو لترجم كل ماهو قائم على محراب الدين ليصحو الزوج من نومه ويجد امامه رجلا بلحيته وشاربه وقميص نوم نسائي يقول له انا بتول ..من بتول ؟ الزوجة التي قتلت انوثتها وتحولت الى رجل حتى لاتغتصب او تباع في سوق السبايا . جاء التغيير الجنسي في هذه المسرحية كعملية بحث عن هوية عندما يتصارع الواقع ليسلب الانسان هويته التي ولد فيها والكاتب هنا تطرق الى موضوع حساس حاول معه ان يشعل شرارة اللهب التي لابد لها ان تكون صوتا معبرا وان اختلفت طرق التعبير وجاء موضوع الحب بعداً أسلوبياً خيالياً أتاح للمؤلف إبراز آمال الذات للواقع المعاش وانعكاس المحيط السلبي بحروبه ودمائه على ذلك الحب الذي فقد قيمته ازاء كل الكره والكذب والزيف الذي احاط بالانوثة.
قدمت هذه المسرحية في مدينة البصرة من قبل مجموعة رائعة من الفنانين تشكلوا ضمن مجموعة (مشغل دنيا )النص من تأليف علي عبد النبي الزيدي واخراج مصطفى ستار الركابي تمثيل علي عادل بدور الزوج وستار الحربي بدور بتول الرجل وسجى ياسر بدور بتول الزوجة.حاول فيها المخرج مصطفى ستار الركابي ان يجعل من الجانب التقني في العرض بطلا اخر ، فقد وظف العديد من اجهزة التلفزيونات واجهزة العرض الصورية والتي استطاعت ان تشير الى دواخل الشخصيات المضطربة جراء ما حدث لها من تحول في بنيتها الجسدية من جهة والروحية من جهة اخرى ، وظلت هذه التقنية تشتغل على طول العرض بشتى الصور والفيديوات اضافة الى توظيف الكاميرا داخل بنية العرض توظيفا حيا ، أي ان هذه الكاميرات تلتقط العديد من ردود افعال الشخصيات اثناء العرض وبزواية سينمائية استطاعت ان تلاحق الشخصيات اينما تذهب لتؤكد حصارها النفسي .. المخرج ايضا حدد حركة الشخصيات ضمن دائرة ضيقة جدا في المكان واراد ان يؤكد على الحصار النفسي الذي تعيشه الشخصيات في واقع افقدهم انسانيتهم واغتصب احلامهم وشطب على ذكرياتهم وعشقهم . اما اداء الممثلين علي عادل وستار الحربي وسجى سليم فقد كان على قدر كبير من الوعي والفهم الباطني للشخصيات ، حيث وجدنا اداء نفسيا عفويا ينسجم تماما مع حدث لتحول في شخصية الزوجة بتول التي تحولت الى رجل ، ومن هنا وجدنا ان العرض هيمنت عليه الحالات النفسية والتي اشارت الى حجم الكارثة التي تعرضت لها الشخصيات عموما ، وقد خرجوا من الاداء النمطي الذي لاينسجم مع هكذا نص وعرض معا . كانت المؤثرات الموسيقية هي الاخرى تلاحق الممثلين على طول العرض ، حيث وجدنا هناك تكبيرات ممزوجة بموسيقى دينية معروفة كان لها تأثير بالغ في العرض فقد جاءت ضمن سياق الحالات النفسية للشخصيات المرتبكة والمصابة بصدمة التحول . نجد شيئا من الاوجه الخيالية في هذه المسرحية قصد بها ان تكون مقبولة لدى المشاهد وهي تعتبر كامتداد لقوانين الطبيعة التي تعمل في العالم الحقيقي التي يجب ان تكون لها مصداقية بشكل او باخر لانها من صلب المحيط السيكلوجي للشخصية الانسانية في مسار مغلق من الصدمات الجسدية والنفسية على حد سواء والتحول هنا مواجهة عامة بين الذات والواقع الذي يحيط بها وهي نتاج ذلك الواقع الذي تمخض كثيرا ليضع لنا شكل جديدا من اشكال التعبير عن هذه الذات الا وهو الهروب من كل مثاليات الحياة وقوانينها التي تجعل الالم في اوج عظمته ان لم نحاول نحن من دواخلنا ان نواجه ذلك الالم بقناع جديد قناع نرتديه بارادتنا حتى نقول في ذاتنا اننا استطعنا ان نهزم الواقع عندما لبسنا غيروجوهنا وابتعدنا عن حقيقتنا كما يفعل بنا هو دائما وتصحيح معوجات ذلك الواقع الذي يرفض ان يعترف باعوجاجه .وبتول كانت الحقيقة والقناع في الان ذاته .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram