اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > باتت ظاهرة مستشرية..العيادات والمراكز الروحانية ملاذ الفقراء والجهلة

باتت ظاهرة مستشرية..العيادات والمراكز الروحانية ملاذ الفقراء والجهلة

نشر في: 28 يوليو, 2015: 12:01 ص

انتشرت في الاونة الاخيرة مراكز العلاج الروحي في الكثير من الاماكن، لتتجاوز حدود مراكز التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، في وقت يشير فيه الكثير الى ان اتساع هذه الظاهرة يوحي الى اتساع مساحة المقبولية الاجتماعية لها، اما اسباب هذا التوسع فانه يعود ب

انتشرت في الاونة الاخيرة مراكز العلاج الروحي في الكثير من الاماكن، لتتجاوز حدود مراكز التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، في وقت يشير فيه الكثير الى ان اتساع هذه الظاهرة يوحي الى اتساع مساحة المقبولية الاجتماعية لها، اما اسباب هذا التوسع فانه يعود بالتاكيد الى قدرة العاملين في هذا المجال على اقناع الناس، بامكانية التاثير في حياتهم بشكل مباشر ودفع الاقدار عنهم، وتغيير مسارهم في الحياة نحو جادة تحقيق الاحلام، لاسيما مايتعلق بشريك الحياة، هذا الامر الذي يشكل حافزا كبيرا لدى الكثير من الناس، سيما الشباب، للاعتقاد بجدوى وواقعية ماتسمى بالاعمال الروحية، ولعل من بين الاسباب التي وطدت العلاقة بين العاملين في هذا المجال من جهة وبين محيطهم الاجتماعي من جهة اخرى،هو وجود ابعاد طبية وعلاجية لهذا الموضوع، ماجعلهم مقصدا للكثير من الناس لغرض العلاج والتطبيب، وهكذا بقي هذا الموضوع مثارا للجدل وابداء الاراء، ففي الوقت الذي يؤمن البعض بجدوى هذه الاعمال ونجاعة الاعتماد على العمل الروحي للوصول الى اي مبتغى.

 

كذب المنجمون ولو صدقوا

ويقول المواطن عادل حسن لـ (المدى) ان هذه النشاطات والافكار تكثر في البيئة المستعدة من الناحية العقائدية، استيعاب مثل هكذا خرافات، والمجتمع العراقي مجتمع يؤمن بقدرات السيد والشيخ او اي معمم، وان التسويق لهذه الامور من خلال بعض القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، جعل الكثير من الناس تصدق كل الذي يقومون بعمله. مضيفا: يوهمون الناس بانهم يهتمون لامورهم، وهم يجنون من وراءهم الاموال.
وشدد حسن على ضرورة القضاء على هذه الظاهرة من خلال تثقيف المجتمع وتوعيته وتشجيعه على القراءة والاطلاع والانفتاح على كل العلوم الحديث، والا ستبقى هذه العقول تزهو بالجهل. مشيرا الى ان الله ذكر في كتابه الكريم (كذب المنجمون ولو صدقوا) .
اوامر العقل الباطن
وتقول الباحثة الاجتماعية صفا محمد لـ "المدى" ان " القداسات الموجودة والموروثة في العقل الباطن (اللاوعي) الذي يستخدم المنطق، والايحاء بان لهذه القداسات قدرات خارقة في الشفاء ، تجعل العقل الباطن يقوم بارسال رسائل ايجابية نفسية للجسم ، من اجل الشفاء، ويتلقى العقل الباطن الاوامر التي تصدر من العقل الواعي ويقبلها. مضيفة: الحقيقة ان الموضوع هو نفسي بامتياز ويتعلق بقوة ايمانك بشئ ما حتى لو كان حجرا، وهذا النوع من التطبيب يسمى بالايحاء، وهو قوة نفسية يستخدمها الطبيب النفسي والشيخ، للتأثير على المريض مع فارق دواعي الاستخدام، والمشكلة في هذه القوة انها تجعل المريض تحت رحمة بشر ، ويعتقد انه شخص بشري قادر على منحه ومنعه فيصبح يعظم من شأن هذا الشخص.
وتابعت الباحثة الاجتماعية: المرضى النفسيين يجب ان يعالجوا في مراكز الصحة النفسية ، وتدرس كل حالة في البدء يدرس الدماغ عن طريق طبيب اعصاب مختص، ويعالج وفق التقنيات الحديثة، اما الحالات النفسية مثل الكآبة والفصام والهستيريا، فتحول الى مستشفيات متخصصة بالعلاج النفسي.
ليس من اختصاصنا
وعن دور وزارة الصحة في انتشار هذه الظاهرة والمراكز الروحانية قال المتحدث الرسمي بأسم وزارة الصحة الدكتور احمد الرديني، في حديث لـ(المدى) نحن في وزارة الصحة نتعامل مع تشخيص المرض عن طريق الاجهزة الطبية واجراء الفحوصات وعن طريق التشخيص السريري واعطاء الادوية الكيمياوية، وبالتالي فان اي مادة كيمياوية تدخل في هذا الجانب سواء كانت عشبية او مصنعة كيمياويا، فان الاشراف المباشر يكون عليها من قبل زارة الصحة ونقابة الاطباء وبالتعاون مع مكتب المفتش العام في وزارة الصحة.موضحا: اما باقي العلاجات كالعلاج الروحي والعلاج بالقرآن، بعيد تماما عن اختصاص وزارة الصحة، وممكن ان نتعامل مع الصحة النفسية في بعض الاحيان، عن طريق مايسمى بالحوار النفسي مع اخصائيين نفسيين، لكنها تبقى جزء من امور نفسية، وان العلاج الروحي والعلاج بالقرآن يعتبر من العلاجات النفسية ، ولا تدخل في علاجها موادا كيمياوية.
وتابع الرديني: للاسف الشديد هناك من يستغل ظروف هولاء الناس ومحدودية فهمهم ووعيهم لامور مالية بحتة. مشيرا الى وزارة الصحة لاتمتلك السلطة الكافية لمتابعة هذه المراكز.
دور الاعلام والتوعية
من جانبه يقول العقيد مشتاق طالب مدير الشرطة المجتمعية لـ (المدى) :هنالك توجيه من قبل وزارة الداخلية ومجلس محافظة بغداد حول هذا الموضوع، ونحن كشرطة مجتمعية بدأنا ومنذ اكثر من شهرين بمراقبة هذه الاماكن، ومراقبة الاناس الذين يعملون فيها ويسعون الى الكسب المادي من خلالها، والكثير من الناس تصدق مايقومون بعمله لبساطتهم. مضيفا: للاعلام دور كبير في التوعية والتثقيف، وابعاد الناس عن هذه العيادات الروحانية، وكذلك للشرطة المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني دور كبير من خلال عقد الندوات التوعوية في الجامعات والمؤسسات الحكومية، وكل اماكن جذب المواطنين، بالاضافة الى ذلك يجب ان يكون دور وزارة الداخلية رادعا، للذين يقومون بعمليات النصب والاحتيال ،ولكنها تحتاج الى تشريع قوانين من قبل البرلمان.
وبشأن اذا كانت هناك شكاوى بهذا الشان قال طالب: لاتوجد هنالك شكاوى من قبل المواطنين ضد المراكز والروحانيين، ولايمكننا التحرك ضدهم مالم تكن هنالك قرارات واومر صادرة من الجهات القضائية والتنفيذية العليا. 
اشباع الرغبات 
من جهتها تقول المواطنة ام محمد لـ (المدى) انا اؤمن بالعلاج الروحي، مادامت هناك قوة خفية تؤثر على الانسان مثل (السحر والحسد والجن) وهذه مذكور في الكثير من الكتب السماوية، ولايمكن انكارها، ولايمكن للطب اكتشافها ومعالجتها الا من خلال الطب البديل. مسترسلة: هناك من اجاد العمل بها، واخرون اعتبروها وسيلة لاشباع رغبات قد تكون مادية او غيرها، واستغلال الناس البسطاء، ومن خلال التهريج ورفع الصلوات تكتشف بأنك تحت يد مشعوذ ودجال لايخاف الله وتربى على السحت الحرام.
من جهته يقول المواطن كرار سيف لـ (المدى) ان الرقية الشرعية موجودة وحتى الرسول (ص) كان يرقي نفسه، وان اي شخص يستطيع ان يرقي نفسه بقراءة بعض الايات القرانية ومن ثم ينفخ بيده ويمسح بها وجهه، ولاشئ في ذلك. مضيفا: ان مانراه اليوم من انتشار هذه المراكز والترويج لها، ماهو الا دجل وشعوذه وكذب على عقول الناس، ولايذهب الى هذه المراكز ويؤمن بها الا المسكين والفقير وغير المتعلم، حيث يكونون صيدا سهلا لهؤلاء المشعوذين.
اما المواطن محمد هادي لـ (المدى) عانيت من مرض الصرع لمدة سنتين، بالاضافة الى تحسس شديد من الضوء وكانت حياتي مظلمة، ولايسمح لي بالخروج بالضوء، وان اي جهد اقوم به تنتابني حالة الصرع، وقد تناولت العلاجات الخاصة بهذا المرض لسنتين لكن لم تتحسن حالتي. لكن بفضل زيارة لسيد معروف وزيارة الامام العباس وبفضل الله اولا شفيت تماما من المرض.
عمليات نصب واحتيال
وعلى صعيد متصل تقول عضو لجنة الصحة والبيئة والنيابية، سهام موسى في حديث لـ (المدى) ان مراكز العلاج الروحي هي نشاطات خاصة لاتكون للدولة سيطرة مباشرة عليها، وهي شبيهة بعمليات الشعوذة، ويجب ان تكون هنالك آلية من قبل الدولة وبالاتفاق مع جهات امنية ومؤسسات الدولة الاخرى، وكذلك وزارة الصحة ، لمعالجة مثل هكذا مراكز التي تمارس عمليات النصب والاحتيال. مستطردة: الوضع الامني الذي يمر به البلد وكذلك تدهور الوضع الصحي واداء الخدمات الصحية وكثرة الامراض، بالاضافة الى التأثيرات النفسية على المواطن بسبب الحروب والاوضاع التي يمر بها البلد، نجد ان بعض الناس وممن لم يجد الاعلاج والاهتمام من قبل المؤسسات الصحية ، وضعف امكانيته المادية ، وبعض الامراض النفسية التي لايجد لها العلاج في داخل المؤسسات الصحية، وبذلك يلجأ الى هكذا مراكز.
تنقية الطب والدين
عن هذا الامر سبق رئيس الجمعية النفسية العراقية أ.د.قاسم حسين صالح: ان القضية الاهم التي يثيرها هذا الموضوع تتلخص في ان نعمل جميعا على تحقيق هدف كبير وصعب، هو: تنقية الطب النفسي من المفاهيم الغيبية، وتنقية الدين ايضا من مفاهيم يستغلها الدجالون والمشعوذون الذين صاروا الآن يدخلون البيوت عبر القنوات الفضائية ولهم جمهور كبير بينهم من يحمل شهادات جامعية!..لدرجة أن مشاهدا شكا حالة اخيه الذي يعاني من اعراض الفصام (هلوسة سمعية وبصرية)لأحد هؤلاء الملتحين الدجالين فأمره أن يكتب المعوذتين بالزعفران ويضعهما في قدح ماء يسقيه له ثلاث مرات في ثلاثة ايام ،مؤكدا له بأنه "سيشفى ان شاء الله".. وبين صالح ان علاج هذه الحالات لن يكون الا بايداع هذا المصاب بمستشفى خاص بالأمراض العقلية.
وعلل رئيس الجمعية النفسية العراقية الامر:هذا يعني ان هنالك اضطرابات او امراض نفسية واختلالات عقلية لن ينفع معها الدين وهنالك حالات نفسية ينفع معها العلاج الروحي اذا جرى توظيفه ضمن المنظور المعرفي الذي يرى ان تفسير الناس للأحداث وما يحملونه من معتقدات هي التي تؤثر في سلوكهم وانفعالاتهم ، بمعنى ان نظام المعتقدات وطريقة التفكير هي السبب في الاضطراب النفسي وان العلاج يكون بتغيير الافكار غير العقلانية وانماط التفكير غير التكيفية..وهذه فكرة تصلح مشروعا تتبناه الشبكة العربية للعلوم النفسية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram