حسنا فعل الدبلوماسي الاميركي المثير للجدل روبرت فورد، ومعه مسؤول سابق في البنتاغون، بتذكيرنا ان يوم الاحد القادم سيصادف مرور ٢٥ عاما على "التورط" الاميركي في العراق. حين قرر صدام حسين الغاء قواعد اللعبة وتدمير النظام السياسي في المنطقة واحداث شرخ في "منظومة الدفاع العربي" بدخوله الكويت
فورد الذي عمل مرارا في بغداد، يقول ان العراق سيكون موضوعا ساخنا في انتخابات الرئاسة الاميركية ٢٠١٦. ولذلك يعتقد ان من الضروري مراجعة ما حصل طوال ربع قرن من العمل الامريكي مع العراق وفيه
وابرز ملاحظة يسجلها على ربع القرن هذا، انه زخر بالخطط العسكرية، ونقصته الجهود السياسية الكافية. لماذا؟ يقول فورد ان اميركا على طول الخط كانت مستعجلة وليس لديها صبر، كالصبر الذي تحتاجه الحلول السياسية في العراق
ولكن لماذا هي مستعجلة يا سيد فورد، وهل كان استعجالا مدروسا ام ماذا؟ يجيب الرجل بان واشنطن كانت ترى بوضوح عام ٢٠١٠ ان نوري المالكي يمكن ان "يخرب" التسوية السياسية وياخذنا نحو كارثة. لكنها كانت مستعجلة لتتفاوض على الانسحاب، وكانت تخشى ان استبدال المالكي سياخذ وقتا ويؤخر التفاوض، وان يؤثر ذلك على الحملة الانتخابية الثانية لاوباما!
ماذا بعد يا سيد فورد، وكيف ستصلحون "اخطاء الاستعجال"؟ وهل لديكم الوقت الكافي للاهتمام بحل سياسي في العراق، فانتم تراقبون كيف تجمدت الحوارات منذ تحرير تكريت، وتلزمون الصمت؟
فورد يعترف بهذا، لكنه لا يقدم اي مقاربة جديدة، بل يكرر خطاب ٢٠١٣ و٢٠١٤ دون ان يعترف بمتغيرات رهيبة حصلت خلال اخر عشرة شهور. فهو يقوم بتبسيط اسباب توقف الحوار والجمود السياسي بين الشيعة والسنة في العراق. يقول ان العبادي يؤمن بحل شامل، لكن "شيعة متطرفين" داخل التحالف الوطني، يمنعون الحلول. ويضيف ان المالكي "متورط" في هذا
لكن العارفين بالكواليس يدركون ان هذا التحليل اصبح من الماضي. لا المالكي ولا حنان الفتلاوي ولا متشددي "حشد الولاية الثالثة" قادرون كثيرا على وقف الحوار الذي كان يرعاه تيار عمار الحكيم ومقتدى الصدر ومعهما معتدلون بارزون، وبتحفيز من مرجعية النجف. ان السؤال يجب ان يتطور: لماذا توقف الاتجاه المعتدل عن الحوار؟ ماهو تاثير مجريات الحرب على هذا؟ ما هو تاثير نقص الاتصالات مع العرب؟ واساسا الا تلمحون جمودا سياسيا ليس بين العراقيين فقط، بل بين بغداد وواشنطن؟ ففضلا عن ان "عميد الدبلوماسية العراقية" مشغول باشياء غير مفهومة، وان كبار الساسة الاميركان يبدون بعيدين عن ملف العراق، فاننا نخشى ان اوباما وجون كيري تعمدا تكوين انطباع، مفاده ان التفاوض حول العراق وسوريا، سيكون مع ايران؟ واقول "نخشى من هذا الانطباع" لانه بدأ يتكون بالفعل، حتى ان القوى السنية توقفت تقريبا عن مناقشة الحلول والتسويات التي كنا نناقشها حتى الشتاء الماضي، فلا احد عاد يجد الشهية للحديث عن "حرس وطني، لا مركزية، عفو عام...الخ". واخشى ان طرفي التفاوض السني والشيعي المؤمنين بضرورة الحل السياسي، ينتظران اليوم بعجز، ما سيجري التفاهم عليه بين واشنطن وطهران. وفي هذه الحالة فان ما تبقى من نفوذ المالكي، ليس مسؤولا عن الجمود السياسي، بل انشغالات اوباما واولوياته ومقارباته
اخيرا فان فورد ينصح اوباما بان يكون "صارما" مع العراقيين، اي ان تكون المساعدات العسكرية مشروطة بتحقيق تقدم سياسي؟ وهذه "الصرامة" ستجعل العبادي والحكيم "يشعران بالقلق" خشية ان تزعل واشنطن وتسحب كل الدعم وتغادر. ولكن الحكيم والعبادي وعشرات الساسة حتى في طهران، يتساءلون: هل تستطيع اميركا حقا، التخلي كليا عن العراق، وتركه لمواجهة تركية ايرانية تشترك فيها داعش، وهي مواجهة قد تنفلت وتتحرك نحو شمال الخليج بين البصرة والبحرين مرورا بالكويت وشرق السعودية، ومصالح القوى الكبرى العالقة هناك؟
ان اسئلة الدبلوماسية الاميركية في العراق، تحتاج الى اعادة صياغة مرات عديدة، تعويضا عن خيبات ٢٥ عاما من "التورط" في بلاد النهرين.
اميركا والمالكي وايران
[post-views]
نشر في: 27 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
هذه امريكا يااستاذ سرمد وليس هناك تورطا حسب مايصرح به هذا الر جل بل هناك شرق اوسط جديد وتفكيك معاهدة سايكس بيكوا واعادة تركيبها من جديد بما يضمن لامريكا حصة الاسد نحن سائرون في طريق اللاعودة والله اعلم سنكون من حصة الدولة الفارسية او من حصة الدولة العث