أثار قرار اتحاد كرة القدم بخصوص نظام الدوري المعتمد للموسم القادم الكثير من ردود الافعال المتباينة وصلت الى حدود التهديد من قبل بعض الاندية الكبيرة كالزوراء والقوة الجوية والشرطة وغيرها بالانسحاب منه والمطالبة بجعله دوريا عاما من مرحلتين بدلاً من نظام المجموعتين.
الحقيقية ان الاتحاد ربما اصاب في اللجوء الى نظام المجموعتين عطفاً على ظروف قاهرة تتمثل في ارتفاع عدد الاندية المشاركة وصعوبة اجراء دوري عام بمرحلتين تستوجب وجود بُنية تحتية مناسبة من ملاعب صالحة وقدرة مالية كبيرة تضمن ديمومة المشاركة والتنقل مع خوض 38 مباراة لكل نادٍ وهذا أمر ربما يشكل عبئاً لا تقوى اغلب الاندية على ضمان الاستمرار بهذا الماراثون الكروي الطويل.
أما مَن اعترض على تلك الآلية فإنه انطلق من تقدير قدرته المالية والادارية مع تجنب الوقوع في مطب الخروج من المنافسة في حالة التعثر في بعض المباريات الحاسمة حتى وان كان أداؤه العام وحصاده للنقاط اكثر مما حصلت عليه الاندية التي ستتأهل الى النهائي وهو الأمر الذي حصل في الموسم الماضي.
هناك حسابات أخرى تنظر اليها الاندية المعترضة تتمثل بالاموال التي تم صرفها على عقود اللاعبين على اساس الاستفادة من خدماتهم لموسم كامل وليس بخوضه عدد محدد من المباريات التي ربما لا تزيد على 18 مباراة وبالتالي فإن العقود ستشكل خسارة مالية بعد ان ترتفع بدل المشاركة لأي لاعب في المباراة لتصل بالملايين وهو أمر سيضر من دون شك بخزينة تلك الاندية.
وفي ظل الجدل الدائر ، فإن الحكمة تتطلب ان يركن الجميع نحو هدف رئيس واضح لا لبس فيه وهو اجراء موازنة بين مصالح الاندية والمصلحة العامة ومراعاة الظروف التي يمر بها البلد امنياً واقتصادياً. وهنا فان الاتحاد بهذه الخطوة ربما كان اقرب الى ترجيح كفة المصلحة العامة وان كان هناك ضرر سيصيب البعض إلا انه بالمحصلة سيحمي كيان اللعبة من دون ان يرهقها برحلة شاقة لا مبرر لها وسط اجواء غير مناسبة لا تتوفر بها شروط نجاح أي دوري يراد منه ان يكون مثالياً.
وعلى ذلك فإن الاندية المعترضة لابد لها من مراجعة موقفها والركون نحو حكمة التصرف بالارتقاء في نظرتها العامة ودراسة كل الظروف التي تواجه اقامة دوري عام وتحسس موقف الاندية غير القادرة على الايفاء بمتطلبات نجاح مشاركتها الطويلة اضافة الى ما يمثله الجانب الأمني من معضلة اخرى لا يمكن التنبؤ بها او الإقرار على انها سوف لا تشكل عائقاً في المستقبل.
ان كان الاتحاد قد وضع تبريرات منطقية لصورة الدوري المقبل إلا انه وقع في اشكال غير مبرر عندما أقـرّ بطولة الكأس بصيغتها المعلنة ليعود بنا الى مسألة تزاحم المباريات للاندية نفسها وإفراغ قيمة وأهمية بطولات الكأس التي تستهدف ضمان أكبر مشاركة لجميع الاندية بمختلف مستوياتها ومحطة لاكتشاف وجوه جديدة لا يتاح لها الظهور ضمن دوري الكبار وهو ما يتطلب مراجعة متأنية ودراسة مستفيضة تخرج بنتيجة إما بالغائها او تغيير آلياتها بما يضمن الموازنة بين منح الفرصة لأندية مغمورة في المنافسة والمشاركة وبين تقليل العبء عن الفرق المشاركة في الدوري الممتاز.
باختصار: الحوار بين الاندية المعترضة واتحاد الكرة بمشاركة بعض المتخصصين من ذوي الخبرة والدراية مسألة في غاية الأهمية للوصول الى تفاهمات ورؤية مشتركة وفق صيغة المفاضلة بين السُبل المتاحة ضمن إجراء يهدف الى خدمة الكرة العراقية أولاً ومراعاة الظروف العامة للبلد بعيداً عن إثارة الخلافات والنيات المبيتة أو جعل المواقف ضمن خانة الثأر وفرصة إسقاط المنافسين بالضربة القاضية.
دوري قيـد الاعتراض!
[post-views]
نشر في: 28 يوليو, 2015: 09:01 م