كان فيصل الاول يحلم بتقليد أبراهام لنكولن، الرجل الذي خاض حربا من أجل تحرير أميركا من وحشيتها، وقال ذات يوم لتشرشل: " العراق ليس موقعا جغرافيا يخترقه نهران، بل هي كنز تاريخي"، كان العراقيون قد خرجوا من ظلمات الحكم العثماني ، وكان فيصل يسعى لتأسيس دولة حديثة، أحد أهم أركانها رجال للفكر المستنير، فلولا الجهود العظيمة لمحمد رضا الشبيبي والرصافي والزهاوي وساسون حسقيل والكرملي وتلامذتهم، لما كان العراق الحديث المتنور، الذي عرفناه حتى بداية السبعينيات من القرن الماضي، قبل أن تهجم عليه فلول قائد "الحملة الإيمانية".
العراق الذي حلم فيصل الاول ان يكون لؤلؤة االشرق الاوسط ، نراه اليوم غارقاً في البؤس، بغداد تعاني والموصل تتفحم والدولة المدنية ، اصبحت صرحا من خيال هوى مع الاعتذار لكوكب الشرق.
نتذكر فيصل الاول، ونراه في العام 1931 يصر على دخول العراق عصبة الامم المتحدة، وحين يستمع نوري السعيد الى مندوبي الدول الكبرى وهم يتحدثون عن مشكلة الاقليات في العراق، يلقي كلمته الشهيرة التي يقول فيها العراق بلد لكل العراقيين بجميع طوائفهم وأعراقهم ومذاهبهم، ويرفض طلبا تقدمت بها امريكا بتحديد اماكن للاقليات الدينية، ويفاجئ مندوبي عصبة الامم المتحدة بوفد عراقي ضم بين أعضائه المسلم والمسيحي واليهودي والعربي والكردي والايزيدي والصابئي ، ليعلن في الثالث من تشرين الاول عام 1932 قبول العراق عضوا في عصبة الامم المتحدة ، في ذلك الزمان خاض العراقيون جميعا حروبهم من اجل البناء والرفاهية والإعمار والتعليم.
تحتفظ ذاكرتنا بأسماء ذوي الأعمال المجيدة. نتذكر ساسون حسقيل لانه حارب الفساد، ونتذكر توفيق السويدي لانه رفض ان يستغل القضاء لصالحه، ونتذكر حسين جميل لأنه حوّل مجلس النواب الى ساحة للدفاع عن الحريات، نتذكرهم ونرثي لحال البلاد التي لا تعرف لها يوما وطنيا، ففي تحقيق مثير للاسى يكتب الصحفي عبد الجبار العتابي انه سأل 400 مواطن عراقي عن يوم 3 تشرين الاول عام 1931 ، فلم يكن من بينهم احد يعرف ان في هذا اليوم دخل العراق عصبة الامم المتحدة.
في كل دول العالم هناك في الدساتير، يوم وطني يمثل الحدث الأبرز فى تاريخ هذه الدولة، الا في هذه البلاد التي تمتد بجذورها آلاف السنين، وفيها تأسست اقدم الدول ، وعلى ارضها كتبت اولى الشرائع، لكن البعض يستكثر عليها أن يكون لها يوم وطني.
هذا حديث ربما لايعجب البعض ، ممن يؤمنون بأن العراق يجب ان يكون له اكثر من عيد وطني، تتوزع ايامه بين المالكي والنجيفي.
يوم وطني للعراق
[post-views]
نشر في: 28 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
محمدسعيد العضب
قد اتفق معك اخي الكاتب في اهميه الشخصيات والاسماء التي وردت في مقالكم المحكم ودورها في تاسيس وتعضيد الدوله العراقيه, لكن قد تنتاب الفرد الحيره والتساؤل .. الم تمثل كافه هذه الاسماء وغيرها سمات فرديه وتميزت بحب الذات الانا ايضا وهو مرض عضال متأ
د عادل على
الدنب ليس دنب العراق------وارضه مهد الحضارات وملوك قدمو للبشريه هديه الحضارة العراقيه مثل جمورابى وسرجون واشور بانيبال وشعراء مثل الجواهرى والرصافى والزهاوى وارض العراق قدست بدماء مولى المتقين والشهيد الأعظم أبا عبدالله الحسين-----ولم نكن نخجل ادا قلنا