1
لم تكن هوليوود دائما وفية مع الكتب – معرِّضة نفسها لحنق المؤلف بتغييرها للحبكة والشخصيات على نطاق واسع. جو دانثون، مدير مهرجان" من الصفحة الى الشاشة " ومؤلف رواية " تحت سطح البحر " يعود الى الماضي بالحديث عن بعض الاحتيالات التي لا تُنس
1
لم تكن هوليوود دائما وفية مع الكتب – معرِّضة نفسها لحنق المؤلف بتغييرها للحبكة والشخصيات على نطاق واسع. جو دانثون، مدير مهرجان" من الصفحة الى الشاشة " ومؤلف رواية " تحت سطح البحر " يعود الى الماضي بالحديث عن بعض الاحتيالات التي لا تُنسى للسينما.
في أحاديثه عن كتبه مع القرّاء، يروي ستيفن كنغ أحيانا قصة عن ’’ مناقشة ماقبل الانتاج ‘‘ للفيلم المقتبس عام 1980 عن روايته " ذي شايننغ ". في السابعة صباحا، كان كنغ يحلق ذقنه في الحمام حين ركضت زوجته نحوه قائلة له أن هناك مكالمة هاتفية له من لندن، والمتصل هو ستانلي كوبريك. مجرد ذكر اسم المخرج كان صدمة كافية بحيث أن كنغ عندما ذهب الى الهاتف، كان خيط من الدم يسيل على خده والخد الآخر لم يزل مغطى بالصابون. أول شيء قاله كوبريك – وهو غير ذي قيمة بحيث أن همهمة كنغ بدت لشخص غريق – كان: (( أعتقد أن قصص ما وراء الطبيعة هي في الأساس تفاؤلية، الا توافقني الرأي؟ لو كان للأشباح وجود فهذا يعني أننا ننجو من الموت. )) سأله كنغ عن الجحيم، كيف سيتفق مع ذلك؟ فكانت وقفة طويلة من الصمت، ثم: (( أنا لا أؤمن بالجحيم. ))
يروي كنغ هذه الحكاية مثل قصة رعب، وهذا ماخمنته، بما أن من المعروف أنه يكره اقتباس كوبريك لكتابه. نحن نتخيل كوبريك وحشا، بكوكبة من شعر جامح يكسو وجهه الشاحب، ضاحكا إذ هو يجرّ الرواية الى الأعماق اللاإنسانية لفن السينما. تحوّلَ المخرج في هذه القصة الى شخصية من رواية لستيفن كنغ انتقاما على تحويل "ذي شايننغ" الى فيلم لستانلي كوبريك.
قبل ستة اشهر دُعِيت الى إدارة مهرجان "من الصفحة الى الشاشة" في برايدبورت، دوسيت، المكرّس للأفلام المقتبسة عن كتب. كنت مثارا بأن اكون جزءاً منه وفوجئت، عندما بدأت النظر، من كيف تبدأ الكثير من الأفلام في شكل طباعي – ستة من تسعة أفلام مرشحة لجائزة أوسكار أفضل فيلم لهذا العام – والعديد من الأفلام التي إخترناها تحتال على الكتب التي ألهمتها. في "كلولس"، على سبيل المثال، إيما جين اوستن تصبح شير هورويتز، منطقة جورجيان هايبوري تصبح بيفرلي هيلز المعاصرة، العربة التي تجرها خيول تصبح سيارة مكشوفة، في حين تبقى كل الشخصيات والرومانس تقريبا نفسها، فقط مع عاميّة مختلفة. لكنغ نظرية دقيقة حول كيف يمكن لصوت مقتبس ان يفرض نفسه على قصة. نسخته من " ذي شايننغ " (( تنتهي مع الفندق المحترق، ونسخة كوبريك مع فندق مجمّد )) لأنه شخص (( حامي وعاطفب متهافت ))، بينما كوبريك كان (( الشخص الأكثر برودا في الكون )).
واحد من الأفلام التي سنعرضها مبني على رواية باري غيفورد "وايلد آت هارت"، عن زوجين ذوي جاذبية جنسية، منتشيين بالحب، سايلور ولولا. في نهاية الكتاب حالما يتم سايلور مدة طويلة أخرى في السجن، تكون لولا بانتظاره مع إبنهما، الذي لم ير والده أبدا. بعد أن يسدي لابنه بضع نصائح عن الحياة، يترك سايلور أسرته الجديدة، شاعرا بانه سوف لا يجلب لهما سوى المتاعب. تدعه لولا يذهب.
في كتاب كريس رودلي، المقابلة الطويلة مع ديفيد لينش، الذي اقتبس " وايلد آت هارت " للسينما، يقول المخرج، ان هذه النهاية (( بصراحة لا تبدو واقعية، بالنظر للمشاعر التي كانت تربط بينهما. عندما رأى سام غولدواين [ الابن ] المسوّدة الأولى من السيناريو قال، ’ انا أكره هذه النهاية،‘ فقلت – وخطر لي ذلك فجأة – ’ أنا أكره تلك النهاية، أيضا! ‘ عندئذ قال هو، ’ لماذا لا تغيرها؟ ‘ فقلت، ’ سأغيرها، اللعنة عليها! ‘ )) ما أن بدأ، حتى غيّر الكثير. لوى العنف المسرف، اضاف جديلة من الفكاهة السخيفة، والأهم، أسدل قصة "ويزارد أوف أوز" على القمة. هذا هو ما تدخل به الى عالم لينش. عند نهاية الفيلم، بينما سايلور يكون ممددا في منتصف الطريق، صريعا، وانفه محطم، تزوره الساحرة الطيبة بعباءة بلون وردي فاتح لتقول له أن يعود الى أسرته. الساحرة مع عصاها السحرية يمكن ان تكون أيضا ديفيد لينش، المقتبِس، هابطا من السماء ليمنح القصة نهاية سعيدة.تغيير نقاط الحبكة الرئيسية في كتاب محبوب يمكن أن يكون محفوفا بالمخاطر. ليس ثمة حنق مثل ازدراء معجب متشدد. غالبا، من أكثر المعجبين تشددا هم المؤلفون. انتوني بيرغس تبرّأ من الفيلم والرواية معا، " البرتقالة الميكانيكية "، بعد أن منعت نسخة كوبريك من الرواية البطل آليكس من الخلاص من غريزته للعنف. في 1995، بعد سنة من نقل روايته " فوريست غامب " الى الشاشة، نشر وينستون غروم "غامب وشركاه"، رواية تتمة، تبدأ مع: ((دعني أقول هذا: الجميع يخطئ... لكن خذها كلمة مني – لا تدع أبدا أحدا يصنع فيلما عن قصة حياتك. )) رواية ريتشارد ماثيسون " أنا اسطورة " تمت أفلمتها أربع مرات، ولم تكن أبدا على الوجه الذي يرضيه. بعد الاقتباس الأحدث لها، يُنقل عنه أنه قال: (( لا أعرف لماذا هوليوود مفتونة بكتابي في حين هم لا يهتمون أبدا بنقله الى السينما كما كتبته أنا. )) يمكنني أن أفهم لماذا يكون المؤلفون شديدي الحساسية حول قداسة اعمالهم، لكنهم، في معظم الحالات، يستحقون التجاهل. أغلب الاقتباسات العظيمة بنت نجاحها على تجاهل، أو على الأقل تحويل، العوامل الرئيسية للنص المصدر. الى حد ما، فيلم مايك نيكولز عن رواية "الخرّيج" هو اقتباس أمين. اُخِذَ السيناريو بالكامل من الرواية الممتازة لتشارلز وَب، التي هي نفسها مكتوبة على نحو مقتصد ويسيطر عليها الحوار. طبقا للسيناريو والكتاب معا، بنجامين برادوك، البطل، هو في العشرين من العمر (( بارع جدا )) و(( فتى من النوع الذي يجد عناء في الابتعاد عن السيدات. )) على هذا الأساس، أمر منطقي أن نيكولز رغِبَ أن يكون الدور الرئيسي لروبرت ردفورد.
لكن الدور ايضا يستدعي من برادوك أن يكافح للاتصال مع الناس، ويجد العلاقات صعبة ويرى حياة والديه المترفة في لوس انجلس بشعة. حين تم اختيار ردفورد، الطويل القامة الأنيق، للدور لم يكن نيكولز مقتنعا. بدلا من ذلك، دعا المخرج ممثلا مسرحيا شابا، كان رآه يؤدي دور رجل بملابس نساء في مسرح خارج بودواي. لم ير الكثير من الناس أن دستن هوفمان سيكون ملائما للدور، وأكثرهم هوفمان نفسه. (( شعرت دائما أنني كنت غير ملائم للدور. )) قال. (( توقعت أن يصرفوني، لذلك كان القلق الذي إنتابني ليس فقط من كوني جديد على السينما، بل أيضا من الشعور بأنهم ارتكبوا خطأً باختاري للدور. ))"الخريج"، باستخدامه بوجه خاص الموسيقى وأداء دستن هوفمان، ألهم ريتشارد آيود باقتباس روايتي "تحت سطح البحر". يؤدي هوفمان دور برادوك بألم سايكولوجي، مبتلعا كلمات نصه، مستخدما (( في أحوال كثيرة أداء ملتويا، )) كما يعبّر عن ذلك آيود. (( عندما تقرأ الكتاب، يبدو أكثر تهكما ونقدا لاذعا، أقرب الى هولدن كولفيلد، )) يقول المخرج، (( لكن مع دستن هوفمان فهو يبدو على نحو أصيل مروِّعا. ))
بالنسبة لي، نسخة بنجامين في الكتاب هي شخص مضطرب اجتماعيا وسيم المظهر، تقريبا على نمط باتريك بيتمان، مقارنة باللابطل القلق في نسخة الفيلم. كوميديات عن خرافة السلوك – من "روشمور" الى "ذي أوفيس" الى "إكبح حماسك" – لما كانت وجِدت لولا اداء هوفمان. إنه أتاح لنا التعاطف مع برادوك، برغم إسلوب حياته الأناني الموسّر.
عن: الغارديان