دفعتني اقامة مهرجان "مسرح ضد الارهاب" الذي تعهدته دائرة السينما والمسرح واحسنت صنعاً ومساهمة في دعم قواتنا المسلحة في محاربتها للدواعش الدخلاء ان اكتب هذه السطور عن مسرحية اميركية بعنوان (فيت روك) ويجمع عنوانها بين مختصر فيتنام ورقصة الروك اند رول الاميركية. كتبت المسرحية كاتبة اميركية معروفة في مواقفها ضد الحروب ومآسيها وهي (ميغان تيري)، وفي بلدنا قام الراحل (جعفر علي) بترجمة المسرحية عن الانكليزية واخرجها لطلبة كلية الفنون الجميلة ببغداد وعرضت في مسرح الكلية وفي قصر الاخيضر قرب كربلاء المقدسة.
وتنتمي المسرحية الى ما يسمى بـ (مسرح الشارع) حيث يمكن عرضها في مكان عام كالشوارع والساحات العامة وملاعب الكرة وغيرها . تتعرض المسرحية والتي كتبت عام 1966 الى التجربة التي مرت بها مجموعة من الجنود الاميركان ايام الاحتلال الاميركي لفيتنام كاطار للعمل المسرحي الاحتجاجي وما تعرضت له تلك المجموعة من الجنود لسلسلة من التحولات بصياغة دراماتيكية لما تجره الحرب من هلع وفزع . وفي مجرى احداث المسرحية تتعرض تلك المجموعة من الجنود الى انفجار عبوة ناسفة ويموتون جميعاً ثم يعودون الحياة بعد حين لينزلوا من خشبة المسرح ويتوغلوا بين المتفرجين يسألونهم عن موقفهم من مشاركة اميركا في الحرب ضد الفيتناميين وماجرّته عليهم من نكبات ومصائب وهزائم بفعل اصرار الشعب الفيتنامي على الصمود والعزيمة الصادقة على طرد المحتلين الاجانب وبذلك سحبوا الجمهور الى المشاركة في الحدث الدرامي وحرضوهم على الوقوف ضد تلك الحرب الطاحنة والعمل على ايقافها.
اذكر ان اعمالاً مسرحية اخرى كتبت واخرجت حول الحرب الفيتنامية ومنها المسرحية المشهورة التي كتبها (بيتر فايس) بعنوان (خطاب فيتنام) وهي بجزءين: الاول يستعرض فيه الكاتب تاريخ فيتنام، والجزء الثاني يتعامل مع التطورات التي حصلت منذ انسحاب الفرنسيين من تلك البلاد وحتى دخول الاميركان الذين ارادوا ايقاف هيمنة الشيوعيين على فيتنام فاشعلوا حرباً ضروسا وواجهوا مقاومة شرسة من الشعب الفيتنامي الذي اراد ان يدافع عن حريته واستقلاله الى ان تمكنوا من دحر الغزاة. وفي ذلك الزمن وقفت شعوب العالم كلها ضد التدخل الاجنبي في بلاد يريد شعبها ان ينعم بالاستقلال والحرية والتقدم، وكما اسلفت كان للمسرحيين في العالم دورهم في الاصطفاف مع الشعوب التواقة الى الحرية والسلم وفي محاربة الاحتلال والقهر والظلم والارهاب، فذاك المخرج المسرحي الانكليزي الكبير (بيتر بروك) يدعو اعضاء فرقة شكسبير الملكية الى ان يشاركوا في الحملة العالمية ضد الحرب في فيتنام والويلات التي يمر بها الشعب الفيتنامي جراء بطش الجيش الاميركي والويلات التي تصيب الاميركان انفسهم في حرب خاسرة ضد شعب يرفض الاحتلال والقهر والاستبداد والارهاب، فقد طلب (بروك) من الممثلين ان يسارعوا في مشاركته بتأليف مسرحية احتجاجية تحريضية ضد تلك الحرب الطاحنة وبالفعل فقد تم له ذلك وكتبت مسرحية وعرضت على الجمهور وكانت تحت عنوان (US).
لو عدنا الى مسرحنا العراقي لنكشف مساهمته في الاحتجاج ضد قهر الانسان والظلم الذي تعرض له عبر التاريخ لوجدنا الكثير من النماذج بهذا الخصوص فمسرحية مثل (الخرابة) ليوسف العاني التي قدمتها فرقة المسرح الفني الحديث عام 1970 ومسرحية (غيفارا عاد افتحوا الابواب) لجليل القيسي والتي قدمتها الفرقة نفسها بعد الخرابة، و(الغزاة) لعلي الشوك التي قدمتها الفرقة القومية و(الحصار) لعادل كاظم التي قدمتها الفرقة نفسها وامثلة كثيرة قديمة . و(حروب) لابراهيم حنون و(نون) لكاظم النصار و(الاسكافي) لعقيل مهدي وامثلة جديدة اخرى تثبت ان المسرحيين العراقيين كانوا ومازالوا يتصدون للمحتلين والغاصبين والارهابيين لانهم دعاة حرية ومطالبو سلام ومتشوقو ازدهار تقدم لشعبهم وللشعوب الاخرى.
(فيت روك) نموذج من المسرح التحريضي
[post-views]
نشر في: 3 أغسطس, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...