اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الامتحان الأخير للإسلام السياسي

الامتحان الأخير للإسلام السياسي

نشر في: 4 أغسطس, 2015: 09:01 م

بخلاف ما جرى مع مظاهرات 2011، حظيت مظاهرات الأيام الفائتة بتأييد قوي، واضح وصريح، من رئيس الحكومة حيدر العبادي، وهذا تطوّر مهم للغاية في موقف الطبقة السياسية الحاكمة، أو جزء منها، من مطالب الشعب التي لم تتغيّر منذ ذلك الوقت، لأن الحال لم يتغير، بل ساء على نحو لم يسبق له نظير.
وتطوّرٌ مهم أيضاً أن تتسابق هذه المرة القوى السياسية المتنفذة في السلطة، وهي إسلامية في الغالب، شيعية كانت أم سنية، إلى العزف على وتر المظاهرات وإعلان التأييد لها، بل إن البعض منها يدعو الآن إلى مواصلتها وتوسيع نطاقها، وهذا موقف مناقض لموقفها السابق، فالقوى الإسلامية جميعاً تقريباً تبنّت موقف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي اتّهم متظاهري 2011 حتى قبل أن ينطلقوا بمظاهراتهم بأنهم بعثيون وقاعديون، ففرض حظراً للتجوال في بغداد جمعتين متتاليتين وأمر قواته بالإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين، وهو ما حصل بالفعل ولزمت القوى المتنفذة الصمت حياله، فلم تُدن أو تشجب أو تستنكر، بل ان القوى الإسلامية المنضوية في إطار دولة القانون قدّمت الدعم الصريح لسياسة المالكي، ونزل عناصرها إلى الميدان لتخريب المظاهرات من داخلها.
مع تاريخ كهذا، ومع عدم ظهور أية علامة أثناء الدعوة للمظاهرات الأخيرة على أن القوى الإسلامية المتنفذة تؤيد المظاهرات، فإن المرء لا يشعر بالاطمئنان حيال موقفها المؤيد الذي ظهر بعد انطلاق المظاهرات الأخيرة وتضامن رئيس الوزراء معها.
من الواضح الآن أن القوى الإسلامية المتنفّذة التي ناهضت مظاهرات 2011 ولم تؤيد مظاهرات 2015 إلا بعد حدوثها وتبني رئيس الحكومة لها، تريد ركوب الموجة وتجيير المظاهرات لصالحها وتوجيهها بما يروّج لشعاراتها ويخدم أهدافها، وهي شعارات وأهداف لا علاقة لها بجوهر ما خرج المتظاهرون للمطالبة به والذي يتجاوز أزمة الكهرباء وعموم الخدمات العامة وقضية الفساد الإداري والمالي، إلى إعادة هيكلة العملية السياسية وإلغاء نظام المحاصصة والعمل على بناء الدولة الديمقراطية المدنية.
قوى الإسلام السياسي التي تريد الآن النزول إلى الشارع لقيادة المظاهرات، تسعى إلى الالتفاف على حقيقة أنها المسؤول الأكبر عمّا يجري في البلاد من خراب، بوصفها القوى المتنفذة في السلطة على مدى الاثنتي عشرة سنة الماضية.
أفضل ما يمكن أن تفعله قوى الإسلام السياسي الآن، كفّارةً عن أخطائها وخطاياها، ليس النزول الى الشارع والتشويش على شعارات المظاهرات وأهدافها، وإنما الضغط على قياداتها لإزاحة ممثليها الفاسدين في الدولة، وزراءً ووكلاء وزارات ورؤساء هيئات "مستقلة" ومؤسسات ومدراء دوائر، واستبدالهم بعناصر نزيهة وكفوءة وذات خبرة من عناصر هذه القوى ومن خارجها.
وأفضل ما يمكن أن تقوم به قوى الإسلام السياسي المتنفذة – إذا كانت فعلاً تؤيد المظاهرات الأخيرة ومطالبها – هو الضغط على قياداتها أيضاً للعمل على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة لاستبدال ممثلي هذه القوى في البرلمان، وهم يشكلون الأغلبية، وأغلبية هؤلاء فاسدون هم كذلك، أو في الأقل عديمو الكفاءة والخبرة.
نعم هذا هو ما يتعيّن أن تقوم به قوى الإسلام السياسي، الشيعية والسنية، إن كانت تريد حقاً الوقوف إلى جانب المتظاهرين وتحقيق مطالبهم، أما نزول عناصرها إلى الشوارع والساحات فلن يمثل إضافة نوعية، فقد أوصل المتظاهرون رسالتهم، وهم ينتظرون الآن الأفعال التي هي في متناول الأغلبية في الحكومة والبرلمان، وهذه الأغلبية هي لهذه القوى الإسلامية.
إنه الامتحان الأخير لقوى الإسلام السياسي... وفي الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. رمزي الحيدر

    لا تخدع الناس و لا تخدع نفسك، و لا تنتظر خيراً من هذه ( الشلة )،جاءوا لهدم العراق .

  2. وداد صالح

    مقال هو عين الصواب.نتمنى اللاسلام السيياسي ان يتنحى و يتخلى عن حبه للسطة, و يكتغي بالملايين اللتي حصل عليها. و ليفسحوا المجال لذو الخبرات و الكفاءات المهنية الإدارية و الفيادية لان يتولوا بناء مستقبل انساني و حضاري يستحقه الشعب العراقي الكادح.

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram