أتعرفون اول بلد عربي حكمته الأحزاب الإسلاموية في العصر الحديث؟ لمن لا يعرف انه العراق. حكمته لأكثر من 12 عاما. ما هي النتيجة؟ هل غير الفساد والخراب وارجاعه للعصور الحجرية ومن ثم تسليم ثلث أرضه للدواعش؟ أي بلد، في زمننا هذا، غير العراق سبيت نساؤه وتشرد اطفاله وسرقت ملياراته على مدار الثواني؟
اليوم تريد هذه الأحزاب أسلمة التظاهرات العراقية كما قامت سابقا بأسلمة الدولة. ويحكم الا تتعظون؟
امامكم مصر. إخوان مصر مثل "إخواننا" بالضبط. عندما فكروا بسرقة التظاهرات وتجهيلها اقسموا بانهم لن يرفعوا شعارا اسلامويا. ممثلون بارعون. احد قادتهم انزل بيده شعار احدهم عندما كتب "الإسلام هو الحل". تقية سياسية محترفة. والنهاية؟ احتاج الشعب المصري الى ثلاثين مليون متظاهر وجيش بأكمله ليعيد عجلة بلده الى سكة الأمان.
ثم لا تنسوا تونس التي كانت شمعة للمدنية في المغرب العربي. أبو عزيزي لم يكن اسلامويا. هو من اشعل الثورة بدمه ليأتي الغنوشي ليصير مرشدا وازواج بناته وزراء. زرت تونس ضمن وفد عربي ثقافي وبوجه الغنوشي قلت له: انكم الاسلامويون تتمسكنون حتى تتمكنون. وكل من يثق بوعودكم مريض اما عقليا او نفسيا. وهذه سوريا. بدأت تظاهرات شعبها بالأغاني. تسلل لها الإسلاميون، فتحولت الى سيوف تجزّ الرؤوس وتقطع الرقاب. كل من لا يتعظ من التجارب ناقص عقل. وكل من يخدع الناس ليجربوا المجرَّب أما مريض او طائفي وان لم يعترف.
التظاهرات يا حضرات صارت قيمة جديدة بعد موجة ما سمي بـ "الربيع العربي". والقيمة، كما مركة القيمة الضبط، ممكن ان تكون لذيذة او سيئة، مالحة او ماسخة. انها ليست هدفا وليست مقدسة أيضا. انما هي وسيلة كما السلاح. من لا يجيد استعماله قد يقتل به نفسه ومن حوله.
للراحل الكبير أحمد المهنا قول، او سموه رأيا، في الادباء والفنانين. قال انهم لا يصلحون للعمل الصحفي. لأحمد تجارب عميقة تخوله نطق هذا الحكم. قد ينجح الاديب بان يكون كاتب مقال او عمود. اما كصحفي محترف فلا يمكن ان ينجح. رأيه ان العمل في الصحافة اقرب للورشة منه الى أي نوع آخر من العمل، لذا يحتاج الى عاملين لا لمنظرين. كل مظاهرة، بالنتيجة، هي ورشة جماهيرية بامتياز. لذا ارى الادباء والفنانين، وفي ضوء ما نقرأه لهم، لا يصلحون للعمل "التظاهراتي". من حق الأديب او الفنان أن يكتب حول التظاهرات. وموقف رائع منه كمواطن ان يشترك فيها مباشرة. لكن ان يصير لها قائدا فلا يصلح.
أي تبرير أو دفاع عن تسلل الأحزاب الإسلامية في تظاهرات شعبية، يا أصحاب، ما هو الا دعوة لشرب السم للتجربة: حماقة.
إذا دخلوا "تظاهرة" !!
[post-views]
نشر في: 5 أغسطس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
امير حسين عبد
العراق بلد ديمقراطي تعددي برلماني وليس بلد عربي لاننا اذا اعطينا العراق الهوية القومية العربية فبهذا نكون قد اقصينا الهويات الاخرى
ستار مجبل
يغدو الفكر والادب هذيان ان لم يمس الواقع ويتفاعل معه ويصبح التنظير وعظ منابر يطلب السلامة من كل كلمة بحجة التقية , فلا بد للقلم من ان يتحول الى قبس يهدي الناس الى الطريق بل يتقدمهم في المسير حتى لو كان الثمن غاليا رغم رخص كل الاثمان التي ممكن ان يدفع