TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > قحطان الأمين ...ما تبّقى... من ذاكرة ذلك الحنين !!

قحطان الأمين ...ما تبّقى... من ذاكرة ذلك الحنين !!

نشر في: 8 أغسطس, 2015: 12:01 ص

هاجس تطويع ملكات ومحتويات الذاكرة، باتجاه تعبيد خطوات ذخائرها عبر مُختارات حيّة، مُستلة من متحف ذلك الحنين المُرهف، والمرفق بثوابت وعي خاص، مرهون بثقة موهبة، حَفل يلوذ بتطلعات ورؤى ما تسعى إليه خواص تجربة الفنان التشكيلي(قحطان الأمين- تولد بغداد1968/

هاجس تطويع ملكات ومحتويات الذاكرة، باتجاه تعبيد خطوات ذخائرها عبر مُختارات حيّة، مُستلة من متحف ذلك الحنين المُرهف، والمرفق بثوابت وعي خاص، مرهون بثقة موهبة، حَفل يلوذ بتطلعات ورؤى ما تسعى إليه خواص تجربة الفنان التشكيلي(قحطان الأمين- تولد بغداد1968/بكالوريوس كلية الفنون الجميلة 1991/دبلوم عالي في الفن والتصميم الكرافيكي/compu University كندا/2006 حيث يقيم هناك منذ العام/2002،كما درس فيها-أيضا- فن التصميم وفن التصوير الفوتوغرافي/2005)،حيث تتماثل وتتحّد تلك التجربة - بجدية قصد وجدارة مسعى - مع تمهيد محاولات اقتناص لحظات أومشاهد يومية، يُباغتها (قحطان) موثقاً اياها من خلال عدسات كاميراته الحديثة وذات الجودة العالية التي تتيح له أرشفة ما يريد ويختار ،آخذا بها الى حيث تنويعات إجراءاته وانتباهات إضافاته وجديّة مقاصده التوليفية من خلال الجَمع والتعشيق المدهش مابين مواضٍ قريبة من هوامش ما يَلوحُ في ذواكرنا -اليوم- من ملامح وبقايا-وجوه/شخصيات/ وشواخص أمكنة- ما تركهُ ذلك الماضي القريب،وما بين تناوبات أزمنة وتلاقيات أخرى بوجوه ومسميات-وربما أطلال-،دَرجت تتبارى وفق مُقومات جهد عال الحساسية،وفكر يعي- بجسارة وإقدام- ما تتطلبه هذه الاستمالات الحسيّة والنفسيّة من مكامن بذل وسخاء روحيّ يفيض بكل هذه المناورات والتحريضات التشكيليّة المتفّردة بكياناتها وتوريداتها البصريّة وصولا الى مناخات وفضاءات طيّعة ومفتوحة لاستقبال كل ما يُمّكن هذا الفنان من ترتيب و تأثيث ذاكرته المُتخمة بعدة هواجس،تكاد أن تحاذي طبيعة المخاوف الناتجة جراء التغيّرات الفائقة السرعة الحاصلة في عموم حيثيات ومفاصل حياتنا الراهنة،جراء ما يشهده العالم من تطّور مذهل ومخيف،في كل يوم،بل،ربما في كل لحظة.

المستقبل...ظل الماضي
يتخذ العمل الفني في مجريات فهم وتطلعات رؤى(قحطان الأمين)مسارات تقويميّة تستند بجهدها ونتائجها على تهيئة فضاءات ومديات مفتوحة،تتيح له متعة الاشتغال بالطريقة والكيفية التي توّفر مجالاً حراً ورحباً في مهام إعادة تشكيل وتركيب عوالمه،بأنساق الاعتماد والإعلان على ما توفرّه الوسائل الحديثة للإعلام(Media)من تكافل سرعة مع لوامح دقة بعموم مبذولاتها التراكميّة في مجال سعة قدراتها التقنيّة في مسك وضبط عناصر،ما يحاول الفنان تطويعه لصالح ذلك الفهم وتلك التطلعات والرؤى المسكونة بجملة من قضايا ومتعلقات وجوديّة،تقف في مقدمتها القضايا التي تتعلق بوجود الإنسان،عبر تقادمات الزمن عليه،ونزاعاته المستمرة في مقاومة الضَجر ومقارعة الموت،بحثا عن خلاص أو سبيل يحفظ أو يعيد له صورا ولوازم سمات الإحتفاظ بنكهة الماضي،الماضي ذلك السّر الحزين،الذي يقول عنه( أوسكار وأيلد) : (أجمل ما في الماضي ... انه مضى).
وقد يُخالف (الأمين قحطان) ماذهب إليه (وايلد) في تثمين وطأة الماضي،شروعاً به نحو محاولات المسك أو الظفر بعروة المستقبل،المسقبل الذي يرى فيه الصينيون القُدمى على انه (ظل الماضي)،إذ تتضح استمالات هذا الفنان النفسيّة بحجم ما تنوء به مناورات تفكيكه لمفاصل اللقُى والآثار،نبوغا بالسعي نحو إعادة جوانب من صور ذلك الماضي القريب،بخواص تكويناته وبراعة تشّكلاته وعذوبة تواؤماته الوجدانية وتفاعلاتها الروحية المتماهية وأنساغ الذاكرة الجمعية،بغية أن يُعطي (قحطان) توافدات وتدفقات صور أخرى،تزيد من زهو علاقته والمُتلقي لإعماله المنفذه بأكثر من خامة،وبعدد مساند لعدة تقنيّات،برعت تناور ما بين (تصميم-كرافيك) وما بين رسم مُحايث لأبعاد تحديثيّة خاصة بنسق تجربته،فضلا عن(التصوير الفوتوغرافي) الذي يشكل وسيطاً مرئياً وقصدياً في تخوم عدة صياغات ونواح تفيض بسيل من دلالات وتحذيرات تشي بنوع من التمهيد في مجال (صناعة الماضي) وإشراقاته وفق معادلات فحص ورصد لمجموع من مقدرات الامتنان وتباهيات الدفاع عن مكامن الحنين والجمال الذي يسكن في روح وثنايا ذلك الماضي الذي يستقي(قحطان) روح ونكهة مفرداته وعميق تصوراته،من خلال اتخاذه نسقاً حيوياً دافعاً لتجاوز أخطائه،وفي مزاعم عدم السير والانجرار وراء مراسيم تقديسه بشكل غافل أو أعمى،بل بحكم تمهيد الدوافع النابضة فيه وتأهيلها بما يتناسب وسبل جعله-بجدارة جد- دفقا للمستقبل.

الذاكرة ... بعدسة الحنين
تبدو ذاكرة (قحطان الأمين) وكأنها تعمّدت بينابيع حُبّ دفين،ورواسب من حنين طاغٍ حَفل يتنامى من جملة اعتمالات واستيقاظات طفولية مفعمة بذكاء وعي مبكر،وقد تكون الغربة قد زادت من تُفاقمات وجودها أثر الذاكرة و تأثير الحنين بهذا القدر الحاني من التأني والحَذر في تآخيات أعماله المُمهورة بسكون حائر ومهيب في ذات لحظات خاشعة تسعى-بتأمل مقصود- لإخراج الصورة من مناهلها ومرجعيتها (الفوتوغرافية) المعروفة بشروطها الجماليّة (الإستاتيكا-Statics)والمسكونة بمحدوديتها الدلاليّة وتوارثات سياقاتها الأيقونيّة،بُغية تحفيز وتطويع جوانب معينة من تلك المُحددات وسحبها نحو عوالم واجتراحات ما يُعرف-اليوم-(فن الإتصالات البصريّة)المرئيّة،عبر خواص التصاميم وفق النظام الرقمي(digital art)بلوامس وأحاسيس جديدة من خلال نسق التعامل الذهني والفكري مع لوزام(التكنولوجيا) الحديثة،وصولا الى مبتغيات وتراكيب مغايرة في طبيعة البنية وبراعة التفسير والتركيب كالذي أجراه الفنان(الأمين) في مسلمات معرضه الشاخص،والذي تسنى لنا معاينته وفحصه وتحليل محتواه،والذي حمل عنوان(ذاكرة وحنين)المُقام منتصف آذار هذا العام على(دار الأندى- الأردن/عمان)،ومحافل إقامة معرض آخر سبق معرض(عمان)هذا-وفي نفس العام،أيضا- ولكن على قاعة(كاليري المرخيّة-قطر/الدوحة)فضلا عن مشاركات في بغداد/ تونس/كندا / وعواصم ومُدن أخرى،سارت على هَدي ميوله وتوجهاته،واقترنت باسمه وتوقيعه الرسمي، كونها مآثر دلالية والتماعات نفسيّة وأخرى روحيّة،تسللّت بملكات ومهارة تتقارب ما بين بحث وحفر وتنقيب،وما بين في وريدات(أنثروبولوجيّة)،أضحت تراقب مسارات فكر وسلوك الإنسان في مرايا وعيه الحضاري،ومن هنا تسير وتسمو تجليات قحطان نحو مهابات حضور صوره وذخائر ذاكرته ومترعات حنينه للماضي الذي ترنو إليه أعماله،من كونها إبعادا مكانية عميقة الأثر والدلالة،أكثر من كونها تلمحيات زمانية محددة الأهداف والمساعي، سرعان ما تتداخل لتضيىء عتمة ذلك الشوق المحكوم بعدة دوافع،تبدو وكأنها محض رهانات على جمال ونقاء ذلك الماضي والقبول به على علاته،لكنها-بواقع محصلات وعيها- تشير نحو تثبيت صور جديدة ومعايير تحديثية،تشي-أحيانا- بتقديم خطوات تهيئة مشهد ما(تمثيلي)،قد يقع في مجال(السايكو- دراما)،يؤثث له قحطان ليختار منه ما يلائم قدراته وتوصيفاته بالحذف أو التركيب من خلال (ألبوم) الذكريات أو تواشج الوثيقة(الديكومنت) مع خواص لوحاته ومكوناتها المتعددة الرؤى والطبقات والأبعاد،وبما يجعل من الإنسان هدفا ومركزا ونقطة جذب لا حدود لها في نهج تفرّد تجربته الماسكة بعدة دواعي ولوازم وتشكّلات،وخصوصيات تعاملاته الإجرائية مع المادة وطبيعة الموضوع،وسوانح الأحداث والمشاهد التي تقع أمام عينيه أنه يرسم من وحي ذاكرة خصبة لا تنضب،وحنين قادم من أصقاع ذكريات عصية على التلاشي والنسيان،كما أن كل شيء مثير يقع تحت نظر اهتمامه ومثبتّات ميوله سيكون- لا محال- ضمن محتويات متحف ذاكرته المُخلصة لعالمها،و نزعاتها الإنسانيّة و تواصلاتها الروحيّة مع كافة قضايا الوجود.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

التعديل الوزاري طي النسيان.. الكتل تقيد اياد السوداني والمحاصصة تمنع التغيير

حراك نيابي لإيقاف استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين

إحباط محاولة لتفجير مقام السيدة زينب في سوريا

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram