TOP

جريدة المدى > سينما > الدراما العراقية بين التخطيط والارتجال.. شبكة الإعلام العراقي نموذجا!

الدراما العراقية بين التخطيط والارتجال.. شبكة الإعلام العراقي نموذجا!

نشر في: 13 أغسطس, 2015: 12:01 ص

(2-2)
 
 
ظلت أغلب المسلسلات المقدمة تدور في فلك الماضي والحقبة الاستبدادية والعسكرتاريا التي فرضت على المجتمع العراقي وبقيت تقلب في صفحات الماضي وأحقاده وعداءاته وثاراته دون ان تفكر في اعمال درامية جديدة
اعمال تنبع من الحاضر المعاش بكل

(2-2)

 

 

ظلت أغلب المسلسلات المقدمة تدور في فلك الماضي والحقبة الاستبدادية والعسكرتاريا التي فرضت على المجتمع العراقي وبقيت تقلب في صفحات الماضي وأحقاده وعداءاته وثاراته دون ان تفكر في اعمال درامية جديدة

اعمال تنبع من الحاضر المعاش بكل مافيه من بشاعة الموت اليومي والاحتقان الطائفي والفساد المستشري ونزوح العوائل والتهجير القسري وعدوان داعش وسبيه للاقليات وتحطيمه للارث العراقي ومؤمرات دول الجوار ومؤامرات السياسيين ضد بعضهم البعض وهم داخل العملية السياسية ذاتها واحلام المواطن العراقي بالسلام واحلام الشباب العراقي بالعمل والحب والعيش الآمن ، اصبحت الدراما العراقية تضخ من العنف والقسوة والبغضاء ما جعلها بعيدة عن اهدافها الانسانية والجمالية في الترويج للفكر الانساني الباني والمتسامح والمؤلف للقلوب !!!
فيما تقدم نتوقف امام مسلسل استطاع ان يستقطب اليه المتلقين في انحاء مختلفة من الارض العراقية ويستقطب الكثير من العراقيين في بلاد الغربة وان كان قد ظلم في ميعاد عرضه ألا وهو مسلسل ( رازقية ) وهو امتداد لثلاثية أعماق الازقة في باب الشيخ والمدينة ومن ثم رازقية ، والعمل في اجزائه الثلاثة تصدى لجزء من تأريخ الحياة السياسية العراقية لكنه تناولها من جوانب متعددة ومن خلال أطراف متنوعة في الحياة الاجتماعية العراقية وخرج عبر المرئي الجمالي الى بلد اخر غير العراق ومن ثم انتقل داخل الارض العراقية ما بين وسطها واهوار جنوبها وأظهر المرئي الجمالي عبر حركة كاميرا حيوية وايقاع بصري وشعوري متدفق ، التنوع في الامكنة والتنوع في الاداء ونسج حبكة درامية متماسكة ومقنعة عبر احداث متغيرة تكسر التوقع والرتابة وتصدم بالجديد المفاجئ كان واحدا من أسباب تميز هذا العمل ونجاحه ، باسم الشبيب كاتب يمتلك القدرة على بناء الاحداث وفق تسلسل منطقي مقنع وينحت شخوصه الدرامية من ذاكرة متوقدة شديدة القرب من نبض الشارع العراقي عارفة بطبيعة الشخصية العراقية في تركيبتها وأصالتها ونقاء معدنها كما أنه ماهر في بناء سيناريو متقن قائم على تركيبة مشهدية متصلة والحوار لديه درامي مشحون بالفعل المحرك للاحداث والمعرف بالشخصية الدرامية . نجح الكاتب باسل الشبيب ومعه المخرج الكفء علي ابو سيف في تقديم عمل عراقي يعكس واقع العراق من خلال انسانه العنيد والملتصق بقيمه والمنتمي لجذره ، ولعل رازقية كانت المعادل الموضوعي لكل الاعمال الدرامية العراقية التي قدمت في شهر رمضان الفضيل وكانت تمتلك القدرة الواثقة في منافسة الاعمال العربية المقدمة وبذلك تكون قد عوضت عن اخفاق وتعثر مسلسلات عراقية يبدو ان الشبكة كانت تعول عليها فمنحتها اوقات عرض ذهبية لكنها جاءت لتسقط في الرتابة والجاهزية وتكرار الوجوه ونسيان الكاركتر في المشهد الواحد ولتدخلنا في المتوقع والمألوف والمعتاد في جو من الكآبة والسوداوية والفوضى ، ولكن لابد من وقفة تحية لممثلين كانوا في مستوى أدائي عال يحسب لهم وحافظوا على كاركترات شخصياتهم حتى اللحظات الاخيرة وبذلك قدموا اداء واعيا ومثقفا لفنانين يعون ما يفعلون ، تحية للفنانة القديرة اسيا كمال وهي تلعب دور رازقية بكل ما فيه من تحولات وارهاصات ولهفة حارقة ، تحية للفنان الكبير عزيز خيون وهو يجسد شخصية حسيب بكل اصالتها وانكساراتها ليثبت ان الفنان وعي وبحث واجتهاد ،ولكريم محسن الفنان الموهوب في دفء حضوره وثبات قدرته تحية ،ولباسل شبيب لجهده ومثابرته وعفوية ادائه ، وللفنان الشاب سعد محسن وهو يجدد حضوره بأ داء واع ومدروس تحية ، وللمبدع مهند هادي وهو يتقلب في لعب شخصية معقدة في تركيبتها ملتبسة في نواياها تحية ، وللشباب المثابرين علي نجم ومحمد البصري واحمد مونيكا تحية اعتزاز بما انجزوا وبما اجتهدوا ، ولن نغفل الفنانة القديرة هناء محمد في دورها الصامت الموجوع وذلك القناع الذاهل الذي لم يغادرها حتى اللحظات الاخيرة في أداء مؤثر وواثق في مسلسل وادي السلام وللشاب خليل فاضل خليل في ذات المسلسل وهو يلعب دورا جديدا فيه الكثير من التحول والانفعال الداخلي المكتوم وهو يتأتئ في نطق كلامه ولا يغفل طيلة فترة ظهوره عن تجويد دوره والحفاظ على رسم كاركتره تعبيرا وصوتا ومشاعرا ، عندما نتوقف عند أسماء بعينها فذلك لايعني أننا نتجاهل ما بذله الاخرون من جهد ومثابرة ولكن التميز والتأثير والاقناع والتماهي هو الذي يخلق حالة التجلي والابداع عند فنان معين فيضعه في عمق دائرة الضوء الابداعي ، ولكي تستطيع شبكة الاعلام العراقي أن تقوم بدورها التوعوي والتربوي والتثقيفي لابد من اخراجها من دائرة التقشف والتي كما يبدو قد فرضت على الثقافة والفنون وغابت عن البرلمانيين والرئاسات الثلاث وأصحاب الدرجات الخاصة والوكلاء ، والزم بها المواطن العراقي المسكين ، علينا ان نرفع أصواتنا لكي يسمع من في أذنه وقر ان الثقافة والفنون صمامات أمان وان الحرب لاتكون فقط في جبهات القتال انها تدور في الارواح والنفوس في البناء السوي للانسان كي يميز بين الصالح والطالح ، بين الخير والشر ، وكي يعرف الى أين ينتمي ومع من يعمل ، دعوة الى شبكة الاعلام أن تضع الشخص المناسب في مكانه المناسب بعيدا عن المحسوبية والترهيب وأن تبدأ منذ الان بدراسة اسباب النكوص والتراجع وان تخطط وتنظم منهاج الاعمال التي سوف تقوم بتنفيذها كيف تختارها وعلى اي أسس وما هو المتوقع من النتائج لذلك الاختيار ، العالم يتقدم ويفتح صفحات جديدة لمستقبل جديد قادم بعيدا عن التأليب والعنف والتحريض قريبا من التألف والتسامح واحترام الاخر ، على الشبكة ان تفكر جديا بتسويق اعمالها كي تستطيع انتاج اعمال درامية جديدة من المردود المادي للتسويق والمردود المادي من الاعلانات وان تبعد عنها المنتج المنفذ عدا الشركات الرصينة التي لها معها تجربة سليمة وان تضع كل شيء تحت أنظارها وبذلك نضمن حقوق الفنانين المشاركين بالعمل ويخرج العمل بحلة معافاة وبدلا من ان ياخذ المنتج المنفذ نصف أوثلاثة أرباع الميزانية المخصصة سيكتفي بالربع اذ لن نستطيع منع تسرب الميزانية المرصودة للعمل ولكنا في الاقل نضمن عدم تسرب النصف مع وجود المتابعة والتدقيق والمسألة ، هيئوا من الان لرمضان المقبل ودعوا الفرص متساوية بين الفنانين فكلهم لهم الحق في العمل في بلدهم والابداع في الارض التي ينتمون اليها وكل رمضان والدراما العراقية قائمة وفاعلة رغم افتعال أزمة التقشف!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram