من مئات الشعارات ، ترسّخ في الاذهان والوجدان الشعبي شعار "باسم الدين باكونا الحرامية " حتى بات يردده الصغار والكبار ، تعبيرا عن معاناة ، خلفها مسؤولون وسياسيون من ابناء القائمة المغلقة ، تحكموا بمصير البلاد والعباد ، منذ الغزو الاميركي للعراق ، انشغلوا بترتيب اوضاعهم الشخصية ، منحوا أحزابهم وكتلهم النفوذ ففرضوا سيطرتهم على مؤسسات حكومية ، باعوا الوزرات للمقاولين ، اشاعوا الفساد المالي والاداري ، طرحوا وثائق اصلاح ، اسفرت عن عقد لقاء تاريخي والتقاط صورة تذكارية تجمع نوري المالكي واسامة النجيفي في لقطة ربما لم ولن تتكرر في المشهد العراقي .
باكونا الحرامية شعار قوبل بارتياح الاوساط الشعبية ، لكنه اثار غضب من يعنيهم الامر فأعادوا استنساخ تصريحاتهم السابقة باتهام المتظاهرين بانهم غوغاء شراذم تنفذ مخططات الاجنبي للإطاحة بالنظام الديمقراطي فضلا عن افشال التجربة الاصلاحية لأحزاب الاسلام السياسي المهيمنة على اغلب مؤسسات الحكومة ومجالس المحافظات حصلت على المناصب عن طريق صناديق الاقتراع ، في نسخة العراق الديمقراطية .
تعمل في الساحة العراقية عشرات الاحزاب تبنت تحقيق العدالة والمساواة ، وإلغاء تركة ثقيلة خلفها النظام السابق ، اللهم زد وبارك ، تلك القوى السياسية بهوياتها المذهبية والطائفية لم تعقد مؤتمرا طيلة السنوات الماضية لانتخاب امينها العام ، فبرز زعماء سياسيون يحملون صفات الاب الروحي ، قائد المسيرة ، عنوان الوطنية ، قاهر الديكتاتورية ، رجل المصالحة والسلام ، وغيرها من الصفات المجانية اسهمت وسائل اعلام محلية في ترسيخها وجداريات تحمل صور الزعماء انتشرت في شوارع العاصمة .
الاحزاب السياسية العراقية باستثناءات قليلة جدا ، اعتمدت الانتخاب لإجراء تغييرات في قياداتها كتقليد ثابت ورد ضمن النظام الداخلي ، الديمقراطية تحرم تولي منصب زعامة الحزب بالوراثة ، يموت القائد المؤسس فيشغل النجل الاكبر موقع ابيه المرحوم ، ثم يلقي الزعيم الجديد خطبة عبر شاشة فضائية الحزب يؤكد التزامه بالنظام الداخلي ، يقسم بكل المقدسات بانه سيكون خادما لشعبه بتسخير وزارته في الحكومة لخدمة الجماهير ، مخلصا وفيا لتحقيق الاهداف الآنية والمستقبلية ، ودمتم للنضال والعمل الجهادي .
الشارع العراقي وحّدته المعاناة المريرة من أداء النخب السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة ، ينتظر تنفيذا سريعا للخطوات الاصلاحية ، لم يقف عند هذا الحد بل ربما سيحاسب منتحلي الزعامة السياسية عن طريق الوراثة او بدعم من احدى دول الجوار حفاظا على مصالحها الاقتصادية ، فهي ترى في الزعيم الجديد الراعي الوحيد لضمان تصدير بضائعها الى الاسواق العراقية من الستوتة الى شراب الشعير المطعم بالفراولة .
المنصب الحكومي في اغلب الاحيان يمنح زعامة الحزب ، يوم تولى نوري المالكي رئاسة الحكومة في ولايته الاولى ، شغل موقع امين عام حزبه ، فخرج ابراهيم الجعفري ليشكل تيار الاصلاح ، ثم تولى رئاسة التحالف الوطني، لم تتوصل اطرافه بعد لاختيار البديل لأسباب تتعلق بوجود خلل فني في المنظومة الديمقراطية .
"حرامية" الديمقراطية
[post-views]
نشر في: 12 أغسطس, 2015: 09:01 م