اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > والمطلب الثاني.. القضاء

والمطلب الثاني.. القضاء

نشر في: 15 أغسطس, 2015: 09:01 م

لا يُمكن تفسير التصريح الذي أطلقه المتحدث الرسمي باسم السلطة القضائية القاضي عبد الستار البيرقدار برفع دعاوى على إعلاميين يبثون معلومات "غير صحيحة" عن السلطة القضائية، إلا بوصفه تحذيراً لسائر الإعلاميين ومؤسساتهم من "مغبة" ضبط ألحانهم على إيقاعات المتظاهرين في ساحات التحرير الذين يطالبون، في ما يطالبون، بالإصلاح السياسي ووضع حد للفساد الإداري والمالي الذي نهش اللحم وراح يضرب عميقاً في العظام.
تحذير القاضي البيرقدار جاء بعد أن بدأ الإعلام، المتردد سابقاً، بدخول منطقة السلطة القضائية تماشياً مع حركة المتظاهرين التي اقتحمت هذه المنطقة بقوة وراحت تطالب بإصلاح القضاء.. ولو لم تكن التجربة قد أوصلت الناس إلى القناعة بحاجة القضاء للإصلاح ما رفع أحد هذا الشعار في المظاهرات، وهو ما وجد صداه داخل مجلس النواب إذ ضمّن ورقته الإصلاحية بنداً خاصاً بإصلاح القضاء، بل إن صدى القناعة الشعبية بلزوم الإصلاح القضائي دقّ باب المرجعية الدينية في النجف لتطالب في خطبة الجمعة الأخيرة بصوت عال بألا تستثني عملية الإصلاح القضاء.
الإعلام مرآة مكانه وزمانه، ولم يكن من قواعد مهنة الإعلام ولا من أخلاقياتها أن يُغمض المشتغلون فيها أعينهم ويصموا آذانهم فيمسكوا ألسنتهم وأصابعهم ويكسروا معداتهم لأن القاضي البيرقدار وزملاء له في مجلس القضاء الأعلى لا يعجبهم هذا. بل إن بعض الإعلام كان قد سبق حركة المظاهرات في تناول بعض جوانب الخلل والقصور في نظامنا القضائي.
كلام القاضي البيرقدار يؤكد الحاجة للإصلاح القضائي. القضاء سلطة مستقلة، مثله مثل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، نعم، لكنه مثل هاتين السلطتين أيضاً ليس سلطة مقدّسة فوق الشبهات ولا تخضع للرقابة والنقد.
الأخطاء والانحرافات في القضاء ظاهرة عالمية - تاريخية، فعلى مدى التاريخ البشري وباتساع المعمورة كانت ثمة أخطاء وخطايا للقضاء والقضاة حتى في البلدان المتقدمة.. القضاة بشر، وما من بشر منزّه من الخطأ.
تجربة السنين الإثنتي عشرة الماضية شهدت العديد من الحالات التي كان فيها القضاء ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية موضع نقد واتهام بالخروج عن الاستقلالية والحياد والنزاهة في اتخاذ الأحكام، وبالخضوع للضغوط السياسية.
لا يمكننا بناء النظام الديمقراطي المدني الذي نصّ عليه دستورنا من دون قضاء قوي ورصين. قوة القضاء ورصانته في استقلاله وحياده وعدله ونزاهته. مسيرتنا نحو النظام الديمقراطي قد تعثرت كثيراً خلال السنين الماضية، ما أنشأ الحاجة إلى الإصلاح الذي تطالب به حركة المظاهرات الآن وتبنّته السلطتان التنفيذية والتشريعية سواء بسواء، بيد أن هذا الإصلاح من غير الممكن تحقيقه وضمان ثباته من دون إصلاح في السلطة القضائية.
المتظاهرون أظهروا وعياً عالياً بربطهم بين الإصلاح السياسي والإداري والمالي والإصلاح القضائي، وبجعلهم إصلاح القضاء مطلبهم الثاني بعد، أو بموازاة، مطلب تعديل الدستور الذي هو المدخل الى الإصلاح السياسي والإداري والمالي... هذا هو الكلام المفيد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    القضاء في كل العالم جهاز مقدس بشرط عدم ارتكاب الأخطاء---لان خطا واحد قد يؤدى الى فقدان الحياة للمتهم-------والعراق اليوم عراق المفسدين في الأرض--------وفساد الأرض هدا قد يؤدى الى فساد قاضى-والقاضى ماهو الا انسان مثلنا والانسان العراقى ليس بملائكه في زمن ا

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram