استوقفتني مقالة مطولة نشرت في جريدة المدى الغراء عن حركة (جلال ذياب) التحررية في البصرة في الدفاع عن حرية السود ومقارنتها بثورة الزنج التي قادها (علي بن محمد) في القرن الثالث الهجري . واستذكرت المسرحية التي كتبها الشاعر الفلسطيني (معين بسيسو) عن تلك الثورة التي قام بها السود على سواحل الخليج العربي والتي لم تستطع ان تحقق اهدافها في استرداد الحقوق المسلوبة لشعب بكامله.
وبدوره راح (بسيسو) يقارنها بالثورة الفلسطينية التي هي الأخرى لم تستطع ان تحقق اهدافها حتى اليوم فما زال الشعب العربي في فلسطين يتعرض للظلم والقهر ومازالت ارضه مستلبة ومازال المغتصبون يتعنتون في احتلالهم وبسطوتهم . ورغم اعتراف الدول والشعوب الأخرى بأحقية مطالبة الشعب الفلسطيني بحقوقه فان احواله وحقوقه المسلوبة باقية على حالها بل واكثر من ذلك يتعرض كل يوم الى مزيد من الاعتداء والجور وتتعرض اجزاء اخرى من ارضه الى الاستلاب من فئة غريبة متغطرسة.
نعم لقد تنبأت مسرحية (ثورة الزنج) لمعين بسيسو بما سيحدث للأرض الفلسطينية من تمزيق واستلابها جزءاً بعد جزء حتى لم يبق لأصحابها الاصليين – العرب إلا الجزء الأصغر والذي نخشى ان يستلب هو ايضاً اذا لم يضع العالم حداً لتلك المأساة المفجعة.
كنت قد قدمت مسرحية (ثورة الزنج) عام 1973 مع طلبة اكاديمية الفنون الجميلة، وكان الدكتور عبد المطلب السنيد يمثل دور (علي بن محمد) والسيدة عايدة ابراهيم تمثل دور (وطفاء) حبيبته ورفيقة نضاله، وفي وقتها تمت المقارنة بين العرض العراقي للمسرحية والعرض المصري، وكيف تميز الأول بالوضوح والبساطة وبالشعرية المسرحية وباداء الحرفة التي مثل افرادها شعوباً مختلفة من التي تعرضت للاضطهاد وسلب الحرية وعبرت عن تطلعها الى الحرية والى العدالة والى المساواة باغنيات اخذت كلماتها من النص الشعري نفسه للمسرحية وقام بتلحينها الفنان والباحث (طارق حسون فريد) وكانت تلك الاغاني بكلماتها والحانها جزءاً اساسياً من العرض المسرحي، واذكر اننا استخدمنا (الرماح) التي كان الزنوج يقاتلون بها اعداءهم لدلالات مختلفة فمرة استخدمت كأسلحة واخرى استخدمت كقضبان سجن وثالثة استخدمت كمجاديف ورابعة استخدمت كمحاريث.
اذكر يومها ان عدد الطالبات في قسم الفنون المسرحية يزيد على عدد الطلاب وكلهن موهوبات ومحبات للفن المسرحي وليس لي هنا الا ان اقتطع اجزاءً مما كتبه النقاد عن (ثورة الزنج):
يقول (موفق الشديدي) في (طريق الشعب) :"في مسرحية ثورة الزنج عملية كبيرة لنضج التاريخ ونشره على حبل غسيل وتقديمه تحت المجهر لادانته.. ان ثقل المسرحية لم يكن بالمرة متعلقاً بالوجه الفلسطيني ايضا كغاية مهمة بارزة، فهناك صور انسانية ولوحات متعددة تعبر عن اضطهاد الانسان! هندي احمر يقتل سجين يعذب، انسان يختطف.." وجاء في جريدة التآخي العدد المؤرخ 11/5/1974 "ان اهم ما تتميز به مسرحية – ثورة الزنج – هي الرؤية الشمولية التي يمتاز بها المسرح التسجيلي والتي تعتمد اساساً على ايجابية التفسير التاريخي للحدث.. وذلك ليربط احداث تاريخية بعيدة بالاحداث الحاضرة وبالوضع الاجتماعي الآني". وكتب العزيز (يوسف العاني) في جريدة الجمهورية "هذه المسرحية تستأهل ان تجوب بلادنا العربية كلها لاسباب كثيرة تظل الجودة المبرر الاول لها". وكتب (طارق الجبوري) في صحيفة اخرى قائلاً: "ان المسرحية عموماً قد عززت ثقتنا بالمسرح العراقي حيث كانت مفخرة الانتاج المسرحي في اكاديمية الفنون الجميلة وكتب لي صديقي المخرج المسرحي المتقدم (بدري حسون فريد) رسالة قصيرة بعد انتهاء عرض المسرحية يقول فيها: "اتيت مرتين لاهنئك في عملك (ثورة الزنج) انها مفخرة.. تهنئة من القلب".
وانهى كلمتي هذه طالباً من كتاب المسرحية ان يرجعوا الى حركة (جلال ذياب) الثورة وحادث اغتياله في البصرة يوم 26/4/2013 ليتخذوا منها مادة لمسرحية اتولى بنفسي اخراجها.
(ثورة الزنج) المسرحية التي تنبأت!
[post-views]
نشر في: 17 أغسطس, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...