مناجيات مع هيرمان هيسّه
5
الحب حالة تتسلح بالرموز ، كل حب لديه رموزه وأساطيره ، هل حقا إن ما نحبه يغدو رمزا ؟
- اجل ان ما نحبه لا يعدو كونه رمزا ، فإذا استحال الحب ولعا بشيء واحد بإخلاص واحد ،بفضيلة واحدة ، عندئذ أحس بالارتياب.
- ولكنك تعشق حياة الفلاح ، الانسان المخلص الذي يصمد ويزرع ويبني منزلا ، ويقيم ملاذا يلجأ إليه ..
- أحسده ، فلقد بددت نصف حياتي محاولا أن أعيش حياته ، أردت ان اكون مالم أتوصل إليه .
- ما الذي كنت تريد ان تكونه وتصبح عليه؟
- ان أصبح شاعرا ورجلا متوسط الحال في الوقت ذاته، كنت اريد ان اكون فنانا ورجلا طيبا ولازمتني هذه الرغبة فترة طويلة ، حتى ادركت تماما أنه من الصعب أن اكون الاثنين واحظى بهما معا , لا يمكن ان اكون شاعرا فنانا ورجلا طيبا.
- من المستحيل الجمع بين شهوة الترحال البدوية والنزوع الطبيعي الى الاستقرار الزراعي وبناء الملاذ.
- نعم انا بدوي رحال لا يستقر على وضع أو حال ، متغير وطموح للتجدد ، انا بدوي ولست فلاحا ، لست رجلا يدخر ويجمع بل انا كائن ينفق حتى زمنه ، كنت اؤنب نفسي امام الشرائع وتعاليم الالهة وهذا هو خطئي الأكبر واقترافي الآثم في زيادة اوجاع البشر ..
- انت كثير النقد لذاتك وتظهر معايب شخصيتك ؟
- نعم لطالما كنت اخاطب نفسي وازجرها وألومها واؤنبها عندما تضعف ولا تجيد اختيار طريقها ، اعترف انني كم زيفت في قصائدي وكتبي ، وكذبت على نفسي ،ولعبت دور الانسان المنسجم الحكيم السعيد المستنير.
- الم تكن كذلك؟؟
- كنت ولم أكن ، انني بطريقة مواجهة نفسي العب كما يلعب المهاجمون في الحرب،
العب أدوار الأبطال بينما هناك من ينتزع أحشاءهم ، لست بطلا ، الإنسان مبارز نفسه في المرايا ،بخاصة الفنان المبدع ـ بخاصة أنا..
- هل تعترف انك أضفت للعالم ما هو موجع ومؤذٍ؟؟
- نعم لقد مارست العنف على نفسي، ولم امتلك الجرأة للمضي قدما نحو الخلاص..
- وما هو طريق الخلاص الذي تقترحه ؟؟
- سبيل الخلاص لا يتجه يسارا او يمينا إنما يتجه مباشرة الى قلب الإنسان ، هناك فحسب تجد السلام وقد تهاجمك الكآبة ، لكن الانفراج آتٍ.
- هل عانيت من هجوم العتمة على روحك وقاومتها ؟؟
- مرارا امتدت امواج العتمة على روحي ، وشكلت ظلا قاتما على عالمي ، ظل كريه من الكآبة ينهض في اعماقي ولا أعرف له سببا ظاهرا، فتغدو جميع المتع زائفة ، حتى الموسيقى التي اعشقها تبدو كثيرة الابتذال ، وتعم الكآبة كل الأشياء ، يضطرب القلب في قلقه ، أقاوم اللحظة التي افكر فيها بالموت ، اهرب منها ، وانا أعلم طوال وقت المحنة ان الراحة آتية والانفراج قادم..
- هل تعود اليك الدهشة فترى جمال العالم من جديد؟؟
- أجل ، أرى كم جميل عالمنا وكم هي السماء فاتنة بنجومها ، عندها يتلاشى اليأس من روحي وتعود الحياة مترعة بالمسرات والأفراح.
-هل تتركز حياتك حول شيء محدد؟
- مامن شيء مركزي في حياتي، فأنا أتأرجح بين أقطاب متناقضة : توق الى الاستقرار وتوق إلى التجوال ، رغبة في الوحدة وتوق للحب .
يتبع