سيكون مبعث البهجة والسرور والحبور أن ينفّذ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، هذه المرة، تهديداته بفتح ما في حوزته من ملفات مخبّأة تتعلق بقضايا فساد إداري ومالي ومؤامرات سياسية ودعم للإرهاب، تمتدّ خيوطها وخطوطها إلى ما وراء الحدود، وتخصّ قيادات سياسية وشخصيات اجتماعية ودينية.
في مرات سابقة، عندما كان السيد المالكي على رأس الحكومة، أعلن عن أنه يحتفظ بملفات من هذا النوع، لكنّه ظلّ يتذرع لعدم فتحها وفضح محتوياتها بأن ذلك يُمكن أن يدمّر العملية السياسية ويُزيد من تردي الوضع الأمني في البلاد. وبالطبع فان المالكي يمكن أن تكون لديه بالفعل ملفات كثيرة توفرت له بحكم تولّيه على مدى ثماني سنوات متصلة أهم منصب في الدولة، وبحكم عضويته قبل ذلك وبعد ذلك في هيئات رفيعة المستوى.
الملاحظ أن السيد المالكي لا يُعلن عن ملفاته ولا يلوّح بها مهدداً بفتحها إلا عندما تضيق به السبل، كما هي حاله الآن بعد أن أصرّت لجنة التحقيق البرلمانية الخاصة بقضية سقوط الموصل في أيدي داعش على إيراد اسم السيد المالكي كأحد المسؤولين عن هذه القضية، بل المسؤول رقم (1) بوصفه رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية بالوكالة يومها. ولو كانت لدينا سلطة قضائية مستقلة ونزيهة لكانت قد لاحقت السيد المالكي وسواه ممن هدّدوا هم أيضاً بفتح ملفات مماثلة لديهم، ولوجّهت جهاز الادعاء العام بفتح تحقيقات في تلك الإعلانات بوصفها تتعلق بقضايا جنائية خطيرة.. لكن القضاء هو أحد عللنا القاتلة التي يتعيّن أن نعجّل في علاجها.
لن نخسر شيئاً إذا ما نفّذ السيد المالكي تهديده الجديد، بل سنكون اكبر الرابحين، لأن فصلاً هاماً من فصول الإدارة السيئة للدولة على مدى سنوات ستتكشف تفاصيله، ولأن ما كنّا نعرفه، ولم نزل، وظللنا نعيد الكلام فيه سيتأكد للملأ، وهو أن الكثير من أفراد الطبقة السياسية المتنفذة في الحكم، من مختلف القوى والأحزاب والكتل والائتلافات، ضالعون في أكبر قضايا الفساد الإداري والمالي والتحريض الطائفي، وتمتدّ إليهم خطوط الكثير من عمليات الإرهاب وأعمال العنف.
إقدام المالكي على فتح ملفاته سيدفع بأقدام كثيرة إلى قاعات المحاكم وإلى السجون، وسيقود رؤوساً كثيرة وكبيرة إلى المقصلة، وهذا سيكون عملاً جيداً لأنه سيخلّصنا من طغمة فاسدة لا ذمّة ولا ضمير لديها، عاثت في أرضنا فساداً لا نظير له، وتسببّت في تدمير حياتنا وخراب وطننا.
لا نأمل فحسب، وإنما نطلب إلى السيد المالكي ألا يتراجع عن تنفيذ تهديده الجديد، لأي سبب كما حصل في مرات سابقة.. واجبه السياسي والوظيفي والأخلاقي يحتّم عليه أن يفتح ملفاته كلّها، وإذا لم يفعلها فإنه يضع نفسه في خانة خيانة الأمانة والمسؤولية، وهذا ما يرتّب على جهاز الادعاء العام أن يتحرك هذه المرة لتقصّي حقيقة ملفات السيد المالكي، ذلك أن عدم الكشف عن هذه الملفات سيعني إبقاء الكثير من كبار الفاسدين والمتورطين في قضايا الإرهاب والتآمر السياسي طلقاء يهددون حياتنا بأعظم المخاطر.
ملفّات المالكي
[post-views]
نشر في: 22 أغسطس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
واثق العاني
وكيف للمسؤول الاول في البلد ان يُخفي ملفات ربما تتعلق بقتل وخطف وسوفات ورِشى كل هذه السنين؟! وهل التستر على مثل هكذا جرائم ( حتى لو كشفها اليوم وبالتفصيل) هل يعفيه ذلك من المساءله. قد يقول البعض ان هذه الملفات لو كُشفن في حينها ربما لتغيرت الكثير من الام