TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بين واقعة الجمل في مصر وخيمة المجلس في البصرة

بين واقعة الجمل في مصر وخيمة المجلس في البصرة

نشر في: 22 أغسطس, 2015: 09:01 م

ليس من مصلحة أحد، بعد تصاعد وتيرة التظاهر والرفض العام لأداء الطبقة السياسية العراقية، نقول ليس من مصلحة أحد إغفال حقيقة ما يجري أو التظاهر بالتغافل ودس الرأس في التراب. ما يجري يستحق الانتباه. هو قرار مرجعية وإرادة شعب استفاق من المخدر الديني الذي طال مفعوله في جسده، وها هو اليوم يصرخ بما لم يصرخ به من قبل. لا بل قال كلمته المدوية الكبرى في ساحة التحرير ببغداد وفي ساحات وشوارع المدن العراقية الأخرى. لا لحكم الاسلام السياسي .
ويأتي صوت الحكيم متناغما هذه المرة مع صوت الجماهير الغاضبة، وهنا لا نتحدث عن أهمية هذا والتقليل من ضرورة ذاك، إذ لم يعد الفصل بين الارادتين ممكنا. المرجعية استجابة لنداء الشارع والشارع أيد المرجعية. ولأول مرة في تاريخ السياسة العراقية تجتمع وتتضافر إرادتان لصالح الشعب، فقد كانت المرجعية وخلال السنوات العشر الماضية داعمة للطبقة السياسية، مع الاسف، كانت تأمل ان يقوم رجال الاسلام السياسي العراقيين بجملة إصلاحات من شانها تحسين اوضاع الشعب في الصحة والامن والاقتصاد، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، وظل المواطن البسيط يتطلع للخلاص ممن سعى بأصبعه البنفسجية لانتخابهم، وفي تجاهل واضح ظل هؤلاء ممسكين بكراسي السلطة، غير ملتفتين لمعاناة شعبهم. ذهبوا بكل ما أوتوا من قوة للغنائم، مثل أسود كاسرة جنوا الاموال وراكموا المليارات فوق المليارات وفاقموا من فقر ناخبيهم وأبناء جلدتهم، توسعوا في السلطات وحصّنوا انفسهم بالعشرات والمئات من البنادق والحمايات في اعتقاد خاطئ، وظنٍّ سيءٍ منهم بانهم سيسلمون من نقمة جمهورهم وغضب الشارع الذي قال كلمته الأخيرة بهم: (باسم الدين باكونا الحرامية). وهي لعمري كلمة كبرى، كلمة من القوة بحيث قادت رئيس الوزراء الى حملته الاصلاحية السريعة، التي أبعد بموجبها العشرات من المنتفعين من وجودهم داخل الكيانات الدينية. أبعد الدينصورات التي كادت ان تلتهمه نفسه بعدما التهمت خيرات الشعب المسكين.
من كان في ساحة التظاهرات في بغداد أو اي مدينة عراقية أخرى استغرب من خلو الساحات هذه من أي يافطة دينية أو صورة لرجل دين أو شعار حزبي أو حركة اسلامية، فقد كان الحراك مدنيا جملة وتفصيلاً. بما يؤكد على أن الجمهور الفقير قد يئس من هؤلاء، وعرف خذلانهم له. وهنا يتأكد صحة قول أحد قادة أكبر الاحزاب الاسلامية العراقية، لعله غالب الشابندر، حيث يصف الاحزاب هذه كلها بانها طائفية، غير مستثن حزبا بعينه، مؤكدا بعدم وجود حزب ديني عراقي او عربي غير طائفي. لذا خرجت الجماهير تهتف للدولة المدنية، بما يعني انها تهتف للحياة والمستقبل والعيش الكريم، الضامن للوحدة الوطنية، بعيدا عن اشكال التفرقة على أساس الدين والطائفة والعرق، بعيدا عن الانشطارات الطولية والعرضية التي مزقت نسيج المجتمع العراقي خلال حقبة ما قبل وبعد صدام حسين. التحية للجماهير التي قالت الحق . الاكبار والاجلال للمرجعية التي وقفت مع الشعب.
تذكرنا حادثة الخيمة التي اقامها اتباع المجلس الأعلى(جماعة المحافظ) إلى جوار خيمة المعتصمين التي أقامها الشباب البصريين من اجل الضغط على حكومة البصرة والتعجيل بالاصلاحات، الخيمة التي هبت الجموع لإقتلاعها ورميها في نهر العشار لأنها أقيمت لكسر اعتصام هؤلاء وتهديدهم وما نتج عنها ليلة البارحة من هجوم تعرض له المعتصمون . الاحداث هذه تعيد عينا واقعة الجمل المصرية التي قامت بها الجهات السياسية والبلطجية من اتباع الرئيس حسني مبارك، والنهاية المفضوحة التي آلت لها. امام ذلك نقول : لم يعد الوقت يسمح بالتهور، ونهر الزمن يجري لصالح الشعب الذي قال كلمته وحظي بتأييد المرجعية، فيا ساسة الفساد كفّوا عن افعالكم واحترموا إرادة شعبكم قبل أن تقلب الجماهير الغاضبة كراسيكم بمن فيها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram