ما الذي يمكن ان يتحقق لو تم الكشف عن المهمل عمدا من كتاب نهج البلاغة المنسوب الى الامام علي بن ابي طالب (ع)؟ وما الذي يمكن ان يضيف ما يقال الان لكل ما قيل وما اثير حول الكتاب من جدل ونقاشات على مدى ألف عام او بين مشككين او داعمين او مؤولين؟هذه الاسئل
ما الذي يمكن ان يتحقق لو تم الكشف عن المهمل عمدا من كتاب نهج البلاغة المنسوب الى الامام علي بن ابي طالب (ع)؟ وما الذي يمكن ان يضيف ما يقال الان لكل ما قيل وما اثير حول الكتاب من جدل ونقاشات على مدى ألف عام او بين مشككين او داعمين او مؤولين؟
هذه الاسئلة وغيرها طرحها الباحث عبد الهادي البابي في الامسية التي اقامها له نادي الكتاب وحملت عنوان (المهمل عمدا والمتروك قصدا من كتاب نهج البلاغة)والتي قدمه فيها الباحث حسن عبيد عيسى الذي بدا الامسية بقوله ان ليس ثمة كتاب على مدى التاريخ اثير حوله جدل وحظي بنقاشات على مدى الف عام غير نهج البلاغة المنسوب الى الامام علي بن ابي طالب (ع) فالناس منقسمون بصدده بين مع وضد..بين داحض ومؤيد..بين منكر ومؤكد..ويضيف ان هناك فريقا من الداحضين يرى ان الشريف الرضي في القرن الخامس الهجري هو الذي وضعه وان مواده تحوي ثقافة تلك الحقبة من عمر الخلافة العباسية وهناك من يقول ان الشريف المرتضى هو واضع النهج لكي يكون موقفهم اقوى باعتداد ان المرتضى كلامي ويتهم بالاعتزال..ويمضي بقوله ان الجاحظ وهو من الشق المتشدد من المعتزلة يعترف انه تعلم البلاغة من ابي تراب..في حين يقول معتزلي آخر اقل تطرفا هو ابن ابي الحديد الذي تولى شرح النهج انه من محبرة واحدة هي محبرة علي..وتساءل عيسى هل لعلي بن ابي طالب نصوص ادبية عدا نهج البلاغة حتى يعد اديبا؟..الجواب كلا وان ياقوت يقول ان عليا لم يقل غير بيتين من الشعر،فلماذا عده اديبا وترجم له في عداد الادباء؟..
الباحث عبد الهادي البابي تحدث وتشعب لأن المحاضرة لا يمكن اختصارها على مذهب من حديث واحد لكنه بالمجمل يمكن ان نحدد سمات المحاضرة اولا عن التجديد في فهم النصوص متسائلا منذ البدء:لماذا نسعى للتجديد في الخطاب الديني..وعلى من تقع مسؤولية التجديد في الخطاب الديني.. وما هو المراد من التجديد عادا المسؤولية (اليوم) بالدرجة الأساس تقع على المثقف .. ثم يسال مرة أخرى: لماذا تقع مهمة التجديد على المثقف ، وما علاقة التجديد الديني بالثقافة ، والثقافة هي الفن والموسيقي والشعر والأدب..فما علاقتها بتنقية التراث الديني؟ ويجيب البابي : لأن الثقافة هي الخط الدفاعي الأخير الذي بقي صامداً ضد الهمجية والبربرية والأيديولوجيات المتطرفة التي بدأت ليس فقط بتهديد الثقافة ومحوها بل بتهديد الحياة نفسها ، ولإن الثقافة هي الجامع لكل أمنيات ومشتركات وتطلعات الشعوب دون تمييز، فالشعوب تلتقي وتتحاور بالثقافة الإنسانية ولا تلتقي بالأديان ، بل ربما تتصارع وتتقاتل بسبب الأديان ولكنها لا تتقاتل بسبب فهم وتبيان الثقافة والفكر والحوار..ويشير البابي بأن أهم معاضل ومشاكل التراث عندنا اليوم هو الدين ..تأويل الدين ، تفسير النصوص الدينية ..تحميل هذه النصوص وتسويقها للمجتمع..لي أعناق النصوص الدينية وتوجيهها لغايات ومنافع ربما سياسية أو نفسية أو اعتقادية ..بل تعدت ذلك وأصبحت تُسّوق كأدوات قتل وإبادة بشرية لامثيل لها في التاريخ الإنساني.. ولكن الإشكال الأساس في هذا الأمر بحسب وجهة نظره هو كيف نفهم الدين وكيف نتصور الدين بصفة عامة...حيث يرى العلماء المتنورون المجددون بأن الأصل في الدين هو الأخلاق ..والأصل في الأخلاق هو المقاصد والحكمة من التشريع بصفة عامة ..فإذا ما اعتبرنا المقاصد هي المبدأ وهي المنطلق فلا بد أن تتغير نظرتُنا لحرفية هذه النصوص التي عادة ما يتمسك بها لغايات معينة كما أسلفنا ..ويمضي بقوله:ينبغي علينا كباحثين ومثقفين أن نتناول الدين والتراث - تفسيراً وتأويلاً- باجتهاد متطور باستمرار مع تطور أسبقته وظروفه الحضارية..فالتأويل والتفسير اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين لا ينبغي أن يُقبل بأي حال من الأحوال أن يكون هو نفسه التأويل الذي كان في القرن الأول الهجري ..ويجب أن تكون مسؤولية من يقوم بالتجديد مشدوداً للنصوص في صفائها اللغوي وفي ما اكتسبته البشرية اليوم من تطور وتحضر ، وليس التعامل مع هذه النصوص بالطريقة التقليدية ..ويرى البابي في النقطة الثاني في توضيحه من غرض المحاضرة هو أن لا وجود لأي خلاف أو معارضة أو تهجم عدائي أو كلام سيئ في خطب الإمام علي (عليه السلام) التي وردت في كتاب نهج البلاغة لا للخلفاء ولا للصحابة ولم تكن عند الإمام وجود نيّة تمسك بالخلافة أو وجود أية إشارة إلى اغتصاب معلن للخلافة ..ويبين انه لكي يفهم أصحاب الخطاب الديني الطائفي اليوم الذي جّر البلاد إلى صراعات طائفية ومذهبية وتدخلات خارجية وتمزيق اللحمة الوطنية العراقية أنهم يسعون ويعملون ويفعلون على عكس ما كان يسعى إليه الإمام علي (عليه السلام) لجمع كلمة ووحدة المسلمين ورص الصفوف من أجل إعلاء كلمة لا اله إلاّ الله محمد رسول الله ، حتى وإن كان ذلك تنازلاً عن حقه .. ام النقطة الثالثة التي ركز عليها البابي هي إن موروثنا التراثي الإسلامي أصبح اليوم مثل الأرض الحرام المليئة بالألغام والمفخخات والعبوات الناسفة ..أصبح أرضاً منتخبة للموت والخراب وتقطيع الرؤوس والأوصال وقتل الإنسان .. نتمنى أن نكون قد وفقنّا ولو بإزالة لغم واحد من ألغام التراث وإحداث ثغرة ولو صغيرة في شبكة الألغام المخيفة التي ورثناها من هذا التاريخ والتراث المخيف علنا ننفذ منها لقلب الطرف الآخر.
وطرح الاديب علي لفته سعيد تعريفا جديدا للتاريخ مفاده ان التاريخ أعور وصاحب فتنة ..ولذلك فنحن ننقاد الى ما هو اقرب الى عقيدتنا مرة والى ما يمكن الا يمحو منها الذائقة التاريخية ولذلك نسارع الى انتقاد الاخر الذي يخالفنا ولا نتقبل منه ما يقوله وهو ما جعل هناك دائما فكرا مضادا..ورأى سعيد ان المحارة انقسمت الى قسمين الاولى التعصب والارهاب والثاني الحديث عن نهج البلاغة وهو ما يمكن ان نحاكم عليه لماذا كل هذا التشكيك في التاريخ العربي؟. الكاتب كاظم الرومي قال ان كل التخصصات العلمية والاكاديمية لها منهاج ودروس وكتب يعتمد عليها فالمهندس مثلا او الطبيب والعسكري وغيره ولكن لم نجد لمتصدي الخطاب الديني وخاصة الشيعي منه خطوطا عامة لرجل الدين عندما يعتلي المنبر فنراهم كل يدلو بدوله حسب اجتهاده وهذا بعض الاحيان يزوغ عن الهدف الاسمى للتوضيح للمتلقي مفاهيم الاسلام السامية بل البعض يدخل في بعض الخرافات التي ليس منها سند ما يولد لدى المتلقين صورا غير سليمة عن الاسلام الاصيل في القرآن والسنّة ، اذا لابد من وضع برمجة سليمة او منهاج تقريبي ثابت لخطباء المنابر .
جميع التعليقات 1
الكاتب عبدالهادي البابي
شكراً للشاعر والقاص الأستاذ علي لفته سعيد ..والشكر موصول إلى جريدجة المدى الغراء لنشر هذه الأمسية المهمة ..