اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > إشكالية التأصيل والهوية في المسرح العربي (1-2)

إشكالية التأصيل والهوية في المسرح العربي (1-2)

نشر في: 25 أغسطس, 2015: 12:01 ص

 تشكل الهوية المسرحية ، مصدر قلق للمشتغلين بالفن المسرحي في الوطن العربي، على الرغم من أنه بدا مقلدا للغرب  بصيغة [ذهب افرنجي مسبوك عربيا، تأصيله، هويته، خصوصيته، تلك المشكلة التي تؤرقنا، منذ تعرفنا إلى المسرح من بيت مارون النقاش، إلى الان

 تشكل الهوية المسرحية ، مصدر قلق للمشتغلين بالفن المسرحي في الوطن العربي، على الرغم من أنه بدا مقلدا للغرب  بصيغة [ذهب افرنجي مسبوك عربيا، تأصيله، هويته، خصوصيته، تلك المشكلة التي تؤرقنا، منذ تعرفنا إلى المسرح من بيت مارون النقاش، إلى الان تلك المشكلة (التأصيل) لم نجدها تؤرق الغرب، ولم تكن معضلة عندهم، لأن الغرب اهتم بكيفية إيجاد الوسائل والطرائق لتطوير المسرح.

 

طرح الدكتور علي عقلة عرسان، رأيا مفاده ، بأن المصريين هم أول من عرف المسرح قبل اليونانيين، مؤكدا بان النشأة الأولى والريادة كانت على أيدي المصريين، إلا أن اكتمال بنيانه، وترسيخ هويته تمت على يد الإغريق( أما المسرح كفن له تقاليد وأعراق ومميزات خاصة، له فعالية معينة تتم بأساليب اداء محددة، فلم تبدأ بعض ظواهره الموفقة إلا عند المصريين القدماء، ولم تكتمل هويته ويتكامل بناء نصوصه الدرامية، إلا عند الاغريق ، على الرغم مما يوجد من انفصال بين النشأتين) .
لكننا لو عدنا الى بدايات المسرح الاغريقي ، فسنجد بان الإغريق لم يتحدثوا عن شيء اسمه المسرح، إلا من خلال التراجيديات، كان هناك حديث عن طقوس على شكل احتفالات دينية وعقائدية، تقدم فيها القرابين للآلهة، ومن ثم بدأنا نتلمس المسرح مع ثسبس الايكاري.
بمعنى ان التطور الطبيعي للطقس هو من رسخ المسرح، بعد انتقاله من صيغة الاحتفال العفوي، الى الشكل المسرحي الذي وصلنا، وهذا ما لا ينطبق على ما جاء به عرسان.
يأتينا رأي مغاير تماما لما جاء به عرسان، وهو للباحث العراقي فوزي رشيد، الذي اثبت مستعينا بالوثائق والدلائل ان مهد المسرح لا هو مصري ولا إغريقي، بل عراقي( وان اليونانيين اقتبسوه من العراق القديم. وان الأسطورة الشهيرة المكتشفة في العراق "نزول إينانا الى العالم السفلي" هي أول نص مسرحي مكتشف حتى الان في العالم، ولم يكن للقراءة فقط وإنما للتمثيل أيضا)،وأضاف بأنه اكتشف نصا مسماريا في مدينة آشور يعود الى 800 سنة قبل الميلاد وهي تمثيلية أخرى بطلها "الاله مردوخ" وهذا كله قبل أن يعرف اليونانيون المسرح.
ومع عرسان ورشيد، يتأكد الأرق العربي المستمر، حول الدهشة الأولى للمسرح، لكن هل هذا هو المهم؟ لأنه لو صحت طروحات الاثنين، فلماذا إذن لم تكن هناك تراجيديات حقيقية، كما هو الحال عند الإغريق؟
هذا في الحضارات، ولكن أينه في الإسلام وما قبل الإسلام؟ وهل عرف الإسلام والعرب المسرح؟ مارسوه؟ أم أن الدين رفضه و منعه، من ضمن رفضه للتصوير ومن ثم التمثيل؟
عزا زكي طليمات سبب عدم تعرف الإسلام الى المسرح، الى حياة البداوة والترحال قبل الإسلام، وعدم استقرارهم في مكان ، وهذا ساهم كثيرا في عدم استقرار التمسرح، الذي يحتاج إلى بيئة مستقرة، واستمرارية ، حتى يتشكل ويتطور، هذا الرأي غير دقيق، وقد ينطبق لحياة ما قبل الإسلام، لكن بعد الاسلام، كان هناك استقرار، و كانت دمشق في زمن معاوية عاصمة كبرى، ونفس الشيء يقال عن بغداد في زمن العباسيين ، التي كانت مركزا ثقافيا مهما، وايضا كانت هناك التعازي الحسينية، التي تحمل كثيرا من الحمولات الدرامية، وتتجسد فيها كثير من العناصر التراجيدية كحدث مأساوي، اذن لماذا اجهضت؟
هل كان الإسلام هو السبب أم الإسلاميون ؟؟ لان الدين كما ذكرنا قد منع التصوير ومن ثم التمثيل؟ لكن هذا ما لا يؤكده القرآن، بل فقط تحريم للعبادة الوثنية. ام لغياب الصراع مع الالهة كما هو عند الإغريق؟
عرفت الحياة العربية كثيرا من الأحداث والصراعات، التي كان من الممكن ان تخلق تراجيديات عربية ، تضاهي التراجيديات الإغريقية، لو استثمرت بالشكل الصحيح، من خلال توظيفها دراميا، ومن ثم تجسيدها، معارك المسلمين، غزواتهم، من اجل ترسيخ الدعوة الإسلامية، كانت مادة مهمة لخلق منجز تراجيدي مهم.
كتاب فن الشعر لارسطو الذي (ظل مهملا في خزائن الدولة البيزنطية عصورا مديدة حتى اكشتفه العرب في القرن العاشر الميلادي، وقام بترجمته المترجم السيرياني "متي بن يونس القنائي" بنقله الى العربية) ، لم يفهم العرب طروحاته ودلالاته إلا في القرن التاسع عشر. هل كان ذلك سببا بعدم تطور المسرح العربي أيضا؟ أم ان الجسد العربي وتحرره ، والنظر إليه كتابو، بوصفه آية هو السبب؟ أم إن المجتمع رسخ ذلك المفهوم (التابو)؟ أو الإسلاميون كما يسميهم المفكر محمد اركون، قد غالوا بطروحاتهم الإسلامية، ما بين المقدس والمدنس؟ ومن ثم أصبح المجتمع برمته تحت تلك السيطرة الفكرية، التي تحرم الفن ، كونه ينشر الفسوق كما حدث مع أبو خليل القباني.
المسرح والإسلام
الدعوة الإسلامية لاقت مقاومة شرسة من القوى التي تؤمن بتعدد الآلهة، وعبادة الأصنام، هذه القوى كانت تستعمل الموروث اللاشعوري القديم ، بعبادتها للآلهة، وأيضا إيمانها بتعدد تلك الآلهة ، مثل، إله الخصب ، إله العشق، إله الحرب، وغيرها من الآلهة، هذا الموروث هو الرابط الحقيقي لأبناء الجزيرة العربية، منبع ارتباطه الحياتي بالآلهة، فهي التي تسير له أموره، يستشيرها بتجارته، سفره، وفي حله وترحاله وبكل شيء يُقدم عليه.الدعوة الإسلامية جاءت لمحاربة هذا السلوك والموروث ، من خلال التعريف بالإله الواحد الأحد، ومحاربة الوثنية ، لهذا سعت بقوة لتهديم كل تلك المظاهر وإلغائها، وكل من يقف بوجه هذا التغيير (الدعوة)، فتمَّ الهدم، وضربت بلا هوادة من اجل ذلك التغيير والدعوة التي جاء بها الإسلام.
هُدمت الأصنام ، الآلهة المزيفة المعبودة، هدمت المعابد ، ولم يبق أثر لها، مطالبة الجميع الإيمان، بدعوتها وعبادة الواحد الأحد ، على الرغم من أن الله عز وجل يقول (لا تقل عبدتُ ، وإنما آمنت)، ليس هناك معبود سواه ، وكل ماعدا ذلك هو إشراك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram