TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لكي لا تضيع البوصلة

لكي لا تضيع البوصلة

نشر في: 26 أغسطس, 2015: 09:01 م

في الاسبوع الخامس تواجه الاحتجاجات الشعبية انعطافة مصيرية قد تمتص زخمها او حتى تؤدي لانهائها بطريقة وأخرى. فبعد ان كان دخول الاحزاب والكتل السياسية، على خط الاحتجاجات، خجولا ومواربا وشخصيا مفضلا التماهي مع شعارات المتظاهرين، فان هذه الاطراف اليوم تدخل باسمائها وشعاراتها واجنداتها المعلنة.
يخشى، والحال هذه، ان تؤدي مشاركة عناوين سياسية وحزبية، في تظاهرات الجمعة، الى فتح الباب واسعا امام استعراض القوة وتحويل صراع الكواليس الى صراع مفتوح ومعلن على الارصفة والساحات العامة. وهنا يتساءل البعض ما الذي يمنع المتضررين من تظاهرات البصرة او النجف او بابل من اللجوء لاستخدام سلاح الشارع للرد على الحملات التي يتعرضون لها في ظل احتجاج مدني لا يتمتع بظهير قوي ولا مظلة سياسية ولا امنية سوى خطب جمعة النجف وبعض المواقف الخجولة التي يعلنها رئيس الحكومة.
صحيح ان ساحات التحرير مفتوحة ومتاحة لجميع العراقيين من كل لون وطيف، الا ان المخاوف قائمة من مصادرة فضاء الاحتجاج من اصحابه الحقيقيين، ولو بنحو رمزي، وهذا ما قد يؤدي لاحباط الجمهور واعادته الى الصمت مرة اخرى.
كان يجب على الاطراف السياسية التي تعتزم تسجيل حضورها في ساحات التحرير، القيام بخطوات اسهل واسرع واكثر وضوحا، كوضع استقالة وزرائها تحت تصرف رئيس الوزراء، ورفع الغطاء عن مسؤوليها الفاسدين، او حتى التخلي عن مواقعها التي حصلت عبر المحاصصة القائمة منذ 2003.
المتغير الآخر الذي تواجهه الاحتجاجات المدنية / غير الحزبية، هو سعي بعض وسائل الاعلام المحلية والاقليمية لمصادرتها وتسويقها للمخاطب العربي وغير العراقي بوصفها "ثورة" ضد نفوذ هذه الدولة او تلك وتندرج ضمن صراع المحاور الذي تشهده المنطقة. هناك مؤشرات واضحة بامكان المراقب رصدها واكتشاف محاولة، الجهات التي تقف وراءها، لاختطاف الصوت العراقي المستقل واستخدامه كأداة لابتزاز اطراف داخلية وحتى حكومية، مستغلة بذلك عدم انتظام صفوف المتظاهرين "غير المتحزبين"، واختلافهم الواضح حول سلم الاولويات، وامتناعهم عن بلورة قيادة واعية ذات مصداقية.
لقد اضاع "الاحتجاج المدني" الوقت كثيرا، عندما انشغل بالشعار واهمل توحيد الصوت والقيادة، واخرى عندما انشغل بالصراعات والمعارك الجانبية عن بلورة رؤية وطنية، "لا شرقية ولا غربية"، تعبر عن تطلعات ساحات واعلانها عبر مؤتمر صحفي بعيدا عن صخب التظاهرات.بعد اسبوع ساخن شهد اعتداءات عدة مورست ضد متظاهري البصرة وبابل وكربلاء بهدف اخافتهم وثنيهم عن تصعيد احتجاجهم، وقد نجحت هذه المساعي نوعا ما، يتوقع ان تشهد الاسابيع المقبلة نزول الاحزاب الى الشارع جنبا الى جانب المواطن المحتج على هذه الاحزاب ذاتها للتحكم بمسارات الاحتجاج وتوجيهها ضد الخصوم او ربما ايقاف زخم الاصلاحات التي طالت مصالحها.
هنا تحتم اللحظة التاريخية على الحراك "غير الحزبوي" تمييز نفسه وشعاراته عن الآخر الذي سيشاركه في ساحة الاحتجاج في الفترة المقبلة، وعدم الانشغال بالجدل البيزنطي الذي يستنزف قواه ويشتت رؤية انصاره ويحبط اصدقاءه ويغري اعداءه. يحتاج الحراك المستقل معرفة ان الاهم من الاصلاح والاحتجاجات هو بلورة قائمة مطالبات تتصف بالواقعية والدستورية، وبخلاف ذلك فان اي ورقة لا تراعي هذين الشرطين ستكون مضيعة للوقت والجهد ليس الا.
وفي ظل الاستقطاب الحاد الذي نشهده، فان رئيس الوزراء العبادي مدعو للاستمرار بامساك عصا الاصلاحات من الوسط، وعدم الخضوع لابتزاز الفرقاء، او الانجراف وراء مشاريع تسويقه كبطل وطني بامكانه تجريف الحياة الدستورية وهياكل الدولة بـ"تفويض" غير مكتمل الشروط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بايدن: اتفاق غزة بات أقرب من أي وقت مضى

خرائط وبيانات ملاحية ترصد 77 خرقاً "إسرائيلياً" لأجواء أربعة دول عربية منذ تهديد إيران

مشعان الجبوري يخاطب "السيادة": اعتذروا والا

أمر قبض ومنع سفر لـ"زيد الطالقاني"

برلماني يكشف آخر مستجدات منصب رئيس البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: في قراءة قانون الأحوال الشخصية

قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

العمودالثامن: لماذا يطاردون النساء ؟

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

 علي حسين لم يكن الشيخ محمد رضا الشبيبي مجرد سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، بل كتاباً غنياً لحقبة من الزمن الجميل، كان الشبيبي يريد دولة تقوم على العقل والأخلاق السياسية والاجتماعية وكرامة الإنسان، كان...
علي حسين

كلاكيت: عماد حمدي.. المسطول الذي رثى مسيرته

 علاء المفرجي إذا ما سلمنا أن الممثل عادة هو من صنع المخرج، فأن انطلاقة الفنان عماد حمدي كانت من تلك الفورة الكبيرة في السينما المصرية ومن نشاط المنتج (شركة أو افراد) التي كانت...
علاء المفرجي

قرنان من التشيع والحوزة في العراق.. من 1722 إلى 1922

علي المدن شاهدت الحلقة التي أعدها الأستاذ أحمد الحسيني على قناته في اليوتيوب وكان عنوانها (صراع قم مع النجف.. هل اقترب ظهور المرجع العراقي). وهي حلقة غنية بالمعلومات تنم عن جهد كبير بذله الحسيني...
علي المدن

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

هادي عزيز علي اعتمد الفقهاء المسلمون الاحكام الظنية التي تتسع فيها دائرة الاجتهاد اذ استنبطوا منه الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي فيما لا نص فيه للوصول الى قواعد عملية تتعلق بادارة الشان العام بما...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram