TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نريدها.. سلمية

نريدها.. سلمية

نشر في: 28 أغسطس, 2015: 09:01 م

في كل مرة نعود لنتذكر غاندي .هذا الرجل ضئيل الجسد وعاري الرأس والصدر لكنه الوحيد الذي انتشل الهند من خضوعها للاحتلال وقادها الى الاستقلال والحرية دون ان يطلق رصاصة واحدة ..كان لغاندي فلسفة تقول بأن اللاعنف هو اعظم قوة في متناول البشرية ، وهو اقوى من اعتى اسلحة الدمار التي وضعتها براعة الانسان ..لذا عمل على تحريك عقول الهنود البسطاء منهم والمثقفين ليقاوموا الفقر الذي هو اسوأ انواع العنف بمحاولة اخراج المحتل وبناء الهند ، ونجح الرجل الضئيل وتمكن بفلسفته السلمية ان يوحد بين مئات الطوائف والاديان الهندية بان يجعل ( الهند ) قبلة صلاتهم الوحيدة ...
في تظاهراتنا التي تحاول ان تكون سلمية ويشارك فيها من يدعو الى ذلك بقوة ، بدأت تظهر اختراقات هنا وهناك ومحاولات لإفشال الدعوات السلمية بنداءات عنف ان لم يكن من المندسين الذين تحركهم جهات واحزاب وكتل يهمها ان تفشل التظاهرات وبالتالي تخيب مطالب المتظاهرين ، فقد تكون من الجهات الأمنية ذاتها التي بدأت تقابل بعض التظاهرات بالعنف كما حدث في بابل ، على اعتبار ان العراقيين محاصرون بجوعهم وفقرهم ومصاعب معيشتهم ولن يفضلوا الموت بلا طائل في التظاهرات وإغلاق ابواب رزقهم وزيادة عدد اراملهم وايتامهم ..لكن هذه النظرية ربما لن تجد من يقتنع بها الآن بعد ان قررالعراقيون ان يسيروا في طريق المطالبة بالحقوق حتى لو قوبلوا بالعنف فقد تساوى لديهم الأمر وصار الموت على ارصفة التظاهرات افضل بالنسبة لديهم من الحياة كالأموات ..
في مامضى ، كانت احدى الامهات تستقبل ولدها الوحيد المدلل وهو مصاب في رأسه او جسده جراء حجارة يرميها به احد ابناء الحي الاشقياء ..كان كل ماتفعله هو إغلاق الباب وتضميد ابنها وإقناعه بأن يبتعد عنهم ويتجاهلهم ..مع مرور الايام ، صاروا واثقين انهم مهما تحرشوا به وسببوا له الالم وضحكوا عليه ، لن يصدر عنه رد فعل عنيفاً فأمعنوا في إيذائه وكانت والدته تخشى عليه منهم وتقنعه بأن يتجاهلهم ، لكن شعور الابن بأنه صار موضع سخريتهم واستغلالهم قاده الى الانتفاض عليهم وهكذا جمع اصدقاءه واقاربه ولقنهم درسا قاسيا ...لابد ان نعترف هنا ان العنف يقابل بالعنف وحين يشعر المتظاهر السلمي بأن هناك من يتجاهله او يسخر من مطالبه او يتعمد ايذاءه فقد يهمل دعواته السلمية ويخوض في وحل العنف الذي لن يسفر إلا عن دمار شامل ....
مع تواصل التظاهرات ، لابد ان ندعو كما دعا غاندي من قبل إلى نبذ العنف وإلى التعاطي بسلمية مع القضية سواء من قبل المتظاهرين او القوات الامنية وحتى الكتل والاحزاب والجهات التي يهمها إفشال التظاهرات، فإطلاق شرارة العنف في العراق سيدفع ثمنها الجميع والحل يكمن في تحقيق مطالب المتظاهرين من قبل صاحب التفويض الأكبر لربما تصبح ( ثورة ) العراقيين على الفساد (ثورة سلمية)...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram