اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > على الباغي تدور الدوائر

على الباغي تدور الدوائر

نشر في: 31 أغسطس, 2015: 12:01 ص

بغداد / المدى
ترقرقت الدموع في عيني الشقيقين ... تظاهرا بالتماسك ولكن بمجرد ان انصرف الطبيب وابتعد عنهما خر الشقيقان وتهالك كل منهما على اقرب مقعد ... ولم ينطق اي منهما بكلمة واحدة وانما اكتفيا بتبادل نظرات الحسرة على حال شقيقهما الاكبر الذي كان بال

بغداد / المدى

ترقرقت الدموع في عيني الشقيقين ... تظاهرا بالتماسك ولكن بمجرد ان انصرف الطبيب وابتعد عنهما خر الشقيقان وتهالك كل منهما على اقرب مقعد ... ولم ينطق اي منهما بكلمة واحدة وانما اكتفيا بتبادل نظرات الحسرة على حال شقيقهما الاكبر الذي كان بالنسبة لهما الاب الذي ضحى بحياته من اجل تعليمهما ومد لهما يد العون حتى اصبحا رجلين معروفين في المجتمع ... مشهد الحزن الصامت انتهى بسرعة بمجرد وصول الحاجة زوجة شقيقهما الاكبر ورفيقته في رحلة كفاحه ... مسح الشقيقان دموعهما بسرعة قبل ان تفضحهما امام زوجة شقيقهما الكبير ... واقتربا منها محاولين تهدئتها وطمأنتها على حال اخيهما .

 

عقارب الساعة كانت تشير الى تمام الساعة التاسعة مساءً ... احد مسؤولي الاستعلامات اقترب من الحاجة زوجة المريض واشقاءه وطلب منهم مغادرة المستشفى خاصة وان مواعيد الزيارة انتهت ولا فائدة من وجودهم لان المريض في غيبوبة وفي العناية المركزة ... رفضت الحاجة مغادرة باب غرفة العناية المركزة قبل ان تطمئن على حالة زوجها ... توسلت الى الطبيب المشرف على غرفة العناية المركزة ان تلقي ولو نظرة على زوجها ... وبعد شد وجذب سمح الطبيب للحجية بالقاء نظرة سريعة على رفيق العمر لم تستغرق سوى ثوان معدودة ... وبعدها انطلقت الزوجة الباكية مع شقيقي زوجها لتغادر معهما المستشفى . 

طوال الطريق الى منزلها... لم تكف الحاجة عن البكاء رغم محاولات اشقائه المفوض المتقاعد والمعلم من تهدئتها وطمأنتها ... وبمجرد ان وصلت الى بيتها ونزلت من السيارة ... توقف المفوض المتقاعد بسيارته في فرع جانبي من شارع الربيعي وشرد بذهنه بعيدا ، لم يفهم المعلم سر توقف شقيقه (م) بالسيارة فجأة ... ولا سِر شروده وصمته الرهيب ... سأله : ليش وقفت ... امشي راح اتأخر على بيتي ..! 
أجابه (م) ... اسمعني زين يا (ص) ... اخونا الكبير راح يموت ... وانت تعرف زين حجم ثروته التي يملكها ... من اراضي وعقارات .. وعمارات وغيرها ... سوف يترك هذا كله لزوجته الحاجة واولاده ... واحنا راح نطلع بوش ولا نأخذ فلس واحد!
كلمات (م) المفوض المتمرس في التحقيق والتزوير ادارت رأس شقيقه المعلم (ص) الذي شرد بذهنه لبعيد هو الاخر ثم قال في اسى : تخيل يا اخي انا لم افكر بذلك ابداً ولم يخطر ببالي ما تقوله ... اجابه المفوض ... اعتقد اننا نملك الوقت المناسب ... يجب ان نفكر في مستقبلنا ومستقبل اولادنا ... مو صحيح!
-نعم ... ولكن ماذا نعمل ... وماذا نسوي ؟
-لا .. احنا ... عندنا الوقت الكافي لعمل ... نستطيع ان نضمن فيه مستقبلنا ... اسمع كلامي زين .. خطوة خطوة ... اني وياك مو طماعين بثروته فقط نأخذ قطعتي الارض التي يملكها في الزعفرانية بجانب المعمل الذي يملكه .. اعتقد هذه الارض تسوه الملايين ... بالاضافة الى مليارات الدنانير التي تورثها الحاجة واولادها ... وين راح يصرفوها !!
ادار المفوض المتقاعد (م) محرك سيارته وانطلق مع شقيقه المعلم (ص) عائدين الى المستشفى المختص بالامراض القلبية ... وبعد محاولات مضنية سمح لهم رجل استعلامات المستشفى بالدخول الى شقيقهما الراقد في غرفة العناية المركزة وما ان تركهما الطبيب للحظات حتى اخرج المفوض (م) ورقة بيضاء من جيبه وسلمها الى شقيقه الكبير وسلمه قلما وطلب منه توقيع الورقة بعد ان اوهمه بان الورقة تعود الى مصاريف رقوده في المستشفى ومصاريف العلاج لهذا اليوم ... لم يشك المقاول الثري (ع) بالامر ... وقع على الورقة دون ان يقرأها ... وبصعوبة بالغة قال لشقيقيه الصغيرين اللذين وقفا امامه جملة واحدة ..
- زوجتي (الحجية) واولادي امانة في رقبتكم!
ربت الشقيقان على كتف اخيهما الكبير وطمأناه ... وغادرا غرفته قبل ان يكتشف الطبيب المسؤول الهدف من زيارتهما الغريبة لشقيقهما المريض .
بعد يومين ... انطلقت صرخات الحاجة داخل ردهة المستشفى معلنة وفاة زوجها المقاول الثري بعد صراع مضن مع المرض ... وبكى الشقيقان (م و ص ) على وفاة اخيهما الكبير وتلقيا واجب العزاء في جادر كبير نصب امام بيته واكدوا للجميع انهما فقدا اباً وليس أخا لهما .. ولم تمض سبعة ايام على الوفاة حتى توجه المفوض (م) برفقة شقيقه المعلم (ص) الى منزل شقيقهما الراحل ... وسلما زوجته ورقة تنازل زوجها على قطعتي الارض الكامنة في الزعفرانية لهما ... لم تطمئن الحاجة ذات الخبرة الواسعة بتلك الورقة التي سلمها لها شقيقا زوجها ... رفضت تلك الورقة لان زوجها وأب اولادها كان يخبرها بكل صغيرة وكبيرة ولم يخبرها بتنازله عن قطعتي الارض لهما ... ثم هاجت وتكلمت بعصبية معهما ونهرتهما بشدة وراحت تذكرهما بالخير الذي يعيشان فيه بسبب اموال شقيقهما الكبير الذي كان لهما بمثابة الاب ... كذلك الاموال التي انفقهما عليهما وعلى زوجتيهما واولادهما على مدار السنوات الماضية ... وثار المفوض (م) والمعلم (ص) في وجه ارملة شقيقهما الراحل حتى لا يزيد من شكوك الحجية في الامر ... وهدداها باللجوء الى المحاكم للحصول على تلك الارض .. ولم تمانع الحجية بذلك ... وقالت لها باعلى صوتها .
- على الباغي تدور الدوائر !..
وركب المفوض والمعلم رأسيهما وانطلقا الى المحكمة واقاما دعوى على الحاجة طالبا فيها أرملة شقيقهما بالاعتراف بورقة التنازل ! وعقدت المحكمة المختصة جلساتها ونظرت بهذه الدعوى ... ونفت الحجية مزاعم شقيقي زوجها الراحل واكدت ان زوجها المتوفي لم يوقع تلك الورقة وطعنت بالتزوير في هذا المحرر الذي قدمه الشقيقان للمحكمة !
واحيلت الورقة الى مديرية التحقيقات الجنائية للكشف عن صحة التوقيع وتأريخه ... وجاء تقرير المديرية مؤكدا ان الورقة تم توقيعها في توقيت معاصر وهو ما يعني ان الشقيق المتوفي وقعها وهو على فراش المرض وقبل الوفاة بيومين! لتقضي هيئة المحكمة برفض الدعوى واحالة المفوض وشقيقه الى محكمة الجنايات بقضية تزوير وادعاء كاذب للوصول الى مال الغير !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram