إذا كنت أستوعب جيدا ما أقرأ من اخبار هذه البلاد العجيبة والغريبة ، فإن هناك ناحية في محافظة بابل اسمها "الكفل" كانت هذه الناحية في الماضي نموذجا للتنوع الذي كانت عليه بلاد الرافدين قبل ان يقرر ساستها ان لامكان فيها ، سوى لاصحاب الخطاب المتشدد.. اليوم هذه الناحية تعاني من وضع خدمي حولها الى قرية من قرى العصور الوسطى.
من حيث المبدأ، يجب أن تكون الكفل تابعة لمحافظة بابل، لكن السيد مدير الناحية شأنه شأن الباحثين عن كرسي دائم يعتقد ان هذه الناحية تتبع دولة اخرى غير العراق ، ولهذا هو قرر وببساطة ان يشطب بعلامة "اكس" على قرار المحافظة بالغاء المجالس المحلية، فالرجل يعتقد ان الناحية تعيش ازهى عصورها بفضل خططه التنموية، وعليه فان قرار ازاحته يعد تعديا صارخا على امن واستقرار الناحية ونهضتها، لكن الرجل لم يخطئ، فقبله نواب رئيس الجمهورية اعتبروا قرار عزلهم مخالفا لارادة الجماهير التي لا تنام الا وهي تضع صورهم تحت "الوسادة" .
في غضون ذلك يُعرض علينا كل يوم فريق من البرلمانيين خطب وشعارات حان الاوان لان نسميها "شعوذة" ، حرصا على قيمة الخطاب السياسي ، نعم شعوذة و"نص" وسوف توافقونني على ذلك بعد ان تعرفوا ان معظم النواب صوتوا امس على "رجاحة" فكر وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، لكنهم ما ان عثروا على اول ميكرفون حتى وجدناهم جميعا يصرخون بصوت واحد ان البرلمان "انتحر"
هل هناك أفظع من موت عشرات العراقيين غرقا، وتشريد اكثر من ثلاثة ملايين مواطن؟ قد تقول: انها اميركا سبب البلاء، ولكن قبل ذلك عليك ان تعرف ان رئيس كتلة الدعوة بالبرلمان ، لايزال يهدد بقطع يد كل من يشير باصابع الاتهام الى القائد العام السابق للقوات المسلحة، إذن، الاصوات التي تطالب بمحاسبة المقصرين هي التي يجب ان تخرس، فلنترك هذه المسألة الآن ونتقدم إلى الامام فقد اخبرنا صالح المطلك قبل ليلتين: "ان القفز على التوافقات السياسية يخلق اجواءً لضرب المؤسسات الوطنية" على اي حال عرفنا الان ان المطلك يعد "رمزا وطنيا"، وفي أي حال، عندما يتعلق الأمر برمز وطني، فان اي خبر يمس "فخامته" يعد مأجورا ومغرضا حتى وان كان عن قصر قريطم.
فمتى يفهم المواطن العراقي أنها ليست مسألة خراب بلد؟! ابدا، انها قضية رموز وطنية ، وكل ما هو مطلوب منك عزيزي المواطن أن تموت غرقا او هتافا ، وهو على اي حال ليس طلبا صعبا.
المسافة بين الكفل و قريطم
[post-views]
نشر في: 30 أغسطس, 2015: 09:01 م