اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعد غرق الطفل إيلان

بعد غرق الطفل إيلان

نشر في: 5 سبتمبر, 2015: 09:01 م

لم تكن صورة الاسلام والمسلمين خارج المنطقة العربية بالسوء الذي عليه اليوم، لقد هزت صورة الصبي السوري الغريق على شواطئ تركيا إطار صورة الدين بقوة، وسيترتب الكثير على ذلك. ستخسر الأمة العربية –الاسلامية الكثير من عقائدها وثوابتها إن تغاضى المسؤولون عن ذلك. سنخسر ديننا وتأريخنا وثقافتنا ، فقد أثمرت جهود بن لادن والزرقاوي والقاعدة وجبهة النصرة وأخيراً ابو بكر البغدادي وداعش في رسم صورة اخرى للدين الاسلامي. المسلمون والعرب منهم بالذات يعيشون عصر انحطاطهم الحقيقي. أما موقف رجال الدين والدول العربية والاسلامية من واقعة الهجرة فهو الصورة الأكثر سوءاً في المشهد.
لقد أصبح الدين طارداً، ولا يقولنّ أحدٌ بان القائمين عليه هم السبب، فالنصوص المقدسة وكتب الحديث وتأريخ الفتوحات ومدونات السير لا تدعم الرأي هذا. من يتصفح كتبنا في آلية نشر الدين والتبشير به وتعاملنا مع أهل الذمة لا يستمع لدفاعنا. لقد تهالكت حججنا من حولنا. نعم، سيكون كل حديث في تحبيب الدين والدعوة له قد أخفق نتيجة لما نمر به اليوم من أحداث. أنا شخصياً أعتز بكوني عربي مسلم، لكني احاول أن لا أظهره امام غير العربي المسلم. إذ بم سأجيب لو سألني أحدهم السؤال التقليدي: ترى لماذا لم يذهب الفارّون من جحيم الحرب في سوريا والعراق إلى إيران او السعودية او دول الخليج المسلمة ؟ هل أقول كما قال أحد المسؤولين هناك: بان بلاده رفضت دخول السوريين الفارين لأنهم يعانون من أمراض نفسية؟
في مقالتي هذه أضع رجال الدين والمعنيين بالشأن العربي الاسلامي في مواجهة المسؤولية تماماً، وهي لعمري ما لا يتوجب عليهم التخلي عنها. صورتنا في بلاد الغرب مشوهة تماماً، لوننا وملامحنا أسباب حقيقية لنبذنا والنظر الينا بشزر وريبة، لدينا شعور قاتل بالدونية. ولم يعد النفط مسوّقاً لإنسانيتنا وثقافتنا، لم تعد الصحارى التي تحيط بلادنا قبلة للسائح الباحث عن الصفاء والتأمل. انتهت صورة عصرنا الذهبي التي كانت تقول بحبنا للفكر والموسيقى والفلسفة. هم يفتشون في معارض المستشرقين عن صور الجواري والغلمان الذين جلبهم اجدادنا من بلاد الروم والعجم والاسبان سبايا وأسارى، ويظهرون لنا صور بناتهم في أسواق النخاسة عاريات مقيدات، فقد أعاد الخليفة ووالي العراق والشام القريشي البغدادي الصورة كاملة من خلال السبايا الإيزيديات.
ذات يوم قامت الدنيا على أحد المفكرين الاسلاميين التونسيين حين قال بضرورة احترام الكتب الاسلامية المقدسة، بما فيها القرآن من خلال عدم عرضها وتداولها في حوارنا اليومي مع الآخر غير المسلم، فقد اقترح تخزينها في رفوف عالية، وحفظها في اماكن بعيدة، تليق بها كنصوص كانت مأثورة ذات يوم، لأنها غير صالحة في حوارنا ومن أجل ان لا تكون حجة علينا، او نافذة لرفضنا كبشر أسوياء، حين نريد مشاركة الناس الحياة والأمل والحب والسعادة. إذ كيف سيتسنى لنا ذلك ونحن نُسمعهم مثلاً (إن المشركين نجس...) وها هي المستشارة الالمانية المشركة (ميركل) تبكي اطفالنا الغرقى وتؤوي ملايين المهاجرين المسلمين الفارين من حربنا مع أنفسنا، حربنا التي نقتل فيها بعضنا بسبب خلافاتنا التي لم نحسم امرها منذ 1400 سنة، حروبنا التي ما زالت تؤججها مفردات النصوص المقدسة هذه. فيا أنصارنا إلى الله من أجل دين الله سارعوا وفكروا في الأمر فالمستقبل لا ينبئنا بما هو خير .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو أثير

    يمكن لدول عديدة تدعي ألأسلام والقتال في سبيل الدين ألأسلامي والمذهب كالسعودية ودول الخليج وأيران ودول أسلامية في جنوب شرقي آسيا كماليزيا وسنغافورة بأستقبال المهاجرين الشباب وألأستفادة من طاقاتهم وأغلبهم يحمل الشهادات والخبرة العلمية أي أنهم لن يكونوا عالة

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram