TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سلطة" ابو الطوبة"

سلطة" ابو الطوبة"

نشر في: 8 سبتمبر, 2015: 09:01 م

الجيل السابق من العراقيين من هواة لعبة كرة القدم، شكلوا فرقهم، ومنحوا شارة الكابتن الى مالك الكرة، ابو الطوبة الذي يتمتع بصلاحيات واسعة، فهو يختار التشكيلة، يضع الخطة المناسبة لتحقيق الفوز على الفريق الخصم، على الرغم من قناعة جميع اعضاء الفريق بانه يجهل اصول اللعبة، وان قيادته ألحقت بالفريق خسارات متكررة، فقد على اثرها سمعته في الساحات الشعبية.
يوم كان دخل الفرد العراقي لا يتجاوز الخمسين دينارا شهريا ، برز نموذج " ابو الطوبة" في الاحياء الشعبية البغدادية، فهو الوحيد القادر على دفع ثمن الكرة، فشكل فريقا حمل اسمه واتخذ من مقهى الطرف مقرا له. حصوله على صفة الممول المالي، منحه سلطة عريضة فاصبح قائدا يمتلك حق اصدار القرارات، يعاقب معارضيه بالإبعاد من الفريق وحرمانهم من اللعب مدى الحياة.
ابو الطوبة المعروف بين زملائه بانه من اسرة ثرية، يختار الاقوياء ليسخرهم للدفاع عنه في حال تعرضه الى هجوم مباغت من الطامحين بسرقة دراهمه، فكان صاحب سابقة في تشكيل جناح عسكري، يرافق الفريق حين يتوجه الى ساحة شعبية تقع خارج الحي. من مهمات الجناح العسكري الاخرى الحفاظ على "نعل" اللاعبين وحاجياتهم، وفي بعض الاحيان يكلف الجناح العسكري بإيعاز من ابو الطوبة بشن صوله على الحكم لمنحه الفريق الخصم ضربة جزاء غير صحيحة.
بمرور الزمن اختفى "ابو الطوبة" من المشهد، ترك الساحة الى اخرين انتحلوا صفة القادة السياسيين، بتشكيل تنظيمات، اعتمدت التمويل الخارجي او اموال الزعيم الجديد شبيه ابي الطوبة بفرض نفوذه وسلطته بالقوة، وامتلاكه جناحا عسكريا مزودا بأسلحة ثقيلة وخفيفة ومعدات حديثة، تتفوق على القدرات القتالية للقوات المسلحة، يحتاج الى طائرات مقاتلة ليصبح قوة اقليمية تخشاها الدول الكبرى. ظهور نموذج ابو الطوبة في الساحة السياسية، منذ اكثر من عشر سنوات، اصاب المعادلة العراقية بخلل مزمن، تحتاج الى المزيد من الوقت لكي تستعيد توازنها بشكل يبدد مخاوف الاخرين وقلقهم من عواقب الامور حين يتسع نفوذ ابو الطوبة السياسي، فيما تشهد البلاد تداعيات امنية، مصحوبة بخلاف عميق حول الكثير من الملفات العالقة الشائكة بدءا من بلورة المواقف تجاه مفهوم المصالحة، مرورا بترتيب علاقات جديدة تخدم المصالح الوطنية مع دول الجوار، وانتهاء بإلغاء ثوابت اعتمدت في سنوات سابقة جعلت الاداء الحكومي والسياسي يتراجع الى الوراء، بجهود من استعار شخصية ابو الطوبة.
الجناح العسكري التابع لأي تنظيم سياسي بإمكانه اليوم ان يشن صولة للإطاحة بحكم الساحة لأنه تحيز للفريق الفلاني على حساب الآخر، قد تؤدي الصولة الى تدخل التحالف الدولي والخضوع ثانية لطائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، ومن كايلك تلعب طوبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram