من يحمل ارثا معماريا وفنيا ضخما يحيا في فكر كل من يتأمل ويرى الابداع العربي في اعمال المعماري والفنان العراقي "محمد صالح مكية" الذي غيبه الموت عن عمر ناهز مئة عام في مستشفى كوليجي بالعاصمة البريطانية لندن في 19 تموز 2015 ، وبعد عمر حافل بالابدا
من يحمل ارثا معماريا وفنيا ضخما يحيا في فكر كل من يتأمل ويرى الابداع العربي في اعمال المعماري والفنان العراقي "محمد صالح مكية" الذي غيبه الموت عن عمر ناهز مئة عام في مستشفى كوليجي بالعاصمة البريطانية لندن في 19 تموز 2015 ، وبعد عمر حافل بالابداعات المعمارية. هو من مواليد 1914 بغداد.
خاض الحياة برؤية هندسية ثاقبة جمع فيها باقات من مساجد متفرقة منها جامع السلطان قابوس الاكبر، وجامع الخلفاء في بغداد، وبوابة مدينة عيسى في البحرين ، ومقر جامعة الدول العربية في تونس، والمسجد الكبير في الكويت، وجامع تكساس في أمريكا ، وجامع روما في إيطاليا، ومسجد الخلفاء، وكلية التربية في باب المعظم ، ومكتبة ديوان الاوقاف ببغداد، ومبنيي مصرف الرافدين في الكوفة ، وفي كربلاء ، ومسجد الشيخ حمد في البحرين؛ ، ومسجد الصديق، وأعد تصاميم لمسجد الدولة الكبير في بغداد وجامعة الرشيد في ضواحي بغداد، وغيرها من الاعمال الهندسية التي تتميز بروح الشرق والمدية العربية وتأثيرها على قيمة المكان والحس الحضاري بقيمه الهندسية وابتكارته الجمالية التي تحمل في فنها المعماري روعة الفكر العربي في تكريث هذا الفن الحضاري المحاكي للبيئة العربية التي احتضنها معماريا بذوق عربي ذي نكهة عراقية حيث ادخل الاشكال التقليدية في الهندسة المعمارية الحديثة، وحصل مكية على وسام التميز في شهر شباط من عام 2014 من ملكة بريطانيا إليزابيث، حيث تم تسليمه الجائزة من قبل تشريفات القصر الملكي البريطاني باكنغهام برسالة خاصة بعثتها الملكة.
جدلية الفن والعمارة في اثار المعماري "محمد صالح مكية" بقيت قيد اسلوب تميز بالقديم الجديد والحداثة بفهم معاصر وتقنية لم يفرض فيها رؤية واحدة او قناعة زمانية ومكانية مرتبطة بالمدينة التي نشأ فيها بل واكب التطور، وترك في كل عمل لمسة تقليدية زادت من قيمة العمل المعماري او الفني وبفلسفة معمارية تطرح الف سؤال وسؤال في الفكر الهندسي المرتبط بالفن المعماري وقدرته على التنوع الجغرافي او السوسيولوجي المتوافق مع النظرة الاسلامية في فن المعمار المحافظ على عمق الفهم الهندسي في الشكل الذي يعكس مجموعة القيم والمفاهيم الحضارية التي يؤمن بها " محمد صالح مكية " وعمل على ابرازها في كل اعماله التي تحمل لمسة رجل مبدع رحل عن الحياة وترك فيها ما يثير جدليات واراء في الهندسة المعمارية وحتى التشكيل.
بين فن العمارة الإسلامي وبين فنون العمارة الغربية الحديثة نجد اكثر المفاهيم غرابة من حيث التمسك بالاصالة ومزجها بروح التراث العربي والاسلامي محافظا بذلك المعماري" محمد صالح مكية "على جغرافية الشكل المعماري بتطوير الاجزاء ودمجها مع الكل ضمن مفهوم الحداثة المعاصرة الملتزمة بالبيئة العربية ومدنها التي باتت تفقد جزءا من هويتها العمرانية حيث كانت تمثل جزءا من التاريخ الحضاري المرتبط بالوجود الماضي الحاضر دائما في الاثر العمراني لكل حضارة سابقة جمع منها قيمة الخطوط والزوايا والحركة المقاومة للزمن اي تلك التي تبرهن عن حيوية الجماد في هندسة معمارية جمعت من التراث ما هو قديم وجديد، وبجمالية الفكر الانساني الممسك بالحضارات ومفاتيح رؤيتها التي تواكب الزمن خصوصا في المساجد الكبرى التي تحمل في تصميماتها هندسة معمارية من نوع خاص.
في السنين الاخيرة عقد الكثير من المحاضرات والندوات منها في، "ديوان الكوفة" الذي احتضن الثقافة والفنون وسط حاضرة العالم لندن، فكان الديوان بمثابة صلة وصل بين الجاليات العراقية والعربية وهو الذي قال " أوصيكم ببغداد، المدن تمتلك روحها، وهي روح يمكن تلمّسها، شمها، الشعور بها، بكل مكان، بغداد عزيزة وغالية، وعندما غادرناها مضطرين قبل عشرات من السنوات عرفنا أن شيئاً من ذواتنا علق هناك على ضفاف دجلة، في الأزقة، والمقاهي، والشناشيل، والساحات”.فهل يرحل الفنان عن دنيا ترك فيها روح فكره وجمال وجدانه ورقة لمسته؟