خلال احتفالية اُقيمت في دار ثقافة الأطفال للاحتفاء بالأطفال المتخرجين من الدورات الصيفية ، قدمت المخرجة العاشقة لمسرح الطفل الدكتورة فاتن الجراح مسرحية للاطفال بعنوان (وطن آمن ) كانت قد قدمتها قبل سنوات خلال فترة العنف الطائفي وأعادت تقديمها الآن، لأن الوطن مازال بحاجة الى ان يصبح آمنا ليعيش فيه الاطفال حياتهم بشكل حقيقي ..بعد ان انتهت المسرحية اعتلت المخرجة خشبة المسرح لتحيي ابطال مسرحيتها الاطفال وانهمرت دموعها الصادقة وهي تستذكرعددا من الابطال السابقين الذين قدموها قبل سنوات ..كانوا خمسة اطفال مسيحيين أبعدتهم ظروف العنف عن وطنهم وما عادوا بيننا ...كان ذنبهم أنهم مسيحيون وكان مصيرهم الغربة التي تبكينا في كل مرة وهي التي أعادت المخرجة ذاتها الى وطنها بعد سنوات طوال حققت فيها الكثير في الخارج لكنها عادت لتقدم شيئا للطفل العراقي وما زالت تقف أسبوعياً في ساحات التظاهرات لتصنع عالماً أجمل له .
في أماكن اخرى، وبرغم وصول جثتي الطفلين العراقيين الغارقين في البحر حيدر وزينب الى العراق وما تسبب به ذلك من ألم لكل العراقيين ، ما زالت مكاتب إصدار وتجديد الجوازات تغص بالمراجعين وعمل متعهدي السفر والهجرة يزداد ازدهاراً، فقد استشرت الرغبة في مغادرة البلاد كالوباء في اجساد العراقيين وماعادت ارض الوطن تمدهم بالحنان والأمان ..يذكرني هذا التناقض بأغنية كان ينشدها الجنود السوفييت في الحرب العالمية الثانية ..تقول الأغنية :
إذا فقد الجندي ساقيه في الحرب .. يستطيع معانقة الأصدقاء ..
إذا فقـد يديه ..يستطيع الرقص في الأفراح ..
وإذا فقد عينيه ..يستطيع سماع موسيقى الوطن ..
وإذا فقد سمعه ..يستطيع التمتع برؤية الأحبة
وإذا فقد الانسان كل شيء ..يستطيع الاستلقاء على أرض وطنه..
أما إذا فقد أرض وطنه.. فماذا بمقدوره أن يفعل؟!
بعد أن تدفق المهاجرون العرب على بلاد الغرب ... حاول العالم الغربي إيصال رسالتين للعالم العربي.. إحداهما تقول بأن الغرب هو مصدر الإنسانية والداعي لها بصدق والدليل على ذلك دموع ميركل ومبادرة رئيس وزراء فنلندا بمنح منزله الريفي للاجئين السوريين ووعود رئيس وزراء السويد لطفلة تود مساعدة اللاجئين بأن يعمل على مساعدتهم ومطالبتها بأن تستقبلهم بحب ...أما الرسالة الثانية فقد عبّرت عنها صحفية مجرية نقلت مواقع التواصل الاجتماعي طريقة تعاملها مع اللاجئين، إذ كانت تعرقل مرورهم بقدمها وهم يركضون ليسقطوا على الارض وكانت الصورة الأبرز اسقاطها رجلا يحمل طفلا يقال انها فقدت وظيفتها بسببها ..لكن هناك صحفية مجرية اخرى كانت تضرب اللاجئين وهم يحاولون الوصول الى منطقة جنوب المجر وكذا فعلت الشرطة في مقدونيا فالرسالة وصلت مهما كانت نتائجها وهي ان بعض الغربيين لا يريدون للعرب ان يدخلوا أراضيهم ولا عجب أن يفكروا هكذا فوسائل الإعلام الغربية تصور لهم العربي والمسلم خصوصاً إرهابياً ..
مهاجرونا العراقيون يوجهون بدورهم رسالة لكل سياسي أسهم في إبعادهم عن وطنهم ، فهجرتهم وسط البحر والموت ومخاطرتهم بحياتهم وحياة أبنائهم تقول لكل سياسي لا يعرف قيمة الوطن إنهم لم يجدوا فيه الأمان ولا الحنان وقد لا يجدوا فيه أرضاً يستلقون عليها حين يفقدون كل شيء فمن يدري ؟ ربما تم بيع ارض الوطن ايضا ضمن صفقة فاسدة من صفقاتهم السياسية !!
دمـوع صادقة
[post-views]
نشر في: 11 سبتمبر, 2015: 09:01 م