مناجيات مع هيرمان هيسة 8
بعد رحلتك الى الهند ، عدت لتجدد نفسك عبر الرؤى التي تراءت لك في آسيا، لكنك صرت ذلك المكتئب الحزين لفشل زواجك كفنان مبدع من زوجة لا تتورع عن تعذيبه بطلب المال والسكن في مدينة تختارها هي، ثم تصاب زوجتك بمرض عصبي وتودعها في المصح ويمرض ابنك الصغيرمرضا كاد يودي بحياته ثم تبعت ذلك وفاة والدك كيف واجهت الحياة والزمن وكل تلك الآلام الفظيعة؟
- في البدء استسلمت لاكتئاب شديد كاد يدمرحياتي ثم خضعت للتحليل النفسي وتكفل بذلك برنهارد لانغ تلميذ يونغ الذي اعاد وضعي على الطريق الصحيح للحياة، وفتح أمامي مسار التحليل النفسي الذي استفدت منه في أعمالي كلها.
- نجحت روايتك الأولى (بيتر كامنتسند) وتبعتها بكتابة روايتك الجميلة (دميان) خلال الحرب العالمية الاولى والتي قال عنها توماس مان "انها كهربت جيل العائدين من الحرب وأنها بدقتها البالغة مسّت عصب الحياة".
- كانت (دميان) عن مشكلة المراهقين الذي يقتلعون من أحضان عوائلهم ويلقى بهم في مواجهة الحياة والحرب واكتشاف الذات والمرأة العرافة الناضجة.
- هناك شخصيتان نسويتان مؤثرتان في روايتيك "ذئب البراري" و "دميان" أيهما الأقرب الى روحك والتي تركت تأثيرها في حياتك ونظرتك الى العالم؟
- الحقيقة لقد وضعت كل أحلامي في المرأة الخالدة أم ماكس في رواية (دميان) ، جعلتها المرأة الناضجة مرتدية السواد العرافة الخالدة ، منحتها الصوت العميق الدافئ، الذي يتشربه المرء مثل خمرة حلوة ، وجعلت وجهها هادئا بعينين سوداوين عميقتين لا يسبرغورهما ، ومنحتها شفتين طريتين ناضجتين وجبينا صافيا يوحي بالعزم.
- نعم أنت جعلتها عرافة لأنها ما أن رأت صديق إبنها حتى عرفته : انت سنكلير ولديك العلامة على جبينك.
- سنكلير الذي هو أنا - قبل يديها وقال لها :أظن انني كنت أمشي طوال حياتي وأنني وصلت الآن الى بيتي.
- المرأة المعشوقة العرافة قالت له : المرء لا يصل بيته أبدا ـ ولكن حيث الطرق المتآلفة تتقاطع مع العالم كله يبدو للمرء كأنه البيت لوهلة قصيرة.
- تبدت المرأة لسنكلير كأنها المصير- مصيره الشخصي - وشعر أن الأمر سيكون واحدا سواء ستكون أماً أو معشوقة أو إلهة - يكفي أنه وجدها وهي حاضرة في العالم.
- لكنه لم يقتنع بل سألها : يا أمي ، هل الطريق صعب بنفس القدر على كل انسان؟
- لم تمنحه جوابا شافيا ، قالت إن الولادة صعبة دائما ، أنت تعرف أن الفرخ لا يخرج من البيضة بسهولة ، الطريق صعب ولكنه جميل أيضا
لا يوجد طريق أجمل وأسهل.
- سنكلير قرينك يرد عليها : لقد كان الطريق صعبا جدا حتى أتى الحلم.
فتقول له بحزم يفزع سنكلير: يجب أن تعثر على حلمك وعندها يمسي كل طريق سهلا ، وأعرف أنه ليس ثمة حلم يدوم إلى الأبد ، كل حلم يعقبه حلم آخر، وعلى المرء أن لا يتعلق بحلم محدد.
- ترى هل كنت تشير إلى رعب الإنسان وطلائع النذر المفزعة التي تلوح له في الغد ؟؟
- أجل كانت إشارتها للحلم مروعة ، لكن سنكلير يفاجئها بقوله " إنه يتمنى دوام حلمه إلى الأبد فهو مصيره" فترد عليه (فراو إيفا) ينبغى أن تبقى مخلصا لحلمك.
- وإذن كان اسمها إيفا – حواء ،إنها المرأة الكونية، الأم والمعشوقة والإلهة معا.
يتبع