"لديّ الكثير من الأسرار التي ستُحدِث مشكلة كبيرة في الوسط الكروي لكن لن أبوح بها الآن وسأنتظر أي تصريح مُثير من يونس ضدي لكشفها"! عبارة وردت في سياق حديث اللاعب الدولي السابق باسم عباس لقناة الرياضية العراقية بعدما كشف جوانب خفية من علاقة يونس محمود بأعضاء المنتخب قبل وأثناء بطولة أمم آسيا 2007، ولا يُعرف بعد الرسالة التي يُراد تعميمها من خلال كشف المستور لأحداث جرت قبل ثماني سنوات وسر توقيتها مع أية بطولة مهمة يخوضها منتخبنا نراهن على استقرار لاعبيه ذهنياً ونفسياً ليصلا الى الكمال الفني مثلما نطمح اليوم في سعيهم نحو نهائيات كأس العالم 2018.
الحق يُقال لم يكن باسم عباس أول الفاضحين لأسرار الكرة العراقية في عهدها ما بعد 2003 وسبقه عماد محمد وصالح سدير وهوار ملا محمد، وغالباً ما تتكرر راوياتهم عن ثلاث شخصيات فقط هم: أكرم سلمان وعدنان حمد ويونس محمود ولم يطعن أي منهم بحمد سوى عماد محمد الذي أعلنها بالفم المليان أن اتحاد الكرة باع مباراتنا مع قطر في تصفيات كأس العالم 2010 وحمد أسهم في ذلك من خلال تسهيل دخول طبيب من خارج الوفد الرسمي - مقيم في الإمارات - ليحقن عدداً من اللاعبين بمادة الأوزون وفي النتيجة حمّله مسؤولية الخسارة بهدف والإقصاء من التصفيات.
الواضح في جميع القصص إن أبرز نجوم جيل آسيا 2007 لم يزل يعانون عُقدة خفوت الأضواء الدولية بعدما اصبح الرواة أنفسهم خارج خدمة الوطني الذي لولاه لما عرفهم أحد ولما تغيّرت أحوالهم ولما صاروا محط اهتمام الإعلام الرياضي ما بعد مغادرتهم الساحة الدولية، فما الغاية من كشف المستور إن كانت حقائقه لا تخدم المرحلة الراهنة التي يعيشها المنتخب ؟
لم نسمع عن إنجرار قصي منير ونور صبري وعلي رحيمة ونشأت أكرم وحيدر عبدالرزاق ومهدي كريم وكرار جاسم وحيدر عبدالأمير وجاسم غلام وغيرهم في مسلسل كشف المستور ليس لأنهم غير قادرين عن الحديث أو يخشون تبعاته ،بل لأن أجواء المعسكرات وتفاصيلها الدقيقة تبقى في إطار ذكريات حبيسة ماضٍ كانوا شهوداً عليه وتناغموا مع وقائعه بحلوها ومرّها كأسرة واحدة من الممكن أن يُطلِعوا الناس عنها في مذكرات شخصية توثق ما يستحق من أحداث بسرد مهني وأخلاقي، أما أن يغتنموا نقطة الاختلاف في مسألة ما ليطعنوا بعضهم البعض امام الجمهور فذلك غير مقبول، وتوقيته يضرّ المنتخب وهو أحوج الى نصائحهم لزملائهم الشباب على وجه الخصوص لتفادي معضلات فنية بدلاً من توجيه سهامهم الى قائد المنتخب بفضح مصالحته الصورية مع هوار ملا محمد واتفاقه مع رئيس اتحاد الكرة الأسبق حسين سعيد لإبعاد الكابتن حيدر عبيد وإحراجه عدنان حمد في عدم المشاركة أساسياً في مباراة قطر ومنحه المال للاتحاد لتمشية متطلبات معسكر الصين، هذه المعلومات إن كانت صحيحة أو مُبالغ في روايتها أو كاذبة لا تستحق أن تُثار اليوم إلا لأغراض ليست خفية على الجميع في ظل استمرار يونس محارباً بموهبته الفذة وقتاليته الجسورة بطلب من مدربيه برغم تعددهم لاسيما الأجانب الذين لا تربطهم به أية مصلحة سوى إنجاح مهامهم بحسم المباريات.
فات على كاشفي الأسرار أبطال آسيا أنهم لم يخدموا المنتخبات وحدهم ، وسبقتهم تشكيلات لأبطال كُثر مثـَّلوا اللعبة عبر خمسة عقود ذاقوا ويلات ظروف البلاد في إفلاسهم وفقرهم المدقع تارة وفي بطشهم وإذلالهم في العقوبات والمعاملات غير الإنسانية تارة أخرى لكنهم أبداً لم يطعنوا في ما بينهم برغم المصائب التي تعرّضوا لها من بعض لاعبي المنتخبات والمؤامرات التي اُحيكت لهم وصل بعضها الى كتابة تقارير خطيرة تقطع الرقاب!
دعوة للزملاء القائمين على البرامج الرياضية مُعدّين ومُقدمين أن يُسهموا في تضييق الأزمات، ونشر روح التسامح بين الرياضيين، وعدم نشر الغسيل الوسخ على طاولات حواراتهم المخصصة لتقديم وجبات النقد النظيف لمنتخباتنا الوطنية، فالمفخرة الحقيقية أن يكون الإعلام بيتاً للمّ شمل الفرقاء لا وكراً لتصفية حسابات الأعداء!
مستورك في ضميرك
[post-views]
نشر في: 12 سبتمبر, 2015: 09:01 م