استذكره نادي الشعر في اتحاد الادباء والكتّاب العراقيين ضمن منهاجه الثقافي الاسبوعي السبت الماضي الشاعر الراحل عقيل علي في ندوة تضمنت الحديث عن تجربته الشعرية ولمحات من سيرته الذاتية حيث عاش حياة صعبه بين التسكع والعمل والخمرة في موجة من الهوس والتمرد
استذكره نادي الشعر في اتحاد الادباء والكتّاب العراقيين ضمن منهاجه الثقافي الاسبوعي السبت الماضي الشاعر الراحل عقيل علي في ندوة تضمنت الحديث عن تجربته الشعرية ولمحات من سيرته الذاتية حيث عاش حياة صعبه بين التسكع والعمل والخمرة في موجة من الهوس والتمرد. كان معتداً بنفسه, صمته المتكبر المشفوع بممارساته الشعرية، جعل مشاعره المتألمة تتحول الى واقع مشع من القوة والإيمان الشعري بالقصيدة ذات الوصف لجراح العراق وسنوات الحروب وقمع السلطات، وكانت ايامه الأخيرة الأكثر تشرداً وفقراً ومرضاً، فقد قضاها نائماً على ارصفة الطرقات. لذا وصفه مقدم الجلسة النقاد علي الفواز بالشاعر الاستثنائي في حياته وشعره، والمثير للجدل واللغط في تفاصيل يومياته وقلقه وحتى في موته. مبيناً انه ولد في محافظة الناصرية نهاية الأربعينات، لكنه هاجر نحو بغداد حاملاً الكثير من صناديق الغناء التي ما لبثت حتى تفجرت على الأرصفة والزوايا محاولة ازالة غبار الناصرية وتتلبس قميص الولد البغدادي الذي شاه، فحضرت القصيدة بديلاً عن توهانه محاولة ان تعلمه السكنى في الجوار، لكنه اصر على ان يكون شائهاً حتى موته عام 2005.
في حديثه ، اشار الاعلامي والكاتب كريم شغيدل الى ان سنوات الثمانينات عرفته بالشاعر عقيل علي شاباً خجولاً انيقاً وسيماً متساوياً مع نصه أي تفاصيل حياته الصامتة تشكل ملحمة اشعاره. لافتاً الى انه ظاهرة شعرية قبل ان يتحول الى ظاهرة اجتماعية، بمعنى انه ظهر بمثابة نص مكتمل لم يتدرج في التنقل من العمودي الى الحر ثم قصيدة النثر كبقية ابناء جيله، كما لم يتدرج من الهامش الى الرسمي او بالعكس. وقال: ولد نصه مشاكساً متوحداً مع ذاته وتمرده على الاشياء السائدة والنمطية الشعرية. ولم ينخرط فيما انخرط به اقرانه من انتماءات حزبية وآيديولوجية، وبصرف النظر عن ما اذا كان منتمياً او لا، فان نصوصه بيضاء كطحين المخابز الذي غلف حياته من بيادر الحنطة الى المطحنة، ايضاً كان شعره من بيادر المخيلة الى بيادر اللغة، ومن ثم رغيف الشعر. منوهاً الى انه كان خبازاً قبل ان يكون شاعراً.
فيما بين الدكتور احمد مهدي الزبيدي ان خصوصية عقيل الشعرية لا تشبه شاعراً آخر فهو يكتب لنفسه، وحتى التحولات التي جاء بها الشعراء ونادوا عبر ما نسميه بالاجيال الشعرية لم يكن عقيل منضوياً تحتها. مشيراً الى ان شعره غاب عنه نسق الفحولة والصياغة البلاغية العربية، وايضاً غياب النسق القومي والوطني، فلم يتحدث عن بغداد او الجنوب او النخلة، كما لا نجد ذكراً لنهري دجلة والفرات وهي معطيات كثر استعمالها لدى الشعراء العراقيين.
في مداخلته ، بيّن الناقد بشير حاجم ان عقيل علي لم يكن ظاهرة اجتماعية بقدر ما هو ظاهرة شعرية، فهو يكتب القصيدة ويمضي تاركاً للمتلقي تحليلها والحكم عليها. وقال: عقيل علي برغم انه رحل مبكراً الا انه افضل بكثير ممن هم ما زالوا على قد الحياة لحد الآن.
واشار الشاعر زعيم نصار الى انه عرف الشاعر عقيل علي من خلال العدد الخامس لمجلة (الكلمة) وقد كان عددا خاصا بشعراء جيل السبعينات. مبيناً ان جميع الشعراء الذين ضمهم العدد كانوا ينطلقون من ايديوجيا قومية بعثية، الوحيد بينهم هو عقيل علي ينشر قصيدة بعنوان (الخراب) مع شهادة قصيرة مركزة عن مفهومه للشعر. وقال: تابعت عقيل من خلال قصائده حتى التقيته في محلة الاسكان في الناصرية وكان يعمل خبازاً في عام 84 فاندمجنا معاً وحدثني عن تجربته الشعرية.