TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هيرمينا.. امرأة الحياة وذئب البراري

هيرمينا.. امرأة الحياة وذئب البراري

نشر في: 19 سبتمبر, 2015: 09:01 م

مناجيات مع هيرمان هيسة 9

 

ذئب البراري ، وبعضهم ترجمه الى العربية – ذئب السهوب او ذئب البطاح – او ذئب البوادي ، عزم - وهو يبحث عن ذاته - في لحظة من لحظات الألم واليأس من العالم والبشر أن ينهي حياته ، ولكنه يلتقي بامرأة تفتنه ، فتاة جميلة ذكية لم يكن يعرف شيئا عنها ، يشتري لها زهرتين من زهورالأوركيد الثمينة ويلتقيها في الحانة ، لا يعرف اسمها لكنها تلعب معه لعبة التخمين المراوغة : هل تخمن ما هو اسمي؟
وعندها تبدأ لعبتك التي تمارسها في جميع كتبك ، لعبة اقحام اسمك في النص وإن لم تقحم الاسم كاملا فإنك تستخدم حروفك هـ. هـ.
يقول لها الرجل الذئبي المستوحد : لو كنتِ صبيا لقلتُ لك ان اسمك هيرمان ..
فتقول المرأة المغناج معابثة : من يدري لربما كنت صبيا في ثياب امرأة..فيبادرها الرجل : إذن اسمك هيرمينا ؟؟
كان تخمين هاري صحيحا : انها هيرمينا ، صنوك الأنثوي ، كان هاري منبهرا بسرعة تنقّلها هي امرأة المتع العابرة بين حالة الجدية الرصينة والمرح والضحك مثل طفل نزق... في هذا المشهد - أيها المبدع الماهر- تعقد علاقة غرائبية بين هيرمينا وهاري هالر الذي يسأل الفاتنة الجميلة: كيف نجحت في الظهور بمظهر صبي وجعلتني أخمن اسمك؟؟
تقول هيرمينا المراوغة : أنت من فعل ذلك . ألا تكشف لك ثقافتك أنني مصدر بهجة لك ؟؟ وانني أشبه بمرآة تعكس صورتك ؟ ببساطة أنا أملك شيئا يجد صدى عندك ،علينا جميعا نحن النساء والرجال أن نكون مرايا يعكس كلّ منا الآخر ونكون صدى وجوابا كلّ منّا للآخر .
هنا كنت أراك ، انت هيرمان هيسه وليس هاري هالر عندما هتف هاري مذهولا :-
- إن الأمر كما تقولين تماما ،ومع ذلك فنحن مختلفان ، بل أنك على طرف نقيض مني – لديك ما افتقر إليه ..
وترد هيرمينا عليك وعلى هاري هالر : هذا ما تريد أن تراه ولذا عليك ان تمتثل لأوامري لأنك من طراز الرجال الذين يودون ان يتلقوا الأوامر، ولهذا نشأت الصداقة بيننا، عليك تنفيذ اوامري وإلا ستندم ، وهي أوامر جميلة وسوف يسعدك ان تمتثل لها ، سوف تنفذ آخر أوامري..
ألست يا أستاذنا هيرمان هيسه كنت تتلبس شخصية هاري حتى الأقاصي وكنت تمتثل لأوامر الحياة ومتعها العابرة ؟
ولكن صوت هاري يسأل هيرمينا ، وماهي آخر أوامرك ؟؟
نعلم أنك حاولت الانتحار مرارا في منعطفات حياتك المضطربة وفي فترة اكتئابك ، فكنت تنقل تجربتك الى هاري هالر وهيرمينا التي تصفها بأنها بدت في مظهر شؤم وهي تعترف بأنها ليست حكيمة لكنها ستلعب مع هاري لعبة مقابل الحياة والموت – نوعا من مقامرة ثمنها موت أحدهما.
تعلن هنا عن رغباتك الشخصية التي ألبستها لهاري حين تفصح هيرمينا عن كونها أنقذت هاري من فم الموت ونبهته الى حياة جديدة تختلف تماما عن حياة المرأة الخالدة العرافة التي وجدها سنكلير في رواية "دميان" فهنا وجه المرأة البدائي، المرأة التي تجعل الرجال يقعون في غرامها لأنها تعتاش من هذه المهارات في الغرام العابر، تقول لهاري:
- انت تحتاج إلي لأنك انسان يائس وانا أحتاج إليك لكني لا أحب أحدا ، انت تحتضر ولا تجد من يعيدك للحياة ،سأعلمك ان تضحك وترقص وتعيش مع المرأة..
هنا تجعل الخلاص بالجنس والرقص خلاصا مؤقتا فالموت يتربص بالاثنين في لعبة الحياة والموت.
 يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram